حبس وغرامة، نص تصديق السيسي على تعديل بعض أحكام قانون الموارد المائية والري    نقابة المعلمين بعد واقعة محافظ المنيا: المعلم ركيزة العملية التعليمية واحترامه واجب مجتمعي    ميناء الإسكندرية يستقبل السفينة السياحية الهولندية MS Oosterdam قادمة من اليونان    "قناة السويس" و"التمثيل التجاري" يبحثان آفاق التعاون في التسويق الخارجي وتوطين الصناعة البحرية    إيران: المحادثات مع وكالة الطاقة الذرية ستكون تقنية ومعقدة    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    رومينيجه يشيد ببطولة كأس العالم للأندية    بعد قرار اتحاد الكرة.. الأهلي أول الأندية حصولا علي كارنيهات جهازه الفني بعد تقديم رخص التدريب    ضبط صبي لترويعه الفتيات ب كلب في الجيزة    السائق شريك في الجريمة.. ضبط المتهمين بسرقة سيارة محملة ب1.5 طن نحاس خردة في الجيزة    موجة شديدة الحرارة تضرب مصر ودرجات الحرارة تصل إلى 49 جنوب الصعيد    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الأوبرا تُدشن هاشتاج خاصا بفعاليات مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء 33    ذكرى رحيل نور الشريف... ناظر مدرسة الفن والإبداع    قبل طرحه الأربعاء المقبل.. تعرف على شخصيات فيلم درويش    هيئة الدواء المصرية توضح طرق إدخال الأدوية للجسم    فوائد الرجلة، غنية بالأوميجا 3 وتعزز صحة النظر وتحمى من السرطان    مصر تواجه تونس فى البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة    هل يشارك أحمد فتوح في مباراة الزمالك القادمة بعد تدخل زملائه للعفو عنه؟ اعرف التفاصيل    جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز بعد نهاية الجولة الأولى    أشرف بن شرقي يقترب من تشكيل الأهلى أمام فاركو فى الدوري    مدبولى يتابع الموقف التنفيذى لتوفير تغذية كهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    وزارة التربية والتعليم تشارك جميع المناهج المطوّرة على موقعها الرسمي    محافظ أسيوط يشهد تسليم تعويضات مالية لسكان عرب المدابغ    ترامب يطالب بالتحرك الفوري لإبعاد المشردين عن العاصمة واشنطن    ضبط سائق للنقل الذكي تعدى على سيدة خلال رحلتها بمدينة 6 أكتوبر    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    أوكرانيا والسويد تعدان مشروعًا لتطوير الطيران القتالي    إعلام إسرائيلى: الجيش سيعرض خلال أسبوعين خطة شاملة لاحتلال قطاع غزة    في إنفوجرافات لمجلس الوزراء : مصر ضمن 7 دول للاستفادة من برنامج صندوق الاستثمار فى المناخ    الشاطر يكتسح شباك التذاكر.. وأمير كرارة: من أحب التجارب لقلبي    شباب كفر الشيخ يحصد المركز الأول فى الفنون الشعبية والنحت والدورى الثقافى فى "إبداع"    وزير المالية: دعم جهود تمكين القطاع الخاص المصري مع التركيز على التوسع والنفاذ إلى الأسواق الأفريقية    شوبير يكشف موقف إمام عاشور من المشاركة أمام فاركو: اللاعب يسعى لصناعة المفاجأة    الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 40.7 مليون خدمة طبية مجانية خلال 26 يومًا    كلية طب قصر العينى تطلق مجلة دولية محكمة بالشراكة مع ناشر عالمى    ضبط عاطل بالجيزة لتصنيع الأسلحة البيضاء والإتجار بها دون ترخيص    المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في النسخة الأولى من بطولة العلمين للجامعات    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر في حملة تفتيشية بالشرقية    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    وزير الري يؤكد أهمية صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    مؤتمر صحفي لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ.. الثلاثاء    السياحة والآثار: وادي الملوك بالأقصر آمن والمقابر لم تتأثر بالحريق    نقص مخزون الحديد.. أجراس تحذير للجسم وطرق علاج الأنيميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    انطلاق فعاليات مبادرة "أنا أيضا مسئول" بجامعة جنوب الوادى    شيري عادل تخطف الأضواء وتعتلي منصة التكريم في مهرجان إبداع بحضور وزير الشباب والرياضة وكبار المحافظين    موعد مباراة بيراميدز والإسماعيلي في الدوري الممتاز    مسئول أمريكي: تقدم ملموس نحو تسوية سياسية بين روسيا وأوكرانيا    تعرَّف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 11 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل الصحفي أنس الشريف في غارة على غزة    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»الملك ينحني ليقتل«:
فن صناعة الخوف!

يحقّ للدكتورة سهير المصادفة، الفرح مع بلوغ سلسلة الجوائز الرقم مائة، وكدأبها علي بثّ رسائل هامسة، إبداعيّة حيناً، و فكريّة حيناً آخر، اختارت أن تتوج المسار المميز للسلسلة في عددها المائة، بترجمة رائقة قويّة تحرّض علي القراءة، للشاعر السوري د.وحيد نادر لكتاب "الملك ينحني ليقتل" وهو عمل "يستعصي بعض الشيء علي التصنيف أدبيّاً" للشاعرة والكاتبة الألمانيّة من أصول رومانيّة الحائزة علي جائزة نوبل لعام 2009، هيرتا موللر.
