القعيد،وهالة، وطه،ويسرى "في أكثر من 15 رواية استطاع لملمة معرفته بناسه وإحساسهم بالرحيل الأبدي الممثل في الموت"، هكذا تحدث سعيد الكفراوي عن يوسف القعيد، في الندوة التي عقدت مؤخرا بالمجلس الأعلي للثقافة وتحدث فيها الروائيان يوسف القعيد ومحمد إبراهيم طه عن تجربتيهما، مع الناقدين حسين حمودة ويسري عبد الله وأدارتها الروائية هالة البدري. بدأت هالة البدري بسؤال القعيد عن رأيه بإبراهيم طه وجيل التسعينيات فأجاب بعدم الموافقة علي التجييل كل عشر سنوات وأنه يفضل التعامل مع كل أديب بمفرده بصرف النظر عن الجيل الذي ينتمي له: "نجيب محفوظ قال لي مرة إن أفضل ما كتبه كان في عقد الستينيات، فهل يعني هذا أنه أديب ستينيات!؟"، وعن الأعمال الجديدة قال: "في مجمل ما يُكتب الآن ثمة تراجع للهم الاجتماعي واستبطان للذات، والجدد أغلبهم غير معني بقراءة من سبقهم." ، ثم بدأ الكلام عن إبراهيم طه قائلا إنه يمثل واحدا من أفراد سلالة "الأدباء الأطباء" والتي ينتمي إليها أيضا يوسف إدريس ومحمد المخزنجي والمنسي قنديل. وأضاف أنه يشعر عندما يقرأ لإبراهيم طه أن ثمة تطابقا بين حياته الشخصية وبين أعماله: "حجم الخيال في كتاباته تتم السيطرة عليه لصالح الواقع." فدائما في كل نص له هناك طبيب ومريض وهناك دائما رائحة الفقر. واستدرك: "مؤخرا وجدته قد ترك قريته وجاء إلي المدينة، وتمنيت لو أنه لم يفعل، لأن ابن القرية لا يستطيع أبدا استبدال قرية طفولته بأية مدينة في العالم." إبراهيم طه أشار إلي أنه لم يترك قريته، وإنما فقط استطاع حيازة مكان في القاهرة بحيث يوزع وقته الآن بين قريته وبين المدينة. ثم تحدث عن علاقته بيوسف القعيد الذي كان أول من أشار إلي رواية سقوط النوار عام 2002: "وحتي الآن لم أحصل علي تليفونه ولم أهاتفه لأشكره". قسم إبراهيم طه الأدباء إلي مرحلة الجد وهو نجيب محفوظ، والآباء وهم يوسف القعيد وجمال الغيطاني، خيري شلبي، صنع الله إبراهيم وغيرهم ومرحلة الأحفاد والذين ينتمي إليهم وقليل منهم من وضع قدمه علي منطقة تخصه وحده. تحدث طه عن القرية المصرية الجديدة التي انتشرت بها العمارات الشاهقة ويرتدي فلاحوها الجينز ولكن مازالت هناك طريقة تفكير تميزهم وتفرق بين تفكير القرية وتفكير المدينة وهو ما يستحق بحثا. وهو ما اتفق معه القعيد قائلا إنه يشعر بالأسي في زياراته لقريته "الضهرية" بسبب التحولات التي حدثت بها. الناقد حسين حمودة بدأ كلامه بالحديث عن القرية في الأدب المصري، والتي بدأ ظهورها منذ رواية "زينب" التي امتازت بنظرة سياحية قليلا للريف، ثم في تجارب عبد الرحمن الشرقاوي وعبد الحكيم قاسم، وهو ما جعل للقرية أوجها عدة، أيضاً قام حمودة بتوجيه عدة أسئلة للأديبين، عن مكان الحكاية بأعمالهما والزمن المرجعي لهما وعن الكتابة الواقعية وهل لم يحاولا اكتشاف آفاق أخري للكتابة خارج حدود الواقع. طه أجاب عن سؤال الواقع بأن روايته "سقوط النوار" كانت تحوي واقعا صرفا: "كنت مولعا بمقولة أن التعبير بلغة بسيطة لا يعني أبدا أن العالم بسيط، ثم اكتشفت بعد ذلك أن الواقع وحده لا يكفي لإنتاج رواية مدهشة. وبدا هذا في "العابرون"، و"دموع الإبل." القعيد تحدث عن الحكاية في أعماله: "البذرة الأولي لمعظم أعمالي هي أمي. كنت بمجرد وصولي البيت تحكي لي عن أغرب ما وقع في القرية. حكت لي ذات مرة قصة عن رجل غني في بلدة مجاورة أرسل ابن شخص فقير آخر ليخوض الحرب نيابة عن ابنه، فخطرت لي فكرة رواية "الحرب في بر مصر"، كنت مترددا وأنا أعمل علي هذه الرواية تخوفا من قداسة حرب أكتوبر. وعندما كتبتها ذهبت بها إلي ناشر مصري فرفضها، فنشرتها في دار نشر لبنانية، واستمر منعها في مصر حتي عام 1985. الناقد يسري عبد الله تحدث عن انحياز القعيد إلي المقولات الكبري، وهو يفعل ذلك في وعي بالجدل بين الجمالي والأيديولوجي، والمفارقة عنده هي ليست مجرد تقنية وإنما تيمة أساسية تنتج المعني وتقوم بتوليده، "ناصر هو جواز السفر الموقع باسم الجمهورية العربية المتحدة والذي يحمله السارد في رواية "علي بلدي المحبوب." أما الروائي سعيد الكفراوي فقد تحدث عن يوسف القعيد قائلا أنه لم يكن منشغلا بتجارب أدبية من عينة تجارب كافكا وبورخس اللذين يريان أن الشكل أهم من المضمون، وإنما حاول الكتابة عن القرية القديمة: "يوسف طرح معني لم يطرح من قبل، وهو أن الفقراء يدفعون حياتهم لكي يكسب الأغنياء، حدث هذا في موت الشاب "مصري" في رواية "الحرب في بر مصر."