رغم أن المؤتمر لم يكن مخصصا لدراسة أحوال النساء إلا أن المرأة فرضت نفسها بقوة علي نقاشات ومداخلات المشاركين به نظرا لما تضمنه التقرير الثالث لمعهد التنوع الإعلامي من تمييز ضد المرأة والذي خصص المؤتمر لمناقشته. وتناول التنوع الإعلامي أثناء الاستفتاء علي دستور مصر من خلال تحليل المضمون لأربع صحف هي الأهرام والأخبار والمصري اليوم والشروق, وأربعة برامج حوارية في القنوات الخاصة المستقلة هي بلدنا بالمصري, والحياة اليوم, وآخر كلام, وآخر النهار, بالإضافة إلي برنامج مباشر من مصر الذي يعرض علي تليفزيون الدولة, وذلك لرصد ومتابعة درجة التنوع في وسائل الإعلام في تلك الفترة في شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين. ويقصد بالتنوع التمييز علي أساس السلالة أوالعرق أوالدين أوالجنسية أوالسن أوالدخل أونوع الجنس أوأي عوامل أخري. والهدف من هذا الرصد كما أوضحت هالة مرجان المدير الأقليمي للمعهد بالقاهرة هو تنفيذ عدد من المبادرات لتقديم الدعم الفني علي عدة مستويات من بينها التغطية الإعلامية وذلك من خلال مشروع إعادة بناء ما بعد الثورة في مصر نحو التنوع والاندماجية ومبادرة رصد ومتابعة درجة التنوع في وسائل الإعلام التي ترصد درجة التنوع في التغطية الإعلامية المرئية والمطبوعة لأهم الأحداث في مصر. وقد عرضت التقرير د.رشا عبد الله أستاذة الإعلام والرئيس السابق لقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة, الذي كشفت نتائجه بعد دراسة2577 قصة خبرية واختيار النصف فقط من هذه القصص التي تم تصنيفها علي أنها موضوعية, أي أنها إلتزمت بفصل الحقيقة عن الرأي وخلا مضمونها من نزعات الإثارة والتشهير. وكشف هذا التحليل أنه في حين كانت78.7% من القصص الخبرية المنشورة بالصحف تدور حول السياسة والعملية اللوجستية للاستفتاء( أماكن اللجان وطريقة التصويت..الخ) ظهرت القضايا الاقتصادية علي سبيل المثال بنسبة4%, والتعليم بنسبة3.0% وقضايا المرأة بنسبة2.0%. ومما يظهر التمييز ضد المرأة بوضوح أكثر أنه رغم أن آخر الإحصاءات الديموجرافية الصادرة عن الأممالمتحدة حول مصر تشير إلي أن معدل الذكور إلي الإناث هو1.01 إلي1 إلا أن القصص الخبرية التي تم دراستها تضمنت مقابلات مع8662 شخصا كان بينهم8294 ذكرا و368 فقط من الإناث, مما يشكل فارقا صاعقا(95.75% للذكور مقابل4.25% فقط للإناث) أي أنه توجد أنثي واحدة فقط مقابل كل5,22 ذكر. وفيما يتعلق بالتغطية التليفزيونية في البرامج الحوارية المسائية التي تحظي بشعبية, فقد أظهرت ميلا كبيرا تجاه الذكور, فمن بين971 ضيفا ظهروا في البرامج الخمسة خلال فترة الرصد كان من بيهم909 من الذكور(93.6%) و62 فقط من الاناث بنسبة(6.4%) أي كل امرأة يراها المشاهدون في البرامج يظهر في مقابلها6,14 رجل. وكانت أقل نسبة تمثيل للنساء في برنامج مباشرمن مصر فمن بين17 حلقة تم تحليلها تضم131 فردا في الاستوديو أو عبر الهاتف وفي التقارير, ثلاث فقط منهم كانوا من الإناث( بنسبة2.3%) بينما128 كانوا من الذكوربنسبة(97.7%) مما يعد أمرا خطيرا خاصة أنه يذاع علي تليفزيون الدولة, ففي مقابل كل امرأة واحدة تظهرفي برنامج حواري رئيسي في التليفزيون الحكومي يظهر أكثر من42 رجلا. وقد تناول التقرير جوانب التنوع المختلفة مثل التنوع الجغرافي الذي شكل غيابه مشكلة رئيسية في التغطية الإعلامية في مصر حيث تم تخصيص معظم التغطية لمدينة القاهرة مع بعض التغطية الضئيلة للغاية في الأسكندرية حيث كانت68.8% من التغطية من نصيب القاهرة يليها الأسكندرية بنسبة2.8% و8.8% للمحافظات الأخري و6% لتغطية المواقع الجغرافية الدولية, وكذلك التنوع الديني والتنوع العرقي والأقليات والتي اعترض بعض المشاركين علي أن يكون التنوع باختيار الضيف لمجرد انتمائه الديني أو الجغرافي وغيرهما, وإنما لابد أن يكون علي أساس الخبرة والتخصص. ولم يخل التقرير من إشادة بالبرامج الحريصة علي تسليط الضوءعلي الفئات المهمشة وكذلك التي بادرت بتخصيص مترجم للغة الإشارة للصم. وقد أوصي المشاركون بألا تحصر البرامج الحوارية نفسها في عدد من الضيوف حتي لا تحرم المشاهد من سماع وجهات نظر أخري, وهي نفس الملاحظة التي جاءت في ختام التقرير وتؤكد أن الاختيار المحدود من بين مجموعة صغيرة من نجوم البرامج الحوارية يشكل تهديدا خطيراعلي تنوع الفكر والتعبير. الجدير بالذكر أن معهد التنوع الإعلامي هو أحد المؤسسات الخيرية الدولية ويستقي رسالته من المادة29 من الإعلان الدولي لحقوق الإنسان التي تقر بالحق في حرية التعبير والذي وقعت عليه مصر, وبموجب هذا التوقيع يتوجب علي الإعلام أن يعرض آراء كل المواطنين دون النظر لاختلافاتهم, ويعمل المعهد في مصر بدعم من الوكالة السويدية للتنمية.