كلية التجارة بجامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدارسين في برامج الماجستير المهني    هبوط الأخضر الأمريكي في البنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الخميس 16-10-2025    نائب محافظ القاهرة تتابع تطبيق قانون التصالح بحي شرق مدينة نصر    أحمد موسى: بعثة أوروبية مع قوات تابعة للسلطة الفلسطينية تتولى إدارة معبر رفح    جائزة نوبل للحرب    حسن مصطفى: كنت أتمنى التنسيق بين حسام حسن وحلمي طولان في اختيارات اللاعبين    ماس كهربائي السبب.. السيطرة على حريق اندلع في منزل بالفيوم دون إصابات    مدبولي يتابع التجهيزات النهائية لإحتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    شاهين ووحيد حامد والدغيدي.. صُناع بارزون في مسيرة يسرا    عاجل- رئيس الوزراء يطمئن ميدانيا على الانتهاء من أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    حكومة طالبان الأفغانية تلقي باللوم على باكستان في هجومين بطائرات مسيرة على كابول    ترامب يجري اتصال هاتفى مع الرئيس بوتين    بيع أكثر من مليون تذكرة ل كأس العالم 2026 والكشف عن أكثر 10 دول إقبالا    بالأسماء والأسباب .. تعرف علي قائمة المستبعدين من خوض انتخابات النواب بالقليوبية    السوبر الأفريقي.. بعثة نهضة بركان تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز    قناة ليبيا الرياضية تعلن إذاعة مباراة الاتحاد الليبي والمصري بالكونفدرالية    أبوقير للأسمدة يفوز على الداخلية.. وخسارة طنطا أمام مالية كفر الزيات بدوري المحترفين    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    سكك حديد مصر تعلن موعد تطبيق التوقيت الشتوي على الخطوط    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    ضبط فتاة بالجامعة العمالية انتحلت صفة "أخصائى تجميل" وأدارت مركزًا للتجميل بمركز جرجا    الهيئة الإنجيلية تشارك في دعم المتضررين في غزة ضمن مبادرة "مسافة السكة"    بعد مقتل رئيس أركان الحوثي.. نتنياهو: سنضرب كل من يهددنا    الرباط وموسكو تجددان التزامهما بتطوير الشراكة الاستراتيجية وتعميق التعاون في مختلف المجالات    نائب رئيس مهرجان الموسيقى العربية: آمال ماهر تبرعت بأجرها ورفضت تقاضيه    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    مسرح المواجهة والتجوال يصل رفح دعمًا لأطفال غزة    ماذا قال خالد عنانى عن جامعة حلوان باحتفالية فوزه بمنصب مدير اليونسكو؟    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    الشيخ خالد الجندي: الله حرم الخمر والخنزير والبعض يبحث عن سبب التحريم    قافلة طبية مجانية بقرية سنرو بالفيوم والكشف على 1362 حالة وتحويل 33 للعمليات    نائب رئيس جامعة الأزهر بأسيوط يشهد انطلاق المؤتمر العلمي الخامس لقسم المخ والأعصاب بالأقصر    رئيس النواب: أتهيأ لأن أضع القلم الذي خدمت به الدستور والقانون    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    رئيس الوزراء: الأمن المائي ليس مجالًا للمساومة.. والنيل بالنسبة لمصر قضية وجود لا تقبل المغامرة    محمد رجب ينضم لنجوم دراما رمضان 2026 ب«قطر صغنطوط»    وفد بيراميدز يجري جولة تفقدية لملاعب التدريب في قطر قبل مباريات الإنتركونتيننتال    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    وعظ كفرالشيخ يشارك في ندوة توعوية بكلية التربية النوعية    في يوم الأغذية العالمي| أطعمة تعيد لشعركِ الحياة والطول والقوة    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    بطلها حسام عبد المجيد.. صفقة تبادلية بين الزمالك وبيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    السيطرة على حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم دون إصابات    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلي المستقبل!
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 02 - 2013

في سياق تتبع المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي(1889 1975) للحضارات وتطوراتها وتفاعلاتها توقف توينبي عند حضارة القرن العشرين, وتساءل عما سوف يميزها وما سوف يقول عنها مؤرخو المستقبل ويختارونه باعتبار أنه الحدث البارز لهذا القرن.
ويتصور توينبي أن الحدث الذي سوف يتوقف عنده مؤرخو المستقبل لن يكون من بين هذه الأحداث السياسية والاقتصادية المثيرة والمأساوية التي احتلت عناوين الصحف, وإنما سيكون ذلك الشيء الذي لا يحوز غالبا علي كل وعينا أو يصلح كعنوان للصحف أو تجذب مظاهرة انظارنا لأنها تقع وتبدو علي سطح الحياة وتبعد أنظارنا في الوقت نفسه عن تحركات الإبطاء وغير الملموسة والتي تعمل تحت السطح وتتغلغل في الاعماق. غير ان هذه التحركات الأعمق والإبطاء هي في الحقيقة ونهاية الأمر التي تصنع التاريخ وستبدو ضخمة حين نستعيدها ونتأملها وحين تكون الأحداث المثيرة والعابرة قد تضاءلت وبدت في نسبها الحقيقية.
بهذه الرؤية اعتقد أرنولد توينبي أن مؤرخي المستقبل سيقولون إن الحدث العظيم في القرن العشرين هو الأثر الذي تركته الحضارة الغربية علي المجتمعات التي تعيش في عالم اليوم, وسوف يقولون عن هذا الأثر إنه كان من القوة والانتشار بالدرجة التي حول بها حياة كل ضحاياه من أعلي الي اسفل.
