لم يحدث أن حظيت حكومة بهذا القدر من الرفض الشعبي مثلما حظيت حكومة شرف.. فقد مرت شهور علي توليها المسئولية, ولم تفعل شيئا, فالانفلات الأمني لا يزال مستمرا, الأسعار تتزايد بجنون.. والاحتكارات مستمرة.. والحد الأقصي للأجور لم تحسمه الحكومة بعد.. والبورصة تنهار.. وعجلة الإنتاج تتوقف في كثير من المصانع.. والبطالة تتزايد.. وها هي حكومة شرف تستعد للرحيل خلال الأيام القادمة, لتحل محلها حكومة إنقاذ وطني. ويبقي السؤال: ما المهام العاجلة التي يجب أن تقوم بها الحكومة الجديدة؟.. طرحنا هذا السؤال علي الخبراء.. وإليكم التفاصيل: لا حكومة إنقاذ إلا بتصور شامل لحل متفق عليه من الجميع.. هكذا بدأ الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حديثه حول مهام حكومة الإنقاذ الوطني التي يجري تشكيلها حاليا, ومن الخطأ البناء علي ما هو قائم علي المسار السابق من حيث إجراء انتخابات الشعب في ظل وجود05% من العمال والفلاحين سيقومون باختيار أعضاء اللجنة التأسيسية لوضع الدستور, ومجلس شوري يجب إلغاؤه, فهو أمر خطير..ومن ثم نحن بحاجة الي حكومة إنقاذ تضع تصورا جديدا لكيفية إدارة ما تبقي من المرحلة الانتقالية, ونقل السلطة من الجيش الي المؤسسات المنتخبة بشكل حقيقي خلال مرحلة محددة, ووفق تصور محدد متفق عليه سلفا بين جميع القوي السياسية. حكومة ذات صلاحيات حقيقية والحال كذلك, فإن الحكومة القادمة يجب أن تحظي بوفاق عام, وصلاحيات ينتقل بموجبها الشأن الداخلي إليها, وأن تبقي مهمة إدارة الشأن الخارجي, وما يتصل بالأمن القومي المصري في يد المجلس الأعلي للقوات المسلحة, وأن تبدأ حكومة الإنقاذ بمفهوم جديد, وأن تكون لدي الأطراف المختلفة إرادة سياسية موحدة لطريقة إدارة ما تبقي من المرحلة الانتقالية.. إنجاز الانتخابات.. مطلب عاجل أما أبرز الملفات وأهمها علي الإطلاق خلال المرحلة الحالية والتي يجب أن تعمل عليها حكومة الإنقاذ كما يقول الدكتور عمرو هاشم ربيع رئيس وحدة الدراسات المصرية فهو إدارة الانتخابات, وفق معايير نزيهة وشفافة, بدءا من خروج الناخب من بيته آمنا للإدلاء بصوته, وتأمين المقار الانتخابية, بشكل يمكن الناس من التعبير عن آرائها بكل حرية, ليكون البرلمان القادم معبرا بشكل حقيقي عن كل طوائف الشعب, فضلا عن وضع حلول عاجلة للهم الاقتصادي والاجتماعي الذي يعاني منه الشعب خلال الأشهر الماضية التي أعقبت قيام الثورة في52 يناير الماضي. وبشكل قاطع, يري الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أن هناك مجموعة من الأولويات التي يجب أن تعمل عليها الحكومة القادمة, ويأتي في مقدمتها الملف الأمني, وتفكيك الاحتقان الفئوي, لا سيما أن كثيرا من قطاعات الشباب لا تزال تشعر بالتهميش, وتجاهل المجتمع لهم, مع أن الوطن قادر علي استيعابهم, وحل مشاكلهم من خلال مؤسسات دستورية مستقرة, وإصلاحات ديمقراطية حقيقية, ومجتمع يقوم علي المواطنة, وأن تكون هذه الحكومة ذات صلاحيات تنفيذية دون وضعها موضع المنفذ لإجراءات أو فرض إجراءات عليها أو دون التشاور معها أو باسمها دون أن