ولد أحمد علي السمرة في يوم السبت الموافق 17 مارس 1913 بالمنزل رقم 3 بشارع الحجاري، بحي رأس التين، والنشأة لها دخل كبير في تكوين الفنان، فحي رأس التين يختلف عن باقي أحياء الإسكندرية، ولا أدري إن كان يماثله أحياء أخري في باقي مدن مصر أم لا، فهو يجمع بين الشعبية والارستقراطية في نفس الوقت،ففيه الفقراء الذين يعملون في صيد الأسماك، أو عمال في شركات الإسكندرية المتنوعة، وفيه الأغنياء: رجال الأعمال، والذين يشغلون مناصب كبيرة في الدولة، وفيه الكثير من المشاهير من لاعبي كرة، ورياضيين في مجالات عديدة، وممثلين ومغنيين .. إلخ، كما عاش في حي بحري العديد من الباشوات، وكانت لهم مواقف وطنية معروفة. ولد من أسرة متوسطة الحال، الأب شيخ من مشايخ الطرق الصوفية، تربطه بالشيخ سلامة حجازي صداقة حميمة، والأم مغربية الأصل، قدمت له الكثير من الحواديت والسير الشعبية مما أثري خياله، وكان للإنشاد والذكر دور كبير في تنمية مواهبه الشعرية في طفولته. وحصل علي درجة الأهلية في الحقوق - جامعة الاسكندرية وشغل منصب رئيس الشئون القانونية بادارة مرور الاسكندرية . عمل محررا بجريدة السفير، وأصدر صفحته الأدبية الأسبوعية بعنوان »كيفما أتفق« نشر فيها أشعاره ومقالاته، ونشر فيها للكثير من كتاب القصة والشعر والمقالة، وكان يجتمع مع الكثير من مثقفي ومبدعي الإسكندرية علي رصيف الشارع الذي تقع فيه جريدة السفير مساء كل خميس يتبادلون الشعر والحديث في الأدب والفن. وأحمد السمرة له دور كبير في نشر الثقافة، فهو من مؤسسي أندية الأدب في قصور الثقافة بالاسكندرية، وقصور الثقافة الاجنبية. ويعتبر أهم الأستاذة في مجال تعليم الشعراء الجدد العروض، وتاريخ مذاهب الشعر المختلفة، وقد تخرج علي يديه الكثير من الشعراء الذين فرضوا مكانتهم وعبقريتهم علي مستوي البلاد العربية كلها. كما أنه يعتبر صاحب ثاني صالون أدبي في الإسكندرية بعد المرحوم الأستاذ علي حسن حمودة مؤلف أغنية:بدرية السيد الشهيرة: طلعت فوق السطوح أنده علي طيري... لقيت طيري بيشرب من قنا غيري والذي كان يقيم صالونه في جبل ناعسة التابع لحي كرموز. بينما أقام السمرة صالونه الفكري في بيته بشارع الشوكاني، حي الباب الجديد. أجاد السمرة اللغتين الإنجليزية والفرنسية وترجم قصائد كثيرة منهما الي اللغة العربية .وأسس جماعة الفن والفكر مع صديقه دكتور ممدوح العربي. كتب لجريدتي الدفاع والاهرام ومجلات الهلال والكاتب والشعر. ولصحافة الإسكندرية في جريدة السفير. وهو يري أن الشعر في فصيحه وعاميته تعبير عن النفس الإنسانية بكل مقوماتها وما ينتابها من هم ووجد ونصب واستمتاع، ثم هو كشف أيضا عن أحوال المجتمع الإنساني بكل تواصله وتباعده وتجاربه. كما أنه درس الموسيقي علي يد الموسيقار السكندري محمد فخري. لذا برع في كتابة الشعر بأنواعه المختلفة، فهو شاعر فصحي علي درجة عالية من الجودة، وكان فارساً من فرسانه، لا تخلو أمسية شعرية في الإسكندرية منه، وقد أرتبط بجماعة شعراء الشلالات التي كانت تجتمع في حدائق الشلالات، حيث كان يعمل رئيسها الشاعر الكبير عتمان حلمي، الذي تتلمذ أحمد السمرة علي يديه وعلي يد الشاعر الكبير عبد اللطيف النشار الذي كتب له مقدمة ديوانه »أنسام وأنغام«، كما أصدر أيضا ديوانه الثاني »قصائد اسلامية« .