طوال السنوات المحتقنة بالأزمة ، والتي انتهت بالموجة الأولي من الثورة في الخامس والعشرين من يناير 2011 م مرورا بما جري بعدها من أحداث دموية ، مرورا بفترة اغتصاب السلطة من قبل عصابة الإخوان المتأسلمين ،التي كان المبدعون يعيشونها ككابوس ، طوال تلك السنوات ، كان عبده جبير قد أصيب بحالة غريبة : انه يكتب كعادته ،كل يوم تقريبا ، إلا انه لم يكن قادرا علي إنهاء أي عمل. كان يعمل ويعمل ، لكنه كان عاجزا عن " تفنيش " أي من هذه الأعمال ، التي تنوعت بين الإبداع ، والتأملات ، والآراء في مجريات الحياة وفن الرواية . لكنه ، كما قال ، ما أن انزاح الكابوس ، و"انشالت" غمة الإخوان حتي عادت له الروح ، وبدأ " كالمجنون " ينهي العمل بعد الآخر . أول الأعمال التي أنهاها كان كتاب " بفضل كل الخيال : قصص قصيرة مع نجيب محفوظ " الذي يضم ثلاث عشرة حكاية ، كان قد نشر بعضها ، ولكن بعضها الآخر ظل جنينا لم يكتمل يقبع في دفتر ملاحظاته لم يخرج الي النور ، فأقام عليه ثلاثة أسابيع يعمل ليل نهار حتي اكتمل .ومن عنوانه نعرف أنها قصص موضوعها هو كاتبنا الكبير نجيب محفوظ . نحاه جانبا وأمسك بمجموعته القصصية " رجل العواطف يمشي علي الحافة "التي كان قد دفعها للنشر سابقا ولكنها لم تر النور ،لأن الناشر أغلق أبوابه ولم يخرج منها من المطبعة سوي خمس وعشرين نسخة أهداها له لكن بقية النسخ ظلت محجوزة في مخازن دار الطباعة لأن الناشر هاجر من مصر فانتهي أمرها ، فقام بوضع لمسات جديدة لم يكن قد تمكن من وضعها في هذه الطبعة الأسيرة ، وأعاد وأضاف إليها حتي استوت ، ودفعها مع كتاب نجيب محفوظ إلي دار آفاق التي وعدت بإصدارهما معا خلال سبتمبر مع الاحتفال بافتتاح مقرها الجديد في شارع هدي شعراوي. الكتاب الثالث الذي ستصدره دار العين خلال أكتوبر المقبل هو ما جمعه جبير من أرشيفه ، لكنه أضاف إليه الكثير مع مقدمة تفسيرية لعنوانه الغريب " أهم أسباب الليل : شهادات معلقة في رقبة المؤلف " . الكتاب الرابع جمع جبير بين دفتيه 41 مقالا عبارة عن قراءة لأهم الكتب التي درسها طوال ثلاثين عاما مضت ، نشر بعضها فيما مضي ، لكن بعضها لم ينشر من قبل . وفي ظل الحماسة التي ركبته أنهي كتابه الخامس المعنون " الترجمة الكاملة لموسيقي عبد الوهاب في شوارع القاهرة " وضمنه شذرات من ورشة الكتابة واسكتشات ما قبل الثورة والذي يمكن من عنوانه الفرعي أن نفهم ما تضمنه من لقطات عن مجريات الحياة و فن الرواية كما يتصوره عبده جبير .