حيثما أطلَّ رأس الظاهر إلي الميناء حيثما أراح القوافلَ من العطش سيطلُّ بعد قليلٍ رأس الحارس الذي يأكل كُتب التاريخ وقرونها المملَّحة وذكريات العم جورج وصنارته الماهرة لا أحد ينتظر الآن ظمأها في خان الجزّار المملوك سقط عن سوره الروماني أحرق نفسه بالماء السلطان اختنق بحجارة قصره والكنعاني قتله الرمل الحار وهو يصرخ: "عكو.. عكو" الحارس الذي سرق صرخته يرمي القوافل إلي البحر بسفن لتصدير الحمُّص ويأكل الآن ما تبقي منه عند مرابط خيولها.
قلنديا عالِمُ الآثار الذي يقشِّر الآن سور عكا ليدرس طبيعة الحجر هو نفسه الذي ينقب الآن عن آثاري علي الحاجز حاجز قلنديا ما أشبهك بمقصلة محمد جمجوم.
العودة لم يرشدني أحدٌ إليه ناداني صوته الأخضر المتهدِّج من الشمال أعود من الضفة صديً قطَّع أطرافه أحفادك علي الحواجز: جنودنا فقأت عيونهم رصاصات أولادك الذين خطفوك ورفعوك علي جبالهم الموج الذي خثّره دمنا لا يجر سفنك ولا عتادك الذي أثقلته رماحُك المكسورة وتنينك الواقف وعظام ظهورنا التي حملت بلدًا كاملاً يومًا نخرتها الهزيمة لا أعودُ إلي الجبل ولا أحنُّ العودةُ قلعةٌ من تراب والحنينُ جرفٌ هائل إنها الشكوي وحدها الواقفةُ كجنديَ متمرِّد.