كما أنه شاعر عامية مقتدر، ويحكون عنه، إنه في اجتماع للزجالين، أرادوا أن يعلنوا عن إمارة الزجل للشاعر محمود بيرم التونسي، كما بايع شعراء الفصحي الشاعر أحمد شوقي بإمارة الشعر، لكن أحمد السمرة وقف وعارض هذا، قائلا لمحمود بيرم التونسي: - كيف يتوجونك أميرا للزجل، وأنا موجود في الإسكندرية. كما أنه مارس كتابة الأغنية، وأغانيه يتعدي عددها الخمسمائة أغنية. تعامل مع أكبر ملحني مصر، وأجود وأشهر الأصوات المصرية والعربية. فكتب أغنية : »اقول لك ايه« من ألحان الفنان حسين جنيد، وغناء عبده السروجي، وترجم أغنية عديني يا معداوي عن اللغة الفرنسية، فأعطاها الجو المصري الشعبي: عديني يا معداوي وأديك ريالين فضة مجروح وحبيبي مداوي يتمني العين ترضي محبوب القلب مواعده علشان يسكر من شهده عديني قوام عديني إيه يفصل بيني وبينه ده حبيبي وبحبه يا معداوي عندما تسمع الأغنية يخيل إليك أنها من التراث الشعبي، فقد اهتم السمرة بالتراث بأشكاله المختلفة، تعمق فيه ودرسه، فتجد في أغانيه اللزوميات والجناس والترصيع، والتقطيع والتربيع والتخميس، فتوحد مع التراث وأصبح جزءًا منه، وكثيرا ما كانت تذاع بعض أغانيه علي أنها من التراث الشعبي ( الفلكلور) .فهو مؤلف موال الصبر الذي أول من غناه؛ مطرب الإسكندرية الشعبي الشيخ أمين: أنا بعلم الصبر أصبر علي صبر حبيب جارنا يا خوخ خانونا الحبايب واحنا لم خنا يا لمون لامونا العوازل واحنا لم لمنا تعامل مع كبار ملحني مصر، أمثال: خليل المصري الذي لحن له أغاني: »عديني يا معداوي »و« إن كانوا بيقولوا أنا هنت« »و« الدنيا بهجة »غناء مطرب مصر الكبير عباس البليدي، وأغنية » يا زارع بستانك نور« غناء مطرب الإسكندرية محمد الصغير. و« نعيم حبك غناء كارم محمود و»يا غدارين بالهوي« غناء عائشة حسن زوجة الملحن. ولحن له فؤاد حلمي أغنية صحبة الورد التي غناها عبد الحليم حافظ في فيلم دليلة. و»الدنيا جمال« غناء نجاح سلام وكانت تُغني كثيرا في الإذاعات المصرية خاصة في الصباح. وغني له عبد الحليم أيضا »يا أبو سنة دهب لولي«، و»بدلتي الزرقاء« من ألحان عبد الحميد توفيق زكي. ومن ألحان محمد غنيم غني مطرب الإسكندرية عبد الرزاق إبراهيم: القسمة والمقدر رموني في سكتك والحب عليه مقدر وبقيت من قسمتك ثم غنتها بعد ذلك مطربة الإسكندرية المشهورة بدرية السيد. هذا غير أغان كثيرة جدا مازالت تغني في الإذاعات المصرية والعربية. وقدم الصورة الغنائية »بستان« غناء عزت عوض الله والثنائي: فتحي وضحي، ونسمة. وأحمد السمرة شديد العناية بمظهره فكان أنيقا، ساعده علي ذلك طول قامته، وجسده الرشيق الذي يشبه الرمح، كان يسير من قصر ثقافة الأنفوشي بعد ندوته الأسبوعية التي يعلم فيها الشعراء المبتدئين العروض وتاريخ الشعر ومذاهبه؛ حتي بيته في حي الباب الجديد، يفعل هذا بعد أن تعدي السبعين. وكان علي درجة عالية من الثقافة في شتي المجالات، وقد أعطي للمسرح اهتماما خاصا، فقد كتب مسرحيتين هما »ساق من ذهب« المستوحاة من التاريخ الفرعوني والتي تحكي عن قصة حب وقصة علاقة الإنسان بربه مرورا بالإيمان والعدل. ومسرحية »رئبال« وهي مستوحاة من التاريخ العربي. كما كتب المسرحيات لمسرح الجامعة، بإحساسه الذي اشتهر به، وهو تقديم يد العون للشباب علي كل المستويات، وقد فازت مسرحيته »بركة أبو العباس« بكأس الجامعات علي مستوي مصر وسوريا والسودان. وقررت وزارة الثقافة تقديم مسرحية شكسبير الخالدة »حلم ليلة صيف«، ترجمة الدكتور سمير سرحان ومن إخراج المخرج السكندري حسين جمعة الذي عرض علي الشاعر عبد المنعم الأنصاري كتابة أغاني المسرحية، فقال له: روح لأحمد السمرة، فهو أفضل من يقوم بهذا العمل. وبالفعل كتب السمرة الأغاني ولحنها الدكتور جمال سلامة وعرضت علي مسرح قلعة قايتباي، وكانت هذه آخر ما قدم أحمد السمرة للمسرح، فقد مات بعدها في 18ديسمبر 1991، وشيعه أصدقاؤه وتلاميذه الذي كان أستاذا حقيقيا لهم، فلم يبخل عليهم بنصيحة ولا بعلم، وقد رثاه الزجال الكبير كامل حسني قائلا: تاهت في الليل الدفّة والقارب مال.. واتكفّي وفردت جناحاتها البومة بتقول »السمره« اتوفي خمسين سنة وانت الجامعة بتخرج أجيال لامعة وتنور يا احمد ليهم وتدوب كده زي الشمعة