لم يعد أمام مصر إلا تفجير طاقة الإبداع لدي الإنسان المصري.. وتفجير طاقة الشباب في إنتاج صناعات تملأ الوطن وتنتظرها كبري أسواق الدنيا(92 مليون مواطن).. وتنقذ البيت المصري من شلل البطالة, وتنقذ ميزانية البلاد من شبح الإفلاس.. ولأن إحياء الصناعة فوق أرض مصر الآن مسألة حياة أو موت.. فقد التقينا الدكتور محمود الجرف المسئول الأول عن تنمية الصناعات شرح لنا ملامح الخريطة الجديدة للصناعات ويحدثنا عن حكاية المطور الصناعي الذي ينفذه القطاع الخاص. ودور الجيش في الاستثمارات بسيناء, والمخاوف من ضياع فرص الاستثمار بسبب الظروف السياسية, والمخاوف من انتقال المصانع السورية إلي مصر, ومدي الشفافية في عمليات تخصيص الأراضي للمستثمرين.. كما تحدث معنا عن الدور المفقود للمساهمين المصريين المغتربين في الاستثمارات الصناعية دون انتظار لرأس المال الأجنبي الخائف من ضياع الأمن والأمان داخل البلاد.. سألت الدكتور محمود الجرف: كيف يتم الآن توفير بيئة العمل لإقامة مشروعات كبري وتنمية الصناعات الصغيرة في بلادنا؟ أصدرنا مجموعة من القرارات لتحسين مناخ الاستثمار وإزالة العوائق البيروقراطية وتحرير مناخ الأعمال.. وقد صدر قرار جمهوري بتخصيص مساحة7476 كم2 من الأراضي لوزارة التجارة والصناعة, متضمنا اقتراحا بإنشاء12 منطقة صناعية تابعة ل7 محافظات لإقامة مشروعات صناعية ثقيلة وجاريا تحديد مساحة25 ألف كم2 تابعة ل8 محافظات لضمها للمناطق السابقة.. وبالنسبة للصناعات الصغيرة يتم تعزيز دور المراكز التكنولوجية لرفع قدرات المشروعات.. وإعفاء الصناعات الصغيرة من الضرائب مدة من5 10 سنوات وكذلك الجمارك علي مستلزمات انتاجها.. وزيادة الأراضي الصناعية للصناعات الصغيرة.. وإنشاء تجمعات صناعية متكاملة. ما ملامح الخريطة الصناعية الجديدة المزمع تحديدها؟ لمنع العشوائية الصناعية يتم الآن وضع خريطة جديدة للصناعة تعتمد أساسا علي إمكانات كل موقع والخامات المتاحة فيه ومطالبة الحكومة أو المطور الصناعي بمد المرافق إلي هذه المناطق الجديدة.. وتنتهي من إعدادها في أول يوليو المقبل.. وسوف توضح الاستغلال الأمثل لكل منطقة.. وإذا كانت الهيئة تملك الآن7 مليارات متر مربع في أنحاء البلاد, إلا أنها لن تصلح جميعها للصناعة.. وبناء علي الخريطة الجديدة فسوف يتم استبدال بعض المناطق بأراض أخري في المحافظات تكون أكثر قدرة علي الاستثمار الصناعي.. وقد قررت الهيئة رفض تمليك الأراضي للمستثمرين والاكتفاء بحق الانتفاع فقط للحفاظ عليها للأجيال المقبلة. وماذا عن مشكلات تمويل الصناعات الصغيرة؟ تم اقتراح مخاطبة الصندوق الاجتماعي لإعادة النظر في القروض الصغيرة وإعادة جدولتها وتوفير قروض ميسرة لصغار المستثمرين.. وقدمت الهيئة تسهيلات بتوفير أراض بالمدن الجديدة.. وإصدار رخصة التشغيل للمشروع فور بدء الإنتاج.. ومجموعة أخري من التسهيلات الإجرائية.. كان أهمها إنشاء شركات متخصصة تساعد في تسويق منتجات الصناعات الصغيرة. تأهيل العمالة مشكلة مصر الكبري كيف يتم التغلب عليها؟ لدينا الآن خطط لتطوير التدريب من واقع دراسة الاحتياجات الفعلية لسوق العمل.. ومنح إعفاءات ضريبية لرجال الأعمال لتشجيعهم علي توفير التدريب للطلبة في مواقع الإنتاج.. ووضع معايير قومية للتدريب وربطها بالمعايير العالمية.. والاهتمام بالتعليم الفني الصناعي وتأهيل المدرسين وتزويد المدارس الفنية الصناعية بأجهزة وآلات ومعدات حديثة.. ورفع مستوي مراكز التدريب المهني. كيف تري دور القطاع الخاص في التنمية الصناعية؟ تسعي الدولة إلي تشجيع القطاع الخاص لتحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية وذلك بتوفير الأمن لجذب الاستثمار وتحقيق الاستقرار السياسي وإيجاد استراتيجية صناعية تتسم بالاستمرارية والمرونة والتوسع في الصناعات الصغيرة الريفية كثيفة الاستخدام لعنصر العمل, وتقديم مساعدات مالية من الحكومة للشركات التي تحقق حجما معينا من التوظف خاصة في الصعيد.. كما أن الدولة تتجه إلي الشراكة مع القطاع الخاص في تنفيذ عديد من المشروعات في قطاع البنية الأساسية التي تدار بطريقة افضل بواسطة القطاع الخاص. هل هناك مخاوف من ضياع فرص الاستثمار في مصر للظروف السياسية وغياب الأمن؟ مازالت مصر برغم كل الظروف السياسية الحالية من أكثر الدول جاذبية للاستثمار.. وترصد هيئة التنمية الصناعية هذا الإقبال من خلال استقبالها واتصالاتها بالمستثمرين من العرب والأجانب والمصريين.. وقد تقدم6 آلاف مستثمر في ظل هذه الظروف السياسية للمنافسة علي إنشاء1692 مشروعا صناعيا في10 مدن جديدة.. كما أن المستثمرين العرب ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء هذه الأزمات السياسية للإقبال علي الاستثمار في مصر. يتردد كلام كثير عن مخاوف من الاستثمارات القطرية بالذات.. لماذا؟ ليس لهذه المخاوف أي أساس.. حيث إننا نستقبل يوميا مستثمرين قطريين ولم نجد في عروضهم أو اقتراحاتهم الاستثمارية أي مخاوف أو أغراض خاصة. علما بأن جميع المشروعات سوف تطرح بحق الانتفاع وليس ببيع الأراضي.. ومن خلال مزادات علنية وليست مقصورة علي القطريين فقط. كيف تتم الآن عملية تخصيص الأراضي للمستثمرين لإقامة مشروعات صناعية؟ تتولي الآن الهيئة بالاشتراك مع هيئة المجتمعات العمرانية تخصيص هذه الأراضي بإعداد دراسات ومخططات التنمية الصناعية قطاعيا وجغرافيا ووضع الخطط لتنمية المناطق الصناعية بالمدن الجديدة وتحديد الأنشطة والمنتجات الصناعية ويتم الإعلان عن قطع الأراضي الصناعية وفقا للشروط والقواعد المنظمة لحجز واستغلال وتنمية الأراضي.. وتتم متابعة تنفيذ المشروعات الصناعية.. وتقوم هيئة المجتمعات العمرانية بتسليم قطع الأراضي وتخصيصها وإصدار تراخيص البناء والتشغيل.. وقد سجلت الهيئة تقدم6000 طلب تخصيص حتي28 فبراير2013 بالمركز الرئيسي خلاف الطلبيات المقدمة في الفروع الإقليمية. يشكو المستثمرون من عدم وجود تسهيلات في الإجراءات المطلوبة.. وهي شكوي تقليدية منذ عشرات السنين في مصر! لقد خرجت تباعا حزمة من التسهيلات, منها تخفيض التكاليف المعيارية بنسبة50% لبعض الخدمات التي تقدمها الهيئة ووقف تحصيل تكاليف معيارية أخري.. وتهدف هذه القرارات إلي تيسير الحصول علي الموافقة واختصار المدة اللازمة للحصول عليها مع الحفاظ علي مقتضيات الاقتصاد القومي وحماية الصناعات المحلية. .. وبالنسبة لمحافظات الصعيد وسيناء فيوجد مشروع قرار يمنح المشروعات الصناعية في هذه المناطق حوافز للاستثمار والتشغيل والتوظيف مقابل كل فرصة عمل يوفرها المشروع.. وتيسيرا علي المستثمرين تم تحديد650 صناعة تتم الموافقة عليها فور التقدم للحصول عليها. ما فكرة المطور الصناعي؟ المطور الصناعي شركة يتم تخصيص أرض لها في حدود1 2 مليون م2 أو أكثر يقوم المطور بتخطيطها وإقامة جميع المرافق بها علي حسابه الخاص وتجهيزها ثم تسويقها للاستثمار.. وتلجأ الدولة إلي هذا الأسلوب نظرا لندرة الأراضي الصناعية الجاهزة بالمرافق لاستيعاب طلبات المستثمرين.. إذ أن احتياج الصناعة في مصر الآن7 ملايين متر سنويا. وسوف يحتاج المطور الصناعي إلي شركات عملاقة إذ أن المناطق المطروحة لهذا النشاط في أماكن نائية وتحتاج إلي استثمارات ضخمة.. ومن المفروض أن تقوم هذه الشركات ببيع حق الانتفاع للمستثمرين لهذه الأراضي بعد توفير جميع الخدمات والمرافق.. وسوف تكون المنطقة الأولي في الفيوم علي مساحة30 مليون م..2 وسوف يتم اختيار باقي المناطق طبقا للخريطة الصناعية الجديدة.. وتجري الآن دراسة إشراك جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة في إنشاء مطور صناعي وبالذات في سيناء. كيف تبدو صورة المشكلات التي تواجه الصناعات القائمة الآن؟ ضربت الأزمة المالية العالمية واضطرابات ثورة25 يناير بالصناعة المصرية وتوقف بعض المصانع نتيجة التعثر ومحدودية الطاقة اللازمة للتوسع الصناعي وضعف القدرة التنافسية للمنتجات المصرية مما أدي الي فقد بعض أسواق التصدير.. ومشكلة عدم توافر الأراضي الصناعية للتنمية الأفقية.. وانخفاض معدلات الاستثمار الأجنبي وخروج بعض الاستثمارات من الصناعة وعدم توافر الأيدي العاملة الماهرة.. ومشكلة تدهور صناعة الغزل والنسيج. وماذا عن خطط انعاش الاستثمار الصناعي في مصر؟ الانعاش السريع يتطلب استعادة ثقة المستثمرين ووضع تنسيق مع البنوك لإنقاذ المصانع المتعثرة.. واستعادة الاستقرار الأمني, والنظر في منظومة الأعباء والرسوم المفروضة علي مكونات العملية الإنتاجية.. وسد منافذ تهريب السلع المستوردة إلي داخل البلاد.. ومساندة الصادرات لفتح أسواق عالمية جديدة.. وفي المدي الطويل إعادة هيكلة منظومة التدريب الفني والصناعي.. والعمل علي إيجاد مناطق اقتصادية متكاملة لتعميق التصنيع المحلي, وتحديد خطة للصناعات المصرية تقوم علي أساس الصناعات ذات الأولوية التي تحتاجها البلاد أو أسواق التصدير. لماذا تراجعت استراتيجية إقامة صناعات مصرية بمساهمة المصريين سواء في الداخل أو الخارج والاعتماد علي الممول الأجنبي؟ علي النقيض من ذلك هناك تشجيع ورغبة من قبل الدولة وكذلك المصريون بالخارج والداخل للمساهمة في إقامة المشروعات القومية وتحقيق التنمية الاقتصادية. هذا وقد عقد المؤتمر الخامس للمصريين في الخارج خلال الفترة من10 إلي20 يوليو2012 لتشجيع مساهمتهم في رسم خريطة التنمية في مصر بعد الثورة. واستعرض المؤتمر مشاركة المصريين بالخارج في المشروعات بنظامppp وكذلك في مشروعات التعاون الدولي, وتمويل المتطلبات لمشروعات البعد الاجتماعي في مجال النقل والتعليم والصحة ونقل التكنولوجيا المتقدمة في مجال الصناعة والزراعة وزيادة التحويلات للوطن الأم ودور المصريين بالخارج في زيادة تجارة الخدمات الدولية(المقاولات السياحة الاستثمار... إلخ), والمشروعات والشركات المقترح تنفيذها في مصر والمقدمة من أبناء الوطن بالخارج. وستقوم السفارات والقنصليات المصرية بإنشاء وحدة مختصة لتسيير مساهمة المصريين في الخارج. ماذا قدمتم للمصانع المتعثرة؟ تم تحديد150 مصنعا متعثرا بسبب مشكلات مالية ومشكلات تسويقية ومشكلات بسبب تدهور السياحة وتشكلت لجنة لمخاطبة البنوك لجدولة الديون وإمكان تقديم قروض وتسهيلات لهذه المصانع وشركة الغاز لتقسيط المستحق لها ومخاطبة الصندوق الاجتماعي للتنمية لإعادة جدولة القروض الصغيرة.. كما شكل وزير التجارة والصناعة وحدة شكاوي الصناع والمستثمرين وتعقد العديد من الاجتماعات الدورية لحل مشكلات المصانع المتعثرة ويرأسها وزير الصناعة ويكون أعضاؤها من كل هيئات وأجهزة الوزارة. كيف تري انتقال المصانع السورية إلي مصر؟ هل يمكن أن تحقق فرصا جيدة أم أنها تمثل مخاوف من المنافسة مع الشركات المصرية؟ انتقال المصانع السورية إلي مصر زيادة في ضخ الاستثمارات الصناعية وإذا لم يمتص القطاع الصناعي المصري هذه الاستثمارات فقد تحصل غيرها من الدول عليها. كما أن دخول المصانع السورية يساعد علي إيجاد بيئة منافسة صحية يستفيد منها المستهلك.