د. فيصل الحفيان مع محرر »الأخبار« جاء اختيار جامعة الدول العربية كضيف شرف اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام موفقا تمامًا لإلقاء مزيدٍ من الضوء علي الهوية العربية التي تتعرض إلي الكثير من الصراعات والتحديات، وبهذه المناسبة، أجرينا هذا الحوار مع العالم الكبير والمحقق الشهير د. فيصل الحفيان، مدير معهد المخطوطات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وهي إحدي منظمات جامعة الدول العربية، ليُجيب عن الكثير من تساؤلات المثقف العربي سنتبني نشر تراث أشهر طبيب ورحالة عربي • ما هي ملامح مشاركات معهد المخطوطات العربية في معرض الكتاب هذا العام؟ - نشارك بإنتاج غزير ونوعي، سواء علي مستوي النصوص أو الدراسات الذاتية، وأشير هنا إلي أنه سنقدم نصًا تراثيًا نفيسًا يُنشر لأول مرة هو كتاب (النصيحتين للأطباء والحكماء) لعبد اللطيف البغدادي، وهو فاتحة مكتبة البغدادي التي تبناها المعهد، وسوف يلحق بالكتاب المذكور كتابان آخران هما: (المجادلة بين الحكيمين: الكيميائي والنظري) و(رسالة في الكيمياء)، وعلي صعيد آخر سيجد عشاق التراث والمهتمون بالشأن التراثي فهرسًا جديدًا لمخطوطات الطب المحفوظة في خزانة المعهد، أما الدراسات، فهناك دراسة جديدة لي عنوانها »التحقيق والقراءة: إشكالية المصطلح وثنائية التعامل مع النص»، وهذه الدراسة - أيضًا - فاتحة سلسلة جديدة »مقالات في التحقيق». مبادرة للشباب وما الجديد الذي يقدمه المعهد مقارنة بالأعوام السابقة؟ - لعل الحدث الأهم علي صعيد النشر في المعهد والبادرة المهمة هي التي حملت عنوان »تراثنا»، وقد نشر المعهد في إطارها 32 نصًا ودراسة وكتابًا ومقالًا تراثيًّا، وتقوم فلسفة هذه المبادرة علي النشر العلمي الرقمي، وتهتم بنشر النتاج العلمي للشباب الجاد بعد مراجعته وضبطه وإخراجه، وذلك بغرض وضعه علي طريق العمل العلمي المنهجي. وهل يتم التركيزعلي نوعية بعينها من الكتب التراثية؟ - نحن معنيون بالنص التراثي أيًّا كانت طبيعته ومادته، ومهتمون كذلك بمقارباته المختلفة: فهرسته وتحقيقه ودرسه، بمعني أننا لا ننظر إلي النص ولا نقيمه من جهة موضوعه، بل ننظر إليه في ذاته، وفيما يضيفه إلي العلم، ولذلك فإن إصدارات المعهد موزعة علي الحقول المختلفة. لسنا سلطة تنفيذية لاتزال السيطرة الصهيونية علي القدس الإشكالية الأولي للأمة العربية.. ما مدي إسهام المعهد في الحفاظ علي المخطوطات العربية بالقدس؟ - لنكن صادقين مع أنفسنا ولنقل بوضوح وصراحة إن المعهد ومن ورائه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هو بيت خبرة، بمعني أنه لا يملك سلطة تنفيذية، لأن عمله علمي خالص، علي أن هذا الدور العلمي يصب في مصلحة الموضوع، ومن ذلك فيما يتصل بمخطوطات القدس أنقذ المعهد مبكرًا مجموعة كبيرة من المخطوطات من خلال بعثات التصوير التي أوفدها في مطالع النصف الثاني من القرن الماضي، وعقد ندوة حول مخطوطات فلسطين ومؤتمرا حول »تراث القدس: ذاكرة المكان والإنسان»، وهي الآن كتابات بين أيدي الناس، إضافة إلي التركيز التثقيفي والتوجيهي، فقد كان عنوان »يوم المخطوط العربي» في عام 2018 هو: القدس عندما يكون التراث أسيرًا، وقد احتشدنا للموضوع احتشادًا، واستنفرنا الجهود في مختلف البلاد العربية والإسلامية والأجنبية. أمهلونا عامين وإلي أين وصلت تعديلات قانون المخطوطات العربية؟ - من المعلوم أن المعهد كان قد صاغ قانونًا نموذجيًا لحماية المخطوطات العربية في ثمانينيات القرن الماضي، ووافق عليه وزراء الثقافة العرب وجري تعميمه علي البلاد العربية، ومما يؤسف له أن بعض البلاد لم تفد منه وظلت المخطوطات إما بدون قانون، أو أسيرة قانون الآثار، أو قانون عام للتراث، الآن مضي علي إقرار القانون النموذجي أكثر من ثلاثين عامًا جَدَّت فيها أمور تستدعي إعادة النظر والصياغة، ونحن الآن نقوم بذلك، وسوف نعرض الصياغة الجديدة علي الجهات العليا المختصة خلال العامين المقبلين. خطة واضحة هل لديك خطة للارتقاء بمجال التدريب لإنشاء أجيال شبابية قادرةعلي التعامل مع تراثنا المخطوط؟ - يمتلك المعهد خطة واضحة لتدريب الأجيال الجديد وإعدادها للتعامل مع التراث عمومًا، والتراث المخطوط خصوصًا، وهي خطة بدأت منذ عدة سنوات، وهي تؤتي ثمارها، ويشعر الجميع بها، ليس في مصر وحدها، بل في الوطن العربي، وتتمثل تطبيقات هذه الخطة في الدورات التدريبية المنتظمة والمنوَّعة التي تشمل الفهرسة والترميم والتحقيق وغير ذلك، وهي دورات تستقطب متدربين من مختلف أنحاء العالم، وتصل إلي من يريد من خلال البث المباشر، وقد بلغ عدد الذين أفادوا منها الآلاف، وهنا الحديث المهم - أيضًا - هو استحداث دبلوم علوم المخطوط الذي يعد أول دبلوم عال متخصص يجعل من المخطوط حقلًا معرفيًا مستقلًا، ويدرس فيه الطالب سنتين (أربعة فصول دراسية) التحقيق والفهرسة والترميم والفنون والتشريعات الخاصة بالمخطوط، وقد تخرَّج في هذا الدبلوم الذي أنشئ قبل أربع سنوات أكثر من مئة وخمسين طالبًا. في مواجهة السوق السوداء هل يملك المعهد سلطات فاعلة لمواجهة ظاهرة السوق السوداء للمخطوطات؟ - يجد الاتجار بالمخطوطات سوقًا رائجة، وليس بإمكاننا التصدي لها بالمعني القريب، إنما نحاول مواجهتها عن طريق صياغة التشريعات اللازمة وتفعيلها والتوعية بأخطارها، وإصدار الدراسات التي تجعل منها قضية ساخنة تحت عين صاحب القرار والجهات المعنية في بلادنا. عبد الهادي عباس