الإخوان تعبانين جداً من نشيد الصاعقة »قالوا إيه»، ويشنون عليه هجوماً ضارياً، نفس ما فعلوه مع »تسلم الأيادي»، وأي أغنية وطنية أخري تلقي انتشارا بين الناس، هي عدو لدود ورجس من عمل الشيطان.. عندهم عقدة من الأغاني الوطنية من أيام الرئيس جمال عبد الناصر، الذي انتشرت في حكمه ملاحم غنائية، ألهبت المشاعر وفجرت الحماس. في أوقات التحدي تتحول الأغنية الوطنية إلي سلاح سلمي، لا يطلق رصاصاً، ولكن كلمات لها مفعول السحر، أقوي من العبوات الناسفة، وأشد دوياً من المتفجرات، وهذا ما فعله نشيد الصاعقة المصرية »قالوا إيه»، فرغم بساطة اللحن والكلمات، إلا أنه لمس القلوب وعانق الألسنة، لأنه جاء معبراً وصادقاً ونابعاً من القلب، وعظَّم بطولات »منسي وشبراوي وحسنين وخالد مغربي» وغيرهم من أبطالنا في سيناء. الإخوان لا يريدون الناس تغني إلا »صليل الصوارم»، الذي يروج للعنف والسيف والقتل والدماء.. وبالمناسبة صليل معناه صوت والصوارم هي السيوف، وتخيلوا معي صوت الموسيقي الجميل، عندما يتحول إلي طرقعة سيوف وهتافات مخيفة، تزينها أعلام سوداء ووجوه مقنعة، وتراب وغبار وأنات الأسري والقتلي والمعذبين، وجحافل الشر تحرق الأخضر واليابس. تخيلوا معي أن تلميذاً أو تلميذة يغني في طابور الصباح »صليل الصوارم يبيد الطغاة، وكاتم صوت جميل صداه»، فكيف تكون نفسيته بعد وجبة العنف الصباحية، ومنذ متي كان الصدي جميلاً لكاتم الصوت؟.. وهل سيخترعون سيوفاً جديدة بكاتم صوت؟ ومن هم الطغاة الذين يهديهم صليل الصوارم؟.. وهل شهداؤنا الأبرار الذين يقدمون أرواحهم فداء للوطن والحياة هم الطغاة المستهدفون بالصوارم؟ الفزع الذي أصاب الإخوان من »دولا مين»، هو نفسه الذي جعلهم أعداء لأغنية »تسلم الأيادي»، التي تحولت إلي ملحمة شعبية، في الأفراح والمهرجانات والاحتفالات، فصاروا يعتدون بالضرب علي من يغنيها، واعتبروها علامة تميز الكفار والمرتدين، لأنهم يغنون لجيش بلادهم، الذي أنقذ البلاد والعباد من الضياع، وحطم أحلام الجماعة الشاردة، في السطو علي وطن عظيم تحت جنح الظلام والشرعية المغتصبة. أي شيء يفرح المصريين يأتي بالحزن والنكد للإخوان، وأي طوبة ترتفع في بناء، هو حجر ينال رؤوسهم، وكل استقرار يدعم أركان الدولة، يهدم أحلام الوهم في عودتهم، وكلما ارتفعت الروح المعنوية للناس، أصيبوا بنوبات من اليأس والإحباط، وتصاعدت حملاتهم الكاذبة، وموجات التشويه والافتراء، ولا أدري كيف ينظر إعلاميوهم لوجوههم في المرآة، وهم يهاجمون بلدهم بأموال من يدفع لهم؟.. وعلي حد علمي فلم يحدث في تاريخ مصر، أن ظهر مثل هؤلاء »المعارضين» الذين جعلوا أنفسهم بنادق للإيجار، بوجوه مكشوفة لا تعرف الخجل، ولا تستحي من أفعال توصف بالخيانة. ما علينا.. ولا يعنينا إلا أن يكون الغناء »وتسلم الأيادي» »ودولا مين» أسلحة شعبية في أيام الانتخابات، وأن ترتفع الأصوات عالية في السماء، لتصيب كل من يضمر شراً لبلده بالصمم، وكلما ارتفع الغناء و»مدد مدد شدي حيلك يا بلد»، صدرنا لهم اليأس والخوف، وأكدنا لصليل الصوارم أن الغناء ليس دماء، وأن الذي يضحي بحياته فداء لتراب وطنه، ليس كمن يتحالف مع الشيطان، وأن أبطال الصاعقة والجيش والشرطة، هم محمد وعلي وإبراهيم ومرقص، يؤمنون بالله ولا يتركون فرضاً ولا صلاة، وأن عائلات الشهداء مصريون أوفياء، فيهم رائحة طين الأرض، وتتزين أفواههم بقراءة القرآن والدعاء. في أوقات الخطر يشهر المصريون سلاح الغناء، فيتحول إلي أداة ردع شعبية في أفواه الكبار والصغار وفي الأفراح والموالد والأعياد والمناسبات.. وكلما ارتفع الغناء عالياً في السماء، خرس »الصليل» وسقطت »الصوارم» من أيدي الجبناء.