ليست مهنة أو حرفة أو حتي خبرة, ولكنه تدريب يعتمد علي الحركية ويستند إلي روح المغامرة والقدرة علي القفز في ثوان معدودة إلي قمة النخلة وكأنه يصعد درجات سلم, هكذا اعتاد طالع النخل. وعلي غرار لاعبي السيرك المحترفين, يتسلق طالع النخل السيقان الخشبية حافيا حتي لا تنزلق قدماه ويحمل في يده بلطة لقطع سوبات البلح, وفي اليد الأخري حبل طويل لإنزالها إلي الأرض كالاسانسير, بينما يضع في وسطه المطلع وهو حبل شديد المتانة مصنوع من ليف النخيل المضفر بالكتان, حتي يتمكن لقمم النخيل لاتمام مهمته بنجاح والعودة إلي الأرض سالما. الدكتور السيد جمعة رئيس قسم الفاكهة الاستوائية بمعهد بحوث البساتين يري ان هناك اسرا يتوارث أفرادها مهمة طلوع النخل وجني ثمار البلح كل عام ويتم تدريبهم منذ الصغر علي صعود وهبوط النخيل برشاقة وتجنب خطر السقوط بحرفية بالغة, وتساهم التكنولوجيا الحديثة في معاونة طالع النخل باستخدام السلالم الميكانيكية المتحركة كبديل عصري للمطلع او حبل تسلق النخيل, ودون أن تلغي دوره الأزلي لجني محصول البلح وما يسبقها من عمليات خف الجريد والتقليم والتلقيح. وباعتيار ان جني ثمار البلح أخطر مهمة جني ثمار الفاكهة في العالم, فانها للرجال فقط ولا تقربها النساء حتي الآن علي الأقل فأي خطأ ثمنه فادح, ويكون الثمن إما الإصابة المدمرة أو الموت المفاجيء ويتسلح من يحترفها بالهدوء التام ورباطة الجأش وطرد شبح الدوار والأهم نزع الخوف عن قلبه تماما, خاصة من الأماكن المرتفعة. وطالع النخل يتعامل مع شجرة معمرة تقاوم الزمن بصلابة, وتظل قادرة علي الانتاج من100 إلي150 سنة في المتوسط, تزداد خلالها في العطاء والصلابة في تحد شامخ للحياة, فتصبح بمثابة قلعة راسخة للمتسلقين, ينهل منها الرزق الحلال, ورغم ارتفاع أسعاره هذا العام مقارنة بالعام الماضي فما أرخص سعر البلح أمام حياة انسان, سواء كان صبيا أو شابا أو مسنا, هو طالع النخل الذي يحمل روحه علي كفه من أجل اسعاد الملايين من محبي تلك الثمرة اللذيذة الطازجة منها والمجففة طوال العام, قبل البحث عن مقابل مجز لتلك المهمة العسيرة؟..