لكي تقول قصيدة النثر كلمتها وسط كل هذا الزحام والضجيج لابد من مبادرات تجمع شعراء وشاعرات قصيدة النثر، وأحدث هذه المبادرات هي المبادرة التي قام بها الشاعر عادل جلال في الدعوة لإقامة مؤتمر قصيدة النثر المصرية وشعاره "في الإبداع متسع للجميع" ،ومن المنتظر أن تقام دورته الجديدة في سبتمبر المقبل . ولا تقتصر أنشطة المؤتمر علي الموعد السنوي فحسب، لكن تستمر طوال العام حيث تعقد أمسيات شعرية في الثلاثاء الأخير من كل شهر ، ويتنوع مكان انعقاد الأمسيات بين دور النشر والمراكز الثقافية المختلفة. وكنوع من تغيير الأجواء ومحاولة للخروج من القاعات المغلقة تم عقد أمسية شعرية في محافظة السويس أوائل الشهر الجاري. ومن الجدير بالذكر أنه يتم إصدار أنطولوجيا لكل دورة من الدورات تضم بعض القصائد وسيرة ذاتية لكل شاعرة من المشاركين في المؤتمر،وقد كانت الأنطولوجيا الأولي بعنوان "ينابيع تصنع نهراً" ومما لاشك فيه أنها تعد فرصة مميزة للتعرف عن كثب علي أكبر كم ممكن من التجارب الشعرية المصرية في مكانٍ واحد. من جانبه فقد أثني الشاعر عاطف عبد العزيزعلي الأمسيات الشعرية التي تقام علي هامش مؤتمر قصيدة النثر المصرية حيث إنها تمثل نوعاً من الحراك المطلوب بعد فترة من الركود الثقافي عاشته مصر منذ يناير 2011وأضاف صاحب "ترجمان الروائح" أن من بين أوجه القصور أنه برغم الجهد الكبير الذي بذله منفرداً الشاعر عادل جلال فقد جاء الجانب النقدي شاحباً وفقيراً ربما لضيق الوقت، كما لوحظ أن المؤتمر اتخذ منحي ديموقراطياً زائداً حيث رفع شعار(دع الجميع يقدم نفسه) الأمر الذي أدي إلي اختفاء المعايير عند اختيار الشعراء المشاركين نسبياً وبالتالي إلي ضعف بعض الأمسيات. وقد عبر الشاعر محب جميل أحد الشعراء المشاركين في المؤتمر عن سعادته بالمشاركة وإن وجوده بديوان وحيد بجانب شعراء لديهم مسيرة طويلة في الحياة الشعرية يعني الكثير. وأضاف أننا بحاجة لهذا النوع من الفعاليات التي تهدف إلي تعزيز التواصل بين الشعراء. وعن أبرز ملامح الدورة الجديدة للمؤتمر فقد أوضح الشاعر عادل جلال المنسق العام أن الدورة القادمة ستكون في الفترة من 20 -22 سبتمبر القادم ولم يحسم بعد مكان انعقادها. وقد تم تأسيس طقس جديد للمؤتمر باختيار ضيف شرف لكل دورة من الشعراء الكبار يتم الاحتفاء به وبتجربته الشعرية. كما سوف يتم إصدار كتاب مستقل يخصص للأبحاث في مجال قصيدة النثر. وصرح أيضاً أن الأصوات الشعرية الجديدة مازالت تظهر بشكل مبشر وقوي حيث الزيادة المطردة في عدد الشعراء الذين وصل عددهم إلي 30 شاعرا في الدورة الجديدة. ويري أن حالة الحراك التي أحدثها المؤتمر في المشهد الشعري تعتبر من أهم الإنجازات التي تم تحقيقها، بالإضافة إلي التأصيل للشعرية الجديدة بما لها وما عليها. أما فيما يتعلق بالمشكلة الأساسية والقائمة ليس في هذا المؤتمر فحسب لكن في معظم الفعاليات الأدبية فهي غياب الجمهور وانصرافه عن الحضور وعن القراءة أيضاً خصوصاً بالنسبة للشعر الذي فقد اهتمامه به، هذه المشكلة التي يتم طرحها للنقاش كثيراً دون وصول إلي أي حل، فقد أوضح الشاعر عادل جلال أن الأمسية التي أقيمت في السويس كان لها صدي طيب خصوصاً مع الاستعانة ببعض الفنون الأخري مما ساهم في جذب شريحة أكبر من الجمهور. وفي رأيي أن أحد الحلول يكمن في حتمية أن تقوم وسائل الإعلام بالاهتمام بالشعر كأحد أهم وأرقي الفنون مما يمكنه أن يساهم بصورة فعالة وحاسمة في مد جسور التواصل بين الشعر والقارئ. مريم سليمان