في بداية عصور الانحدار الأدبي - إبان حكم دولة المماليك وحتي استيلاء العثمانيين علي القاهرة - بدأ الشعر الفصيح يفقد جزءاً من قوّته وجزالته اللفظية ، وجمالياته التصويرية ، ويفقد كثيراً من تماسكه ورونقه ، وعلي الأخص حينما استخدم اللغة الجديدة - وهي اللغة المحكية ، التي هي في واقع الأمر خليط غير متناسق من اللغة الفصيحة واللغات الدخيلة - ولقد أوردت مجلة الهلال شعراً لمحمد الهِهْياوي (وهو شاعر معاصر لحسين شفيق المصري وصديق له ) يعاتب به خليل مطران - الذي منح حسين شفيق المصري ريالاً ، أجرمقال كتبه لمجلة يصدرها مطران ، وكان الريال ممسوحاً لم يرنّ عندما ألقي به علي البلاط ، يقول فيه : و خليلُ مطرانٌ تعلّم منّنا نظْم القر يض فَ «طُظّ « في مطرانِ شِعري يرِ ن ّ علي البلاطِ و شِعر هُ ما هوشْ يِر نُّ لأنّهُ بَرّ ا ني و هو من الحلمنتيشي ، وهوجامع بين الألفاظ العامية والفصيحة ، ويهدف إلي وصف حالة أو سلوك اجتماعي أو حتي مشاعر خاصة بشكل هادف .. وهويعتمد علي المفارقة المفجرة للسخرية ، مما يجعله فكاهياً لفظاً ومعني .. والشعر الفكاهي ليس من السهولة نظمه ، لأ نه يتطلب موهبةً خاصة ، وسليقة ظريفة ، تستطيع أن تعطي لنا الفكاهة ببساطة وتلقائية ..!! والشاعر الساخر حسين شفيق المصري الذي يوصف بأنه أعظم « ابن بلد» مصري ظهر في القرن العشرين ، برع في كشف عورات المجتمع ، و كان صاحب مدرسة في الأدب والشعر والفكاهة ، لما يتمتع به من خصوبة خيال ، واتساع أفق ، وقدرة فذة علي الإبداع ، قد ملأ الدنيا فكاهة وطربا ومرحا ، رغم أنه لم يحظ بقدر من التعليم ، لكنه كان شغوفاً بالقراءة ، فانكبّ علي قراءة كتب الأدب ، حتي أصبح حجة في اللغة والشعر ، وراوية لآداب العرب ، وصار شاعراً لا يُبارَ ي في الشعر الشعبي الفكاهي ، والشعر الفصيح المقفَّي ،فهو صاحب ثقافة ذات سعة وشمول .. !! وجدير بالذكر أن بداية مشعلقاته كانت معارضة ً لمعلّقة طرَ فة بن العبد - الشاعر الجاهلي - والتي يقول مطلعها : لِخوْ لة َ أطلال ٌ بِبُرْ قةِ ثَهمدِ تلو حُ كبا قي الوشْمِ في ظاهر اليدِ وقام حسين شفيق المصري بمعارضتها بأبيات يسخر فيها من جارة له - اسمها زينب - تملك دكاناً لبيع الفراريج الحية - يقول : لزَ يْنَبَ دكان ٌ بحارةِ مُنْجدِ تلوحُ بها أقفاصُ عيْشٍ مُقدّ دِ وقوفاً بها صَحْبي عليّ هزارُها يقولون لا تقطع هزارك و اقعُدِ فمالي أراني وابن عمّي مصطفي متي أدنُ منها ينأ عنها و يبعدِ رأت زوجها يدنو فغطت ذراعها بشالٍ طويلٍ كالملاءة أسو دِ وقالت يا لهْوِ ي .. جاتكو نيلة امشوا من هنا أفنديّة ا يه دول .. جوزي شايف دا شئ ردي ولا خْيْر في خَبْصٍ تري الضربَ بعده ولا هاجم ٍ يأ تيك بعد التر صُّْدِ ..!!