تعلم, ومن الأهمية أن يكون لدي حكومة الإنقاذ تصورات محددة بشأن الملف الانتخابي, والذي يجب أن يسبقه استقرار أمني حقيقي ينفذ الدستور والقانون في شأن حماية المواطنين, وتوفير كل معايير النزاهة والشفافية لإنجاحها, ومنع الإنفاق الزائد, والشعارات الدينية في العملية الانتخابية. صلاحيات حقيقية لا شكلية ويتفق معه الدكتور عمرو حمزاوي الناشط السياسي ووكيل مؤسسي حزب مصر الحرية في أن حكومة الإنقاذ يجب أن تتمتع بصلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة لإدارة الفترة الانتقالية, علي أن يكون في مقدمة أولوياتها الملف الأمني, والاقتصادي, والإشراف الكامل علي الانتخابات حتي تكون ديمقراطية ونزيهة ومعبرة عن مختلف طوائف الشعب وفئاته, وتحقيق الاستقرار الاقتصادي, وتحسين أوضاع المواطنين الذين أنهكهم ارتفاع الأسعار, فضلا عن ملف تحديد المسئولية عن قتل المصريين في ميدان التحرير, وإحالة المرتكبين للمحاكمة. الأجور والأسعار والأمر لا يختلف كثيرا عما يراه أبو العز الحريري وكيل مؤسسي التحالف الشعبي الاشتراكي, فهو يري أن حكومة الإنقاذ يمكن أن تعمل علي محورين: الأول هو القضايا العاجلة ومنها الملف الأمني, ومواجهة الانفلات, والبلطجة, والبطالة, وتوفير المناخ الملائم لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة عن العمل, وتعديل دعم الطاقة الذي يستفيد منه حفنة من المستثمرين بما يتماشي مع الأسعار العالمية ما لم يتجسد الدعم في خفض الأسعار عن المستوي العالمي أو بما يقل عن قيمته, وتحديد أسعار السلع بالقيمة الحقيقية لإنتاجها أو استيرادها بهامش ربح معقول تطبيقا للمادة رقم(01) من قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار, والبدء فورا في تطبيق الحدين الأدني والأقصي للأجور, وقانون جديد للانتخابات يجعل من دوائر الجمهورية دائرة واحدة بحيث تمثل عملية التصويت كل الاتجاهات, والتيارات, والقطاعات من مختلف طوائف الشعب المصري علي مستوي الجمهورية, ومد فترة التصويت في الانتخابات علي4 أو5 أيام, لا سيما أن زمن التصويت المتاح حاليا لن يسمح إلا لنسبة تتراوح بين21% و51% بالتصويت. وقد يقول البعض والكلام مازال لأبو العز الحريري إن مثل هذه المهام قد لا تستطيع حكومة الإنقاذ إنجازها خلال هذه الفترة القصيرة, لكنني أقول إن الحكومة يمكن أن تعمل بجدية علي الملفات العاجلة, وأن تبدأ في الملفات الأخري لكي تعمل علي إنجازها الحكومة التالية لها, مؤكدا أن هناك فارقا كبيرا بين حكومة موظفين وسكرتارية, وحكومة تسير علي نمط الحكومات في الدول الأوروبية يكون لديها برنامج محدد واضح المعالم لتسيير أمور الفترة الانتقالية, ومن ثم يجب علي حكومة الإنقاذ العمل علي محاسبة قتلة الثوار, والفاسدين, ومهربي الأموال, والإسراع في تعديل قانون إفساد الحياة السياسية بما يجعل القانون يسري علي كل من تولوا المواقع القيادية في الحزب الوطني بأمانته, وتشكيلاته المختلفة, فضلا عن أعضاء المجالس المحلية, وقيادات المعارضة التي كانت توالي النظام السابق وتؤيده. [email protected]