وإذا كانت الحضارة الغربية تغلغلت وأثرت في كل مجتمعات عالم اليوم وبالتأثير الذي وصفه توينبي فما هي أبرز معالم هذه الحضارة, ما هي أهم خصائصها وأدواتها التي أحدثت بها هذا التأثير العالمي الذي لم يسلم منه بمستوي أو آخر مجتمع من المجتمعات.
لقد شهد القرن العشرون تطورا تراكميا لما بدأه الغرب علي مدي القرون الثلاثة الاخيرة في مجالين حاسمين وهما الثورة الصناعية والثورة التكنولوجية ومع مستويات الرخاء والتقدم المادي الذي حققته فإن القوانين التي أصبحت تنظم حياة البشر وعلاقاتهم اصبحت هي قوانين المنافسة والانانية والمصلحة الذاتية والتي كانت تحول مجتمعاتها إلي مجموعة من الباحثين عن المصلحة الذاتية وتفرق بين الأفراد الذين أصبح مثلهم الأعلي هو الربح والكسب المادي, أما الثورة الثانية وتقدمها المتسارع والتي شهدها القرن العشرون وهي الثورة التكنولوجية فقد خلقت معبودا آخر تصور معها الانسان الغربي انه أصبح سيد الكون وبشكل أوجد بيئة مصطنعة, محملة بالأخطار علي الروح البشرية وتبين أن السيد الذي انتصر كان التكنولوجيا وليس الإنسان نفسه.
واصبح كابوس الانسان الغربي هو كيف يكيف نفسه مع التغير والغليان الثوري السريع الناجم عن تفجر العلم والتكنولوجيا.
كانت هذه الأوضاع التي سادت القرن العشرين وسيطرة القوة المادية عليها وتراجع القيم الروحية والاخلاقية هي التي دفعت عددا من المفكرين مثل اندريه مارلو وهو يتأمل الوضع البشري في القرن العشرين ان يأمل في أن تستطيع البشرية في القرن الحادي والعشرين أن تستعيد توازنها وتعيد الاعتبار للقيم الروحية والاخلاقية. فهل هذا الأمل ممكن وهل تنبئ مؤشرات القرن المقبل والقوي التي ستتحكم في حياة البشر فيه دولا وافرادا ومجتمعات بإمكان تحقيقه؟. نخشي أن يكون الامر علي غير هذا النحو لا علي مستوي الدول أو في داخل كل مجتمع وفي علاقات أفراده وطبقاته.
فحقيقة أن نمط المواجهات العسكرية الكبري والتي شهدها القرن العشرون في حربين عالميتين سوف يتراجع غير أن اقتتال الدول بالسلاح سيحل محله صراعها في ساحات الاقتصاد والتجارة والمال.
وعلي المستوي العلمي والثقافي تنبئ الفتوحات العلمية والتكنولوجية عن تطورات تصيب الانسان بالدوار من حيث ما ستحدثه من نقلات في علاقات البشر الاجتماعية ومن أبرزها امكانيات الهندسة الوراثية وصناعة ونقل أعضاء الجسم البشري كل هذا من شأنه أن يزيد من تأكيد مفهوم العلم وقوانينه كإله ومعبود جديد يتصل بإمكانات التكنولوجيا الجديدة علي المستوي الثقافي ما سوف تحدثه الاقمار والقنوات الفضائية والانترنت في اختراق ثقافات وأنماط من حياة وسلوك وقيم ومجتمعات الغرب المتقدم وهي مع ما ستحمله من ثقافة انسانية راقية ستحمل معها أيضا نتاجا متحللا من كل القيم الاخلاقية المتعارف عليها.
فما العمل أمام مجتمع مثل المجتمع المصري وهو يواجه مثل هذا التطور ومعضلاته, كيف يمكنه أن يكون جزءا منه, ويتفاعل معه مستفيدا من جوانبه الايجابية الضرورية لعملية بنائه وتقدمه الشامل, وأن يتحصن في الوقت نفسه ضد سلبياته المعاكسة والتي يمكن أن تهدد بنيته ونسيجه الاجتماعي والثقافي؟
قد يبدو هذا خيارا صعبا بل مثاليا ففي واقع الحياة يصعب علي المجتمعات والافراد أن يحصلوا علي كل شيء, وأن يكون لهم حرية الانتقاء والاختيار ومع هذا فإنه في الحالة المصرية ما يشجع أن مصر, وعبر عصورها المختلفة, وصفها مفكرنا الراحل جمال حمدان بملكة الحد الوسط.
واليوم روح مصر وعقلها تتجاذبه التيارات فإن تشبث مصر بهذه الوسطية واستلهامها هي التي ستمكنها من أن تصوغ خطواتها وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشكل متوازن, فحيث تدرك أن اقتصادها لا يمكن إلا أن يكون جزءا من اقتصاد العالم والقوانين والقواعد التي تحكمه فإن وسطيتها ستجعلها تعي كذلك أهمية الضمير والبعد الاجتماعي, وثقافيا فان تمسك مصر بطبيعتها الوسطية سوف تجعلها تتفتح علي تيارات العصر الثقافية وتستوعب إنتاجها, في الوقت الذي تستلهم الجوانب المضيئة والتقدمية في تراثها الثقافي, وأن تواصل بثبات رسالة التنوير, وأن تخرج بها من الدائرة التي انحصرت فيها حتي الآن دائرة الصفوة والمتعلمين والمثقفين, الي القاعدة العريضة للمجتمع المصري الأمر الذي لا نتصوره سهلا أو ممكنا دون أن تمحو وصمة الأمية التي مازالت تلحق بنصف ابناء هذا المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.