ثار جدل واسع حول تعديل قانون السلطة القضائية انتهي إلي تقديم مشروع من اللجنة المشكلة من رئيس مجلس القضاء الأعلي وآخر من نادي القضاة وباستعراض ما تناوله تصور المشروعين ننتهي إلي: أولا: أن هناك نصوصا وردت في مشروع اللجنة المشكلة من رئيس مجلس القضاء الأعلي أفضل مما ورد في مشروع القانون المعدل من قبل نادي القضاة وهي مايلي: 1 ورد بمشروع القانون الذي أعدته اللجنة أن تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية يكون من بين قضاة أو نواب أو رؤساء محكمة الاستئناف الذي لم يمض علي ترقيته رئيسا مدة عشر سنوات, لمدة سنة قابلة للتجديد ثلاث مرات, بينما ورد بمشروع النادي أن تعيين رئيس المحكمة الابتدائية يكون من أقدم رؤساء محاكم الاستئناف التالية في الاقدمية لرئيس محكمة استئناف قنا أو نواب رئيس محكمة النقض, ونحن نؤيد توجه اللجنة باعتبار أن رئيس محكمة الاستئناف المذكور أو نائب النقض قد يكون بقي علي إحالته للتقاعد سنة واحدة, بالاضافة إلي أنه خبرة وقيمة قانونية وقد لا تمكنه ظروفه الصحية من الوجود بالمحكمة بصفة يومية. 2 أوردت اللجنة في مشروعها ثلاثة تصورات لإعارة القاضي وجاء ثالثها بأنه لا يجوز للجهة المستعيرة أن تسمي الشخص المطلوب إعارته وإنما تحدد الشروط المطلوبة, فإذا توافرت في عدد من القضاة فلا يجوز تخطي الأقدم إلي من يليه إلا لأسباب مبررة ولا يجوز أن تقل الوظيفة المعار إليها القاضي عن وظيفته في مصر ولا أن تزيد مدة الإعارة علي أربع سنوات متصلة بينما أرجأ مشروع النادي مسألة الإعارة وتركها للمناقشة ونحن نؤيد ما ذهبت إليه اللجنة باعتباره محققا للمساواة. ثانيا: أن هناك نصوصا وردت في مشروع نادي القضاء أفضل مما ورد بمشروع اللجنة وهي ما يلي: 1 الندب لشغل وظائف مساعد أول ومساعدي وزير العدل وشغل وظائف وكلاء وأعضاء الإدارات والمكتب الفني لوزير العدل قيدها مشروع النادي بمدة لا تزيد علي أربع سنوات بقرار من مجلس القضاء الأعلي, بينما لم يحدد مشروع اللجنة مدة للندب وتركها مفتوحة. 2 حظر مشروع النادي علي وجه قاطع ندب القاضي للقيام بأية أعمال قانونية أو إدارية لدي أي من الجهات التابعة للسلطة التنفيذية والتشريعية أو الهيئات العامة أو الخاصة, علي أن يتم تقرير بدل تفرغ يصدر به قرار من مجلس القضاء الأعلي اعمالا لمبدأ المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية مادامت سمحت بالندب لاعضائها, بينما اجاز مشروع اللجنة ذلك الندب ولاشك أن الندب لغير الاعمال القضائية فيه مساس باستقلال القضاء. 3 حظر مشروع القانون المقدم من النادي ندب القاضي ليكون محكما عن الأفراد أو اشخاص القانون الخاص بينما لم يتضمن المشروع المقدم من اللجنة مثل هذا الحظر الصريح. 