حفر نجيب المستكاوي اسمه بحروف ذهبية في تاريخ النقد الرياضي كأحد الرواد صاحب الأسلوب الشيق والسهل الممتنع,وكما قال عنه عميد الآدب العربي طه حسين إنه الأديب الذي ضل طريقه نحو الرياضة في تقديمه لكتابه الأول في عالم الآدب أزمة الضمير الأوروبي وهو الكتاب الذي كان بمثابة الميلاد الأدبي للمستكاوي.. لقد أنشأ المستكاوي مدرسة جديدة وطريقة في النقد الرياضي والرصد والتحليل والوصف الذي لم يباره أحد, حيث حجز مساحات من الود والثقة بينه وبين القراء علي مدار نصف قرن فوق صفحات الأهرام ورغم وفاته منذ عشرين عاما إلا ان ألقابه ودرجاته وكتاباته الساحرة مازالت تمثل مقصدا هاما لأصحاب حملة الأقلام من أبناء النقد الرياضي ومع الاحترام لهم جميعا لم يصل أحدهم لسر الخلطة التي كان يقوم المستكاوي بتقديمها للقارئ في سطور مجده للحالة ولا أنسي ولا تنسي صفحات الرياضة بالأهرام ذوقه واستاذيته وأعود بالذاكرة لواحدة من أقوي الكلمات الرياضية التي جسد بها المستكاوي حال الكرة المصرية بالثمانينيات من القرن العشرين عقب هزيمة مخزية للمنتخب القومي الأول لكرة القدم من دولة مالاوي الناشئة في عالم اللعبة, حيث صدر مقاله في اليوم التالي بصفحة الرياضة بالأهرام بثلاث كلمات( حتي مالاوي أما بلاوي, لم أقرأ بلاغه ولارشاقة مثل هذا الاختزال المعبر وغيرها من المقالات والتحليل الذي قام المستكاوي به طوال مشواره منذ إبداعه وانشاء مدرسة الألقاب التي جاءت وصفا حقيقيا للأندية في مصر, فهؤلاء الشياطين الحمر وهناك العناتيل والعتاولة والاتحاد الصيفي والدراويش والتتار( الأوليمبي) والشئ بالشئ يذكر يوما ان فاجأ القراء قبل اللقاء النهائي1966 بمانشيت ولا أروع التتار يزحفون نحو القاهرة.. وكان الأوليمبي يستعد لملاقاته الأهلي في القاهرة وغيرها من آلاف المنشتات الجاذبة أما بالنسبة لألقاب نجوم ولاعبي الكرة فكانت بمثابة الوسام علي صدور هؤلاء النجوم هذا ملك التغطية وأحمد اضرب والفريجيدير والمايسترو والشيخ وعادل بنفيكا وأبوغزالة والمدفعجي الكهفي وبازوكا وجاجارين ونجوم السبعينيات الخطير والمجري وأوناسيس وحسن إنجرام وهكذا العديد من الألقاب التي كان ينتظرها النجوم اللامعون.. أما الدرجات التي كان يمنحها المستكاوي كأحد الخبراء والمنسقين والنقاد لايباريه فيها ناقد آخر.. لقد ظل المستكاوي رياضيا حتي النخاع منذ مولده وحتي وفاته نجيب المستكاوي أحد علامات الرياضة المصرية التي لن ينساه التاريخ الرياضي وقد يظن البعض انه كان كاتبا فقط أو ناقدا ولكن تاريخه يقول إنه كان أحد أبطال مصر في أم الألعاب كعداء.. المستكاوي مواليد8 ابريل1918 بقرية الشين بطنطا التحق بمدرسة طنطا الثانوية التي مارس خلالها كرة القدم والجري100 متر وتفوق علي كل ابناء مدارس الغربية في ال100 متر ولعب لمنتخب الغربية في كرة القدم بداية عام1935 وجاء الي القاهرة للالتحاق بكلية الحقوق وفي نفس التوقيت انضم لنادي الترسانة الرياضي ومارس فيه ألعاب القوي وكرة القدم وأحتكر سباق ال100 متر جري ولسوء حظه كانت الألعاب الأوليمبية متوقفة بعد أوليمبياد برلين1936 حتي لندن1948 ولم يصادفه الحظ للمشاركة الأوليمبية التي كان أهلا لها في عام1938 وانتقل لصفوف النادي الأهلي في ألعاب القوي وظل فيها محافظا علي لقبه فأسرع في القطر المصري حتي اعتزاله عام1943 ودخوله عالم الوظيفة, حيث تم تعينه مفتشا ماليا واداريا بوزارة الشئون الاجتماعية عام1944 وظل بها حتي قيام الثورة ومع قيام ثورة يوليو1952 وقع الاختيار عليه ضمن لجنة التفتيش المالي والاداري علي اللجنة الأوليمبية المصرية لعضو لجنة تصفية تسليم وتسلم ثم سكرتيرا عاما للجنة الرياضة العليا حتي بدأ يشارك في عضوية اللجنة الأوليمبية ومناصبها المختلفة حتي عام1980 وشغل المستكاوي العديد من المناصب الرياضية التطوعية كرئيس الاتحاد المصري للمصارعة خلال الفترة من1975 حتي1983, كما ترأس الاتحاد المصري للمعاقين منذ عام1983 حتي1990 وحقق الاتحادان خلال رئاسته عديدا من الانجازات وصناعة الأمجاد الرياضية. بالنسبة للإبداع والمؤلفات قد وصلت مؤلفاته الي12 كتابا أسهمت بدور كبير في رصد الحياة الكروية في مصر والعالم ومن أبرزها الناس والكورة مستوانا الكروي الأهلي والزمالك في20 سنة مواقف وأسرار في الملاعب كأس العالم لكرة القدم مقالب كروية ابن بطوطة الرياضي الموسوعة الرياضية للألعاب في ثلاثة أجزاء عند صدور الأهرام الرياضي كأول اصدار متخصص عن الأهرام وقع الاختيار علي المستكاوي ليكون مستشارا للتحرير للاستفادة من خبراته وكلماته ومواقفه وشهرته كأحد أشهر النقاد الرياضيين في تاريخ الحركة الرياضية في مصر.. استعانت به العديد من المطبوعات العربية لتزين صفحاتها بنكهة المستكاوي مثل الصقر القطرية والرياضي الكويتية والجماهير والعديد من الصحف والمجلات الشهيرة التي أضاف لها المستكاوي الكثير, وفي13 يوليو1993 انتقل الي رحمة الله.. إنه بحق وجدارة أحد الرواد في تاريخ الرياضة المصرية.