4 التزم مشروع نادي القضاة بمبدأ الأقدمية في تعيين النائب العام لحساسية منصب علي أن يكون تعيينه بموافقة مجلس القضاء الأعلي من بين أقدم نائبين لرئيس محكمة النقض أو ثلاثة من أقدم الرؤساء بمحاكم الاستئناف أو أقدم نائبين عامين مساعدين بشرط أن يكون قد امضي سبع سنوات علي الأقل كقاض سبق له الجلوس في دوائر المحاكم, بينما اقتصر مشروع اللجنة علي تعيينه دون اعتداد بالأقدمية. ثالثا: أن هناك نصوصا جديرة بالتعديل لم يتناولها أي من المشروعين وهي: 1 حظر المشرع علي القضاء أن ينظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة وكان يتعين تعديل نص المادة 17 باعطاء المحاكم تحديد مفهوم أعمال السيادة التي تخضع أو لا تخضع لولايتها كما لو أبرمت السلطة التنفيذية عقدا بصفتها أحد اشخاص القانون الخاص. 2 يتعين تعيين رئيس محكمة النقض بالاقدمية المطلقة دون التوقف علي ترشيح من أحد ويعين القاضي بمحكمة النقض بموافقة مجلس القضاء الأعلي بعد استيفاء شروط الكفاءة التي يقررها المجلس. 3 ورد نص المادة77 مكررا في المشروع الذي أعدته اللجنة ما يتضمن اضافة الغرامات المحكوم بها في المواد المدنية, وكذلك الأموال والكفالات التي يحكم بمصادرتها إلي الموازنة المستقلة للقضاء والنيابة العامة, وهذا أمر نعتبره شاذا ولا يليق بكرامة القاضي إذ أن الحكم بالغرامة في المواد المدنية أو الحكم بمصادرة الأموال أو الكفالة في أحيان كثيرة يكون جوازيا وليس وجوبيا ومن مصلحة القضاة في هذه الحالة أن يحكموا بالمصادرة في جميع الحالات, مما يثير التساؤل والشكوك في حالة اضافة مثل هذه المبالغ للميزانية المستقلة. 4 لم يتضمن المشروعان وضع حد أقصي لمدة الإعارة إذ اقتصر مشروع اللجنة علي جعلها أربع سنوات متصلة, بينما كان يتعين جعلها أربع سنوات متصلة أو منفصلة وابقي مشروع نادي القضاة علي النص القديم الذي اجاز الإعارة زيادة علي هذه المدة إذا اقتضت ذلك مصلحة قومية يقدرها رئيس الجمهورية, مما يفتح باب التحايل علي وضع مدة قصوي للإعارة كما نري أن يتضمن النص سريانه في شان مدة الإعارة علي من سبق إعارته. 5 أغفل المشروعان ما يطالب به كثير من رجال القضاء بان يكون سن تقاعدهم ستين عاما لفسح المجال في الترقي وتحمل المسئولية للشباب, وقد يرد علي ذلك أن خبرة من تجاوز سنه الستين عاما يصعب تعويضها, ويمكن التغلب علي هذه المشكلة برغم ايماننا بها بان يتم استبقاء من جاوز هذه السن في العمل القضائي دون العمل الإداري أو المناصب القضائية وهنا سوف نستفيد من خبراتهم من خلال العمل بالدوائر ورئاستها وهذا اقرب للعدالة سواء علي المستوي القضائي أو الصالح العام. وأخيرا قد يجمع القضاة علي ما سبق عرضه وأخذ الأفضل في نصوص المشروعين إلا أننا نتوقع خلافا حادا بين القضاة حول رئاسة وتشكيل مجلس القضاء الأعلي ووضع الأمانة الفنية للمجلس, ونري أن مشروع نادي القضاة قد أصاب حين اكتفي بنقل نص المادة 77 مكررا (1) والذي أعدته وزارة العدل سنة 2005 وتم صياغته بمعرفة لجنة مشكلة من مساعد أول وزير العدل وعضوية رئيس وسكرتير عام نادي القضاة في ذلك الوقت مع استبعاد عنصر الانتخاب إلا أن رئيس وسكرتير عام النادي قد تراجعا عن موافقتهما إزاء ضغط من اقلية مفضلين مصلحتهما في انتخابات النادي,.