يبدأ الاشتباك مع نصّ موللر مع عنوان الكتاب.العنوان الأصلي للكتاب بالألمانيّة Der König verneigt sich und tötet أو: الملك ينحني و يقتل، تحوّل في النصّ العربي إلي: الملك ينحني ليقتل. هذا الانزياح من واو العطف العموميّة، إذ الملك ينحني و يقتل في مسارين متجاورين يوحيان بوجود مسارات أخري يمارسها الملك/الديكتاتور إبان طقس الانحناء، إلي لام التعليل التي تقصر غاية الانحناء علي القتل فحسب، و هو انزياح مقصود لا شكّ، ربما كان جانباً من الجوانب التي تواجه دراسات الترجمة في طرح مشكلات الترجمة، من حيث هي ظاهرة لغويّة/ثقافيّة في الأساس، وانتقال النصّ من بيئة اللغة المصدر إلي بيئة اللغة الهدف. فبحسب النظريّة السوسيوثقافيّة لبيتر نيومارك فإنّ الإنسان : »لا يترجم اللغات بل الثقافات« ما يستلزم وعي المترجم لا باللغتين المصدر و الهدف، بل بالثقافتين اللتين يعمل بينهما. يتجلّي هذا الوعي في اختيار التبديل بين واو العطف و لام التعليل، إذ لا يُري في انحناء الديكتاتور إلا طقساً لا يمارس فيه إلا الانتهاك و القتل و الإذلال، لا شيء آخر.
الملك / الديكتاتور في هذا الكتاب ليس نيكولاي تشاوتشيسكو الطاغية الروماني الّذي حكم خمسة عشر عاماً حتّي أُعدم علي شاشات التلفاز رمياً بالرصاص عقب محاكمة دامت ساعتين فحسب، بل رجل يحترف صناعة الخوف. يخشي الموت فيشوّه اللغة، و يصير الملاك محضّ تمثال رأس السنة المجنح، و يصير النعش موبيليا أرضيّة. الخوف هنا عِماد أساسي تتكئ عليه دولة الملك ،"عليّ أحياناً أن أعضّ علي أصابعي، كي أحسّ أنّني ما زلت موجوداً" ، يتجاوز الخوف تشويه اللغة إلي تشويه الروح، إلي ضياع الإحساس بالوجود الّذي يلقي بظلاله علي كل مظاهر حياة خلو من الروح. تحكي المؤلفة قِصّة أحد جيرانها في رومانيا، ملك آخر، لكنه هذه المرّة ملك التوت: كان مريض سرطان في مرحلته الأخيرة و لم يُعط يومئذٍ من العلاج سوي إبر البنسلين، إذ كان هناك نقص في إبر المورفين و لم يتوفر لدي الطبيب المعالج شيئاً منها. لم تستطع إبر البنسلين مساعدته علي تحمّل نوبات الألم التي كانت تجوب جسده، فاتفق مع الموت علي ذاك اللقاء. في دار بيته الخلفي انتصبت شجرة توت بسلم يستند علي جذعها. كانت دجاجاته قد تعلمت النوم علي الشجرة، حيث يصعدن درجات السلم كل مساء حتي يصلن إلي أعلي الشجرة و هناك يصطففن بانتظام للنوم علي الأغصان. و حين يطلع النهار ينزلن السلم عائدات إلي أرض الدار. كانت ابنة الميت تقول :"بعد تدريب استمر عدة أسابيع اطمأنت الدجاجات للشجرة تماماً. حتي أنّ الدجاجات لم يسمحن لانتحار الرجل أن يزعجهنّ، رغم أنّه علّق نفسه بحبل مشنقة مربوط بغصن الشجرة التي ينمن عليها. لم يصرخن و لم يرفرفن، لم يسمع أحدٌ أيّ صوت مهما كان صغيراً في الدار ليلة الانتحار". وهكذا وقد درّب الملك شعبه علي صعود شجرة التوت، يُرسل كلابه المفترسة لاصطياد الهاربين علي الحدود و تمزيق أجسادهم، ثمّ يتركُ تلك الأجساد ملقاة في العراء ( لِمَ؟) ليكتشفها الفلاحون فيما بعد أثناء الحصاد. الجميع هنا بانتظار الموت ولن يكون الفاعل مجهولاً لكنه كلي الوجود، ثابت. وغالباً ما يئول القتل إلي انتحار.
وُلِدت هيرتا موللر عام 1953 في قرية نيتسكيدورف الرومانيّة بإقليم بانات وهي منطقة بوسط أوروبا مُقسمة حالياً بين ثلاث دول هي رومانيا وصربيا والمجر لأبّ عنيف المِزاج عمل بقوات SS الشهيرة، و أمّ Volksdeutsche ألمانية العرق، أقصاها السوفيت لتقضي عقوبة العمل بمعسكرات العمل الإجباري خمس سنوات، ليمحنها اسمها المسيحي صديق لأمها قضي نحبه بالمعسكر بسبب الجوع. سنجد في سيرة موللر ذات التفاصيل المتشابهة التي نصادفها بسير المبدعين ممن عاشوا بالمجتمعات الديكتاتوريّة، فقد خسرت وظيفتها كمترجمة في أحد المصانع الهندسيّة بسبب رفضها العمل جاسوسة لمصلحة الاستخبارات الرومانيّة لينتهي بها المطاف هاربة علي ظهر جرار زراعي إلي ألمانيا الغربيّة تحمل حقيبتين لا غير، شتاء 1987 .
صدر الملك ينحني ليقتل عام 2003 و تواصل فيه موللر رصدها لوحشيّة معسكرات الموت، وفساد أجهزة الدولة و الصدمات الشخصيّة التي تقود الناس للجنون في دولة الطغيان اللإنساني، وهي الخيوط الأساسيّة التي تربط أعمال موللر منذُ روايتها الأولي منخفضات Niederungen التي صدرت عام 1982 في طبعة منقوصة جراء الرقابة الصارمة، و أول كتبها التي نُشرت في ألمانيا الإنسان في الدنيا طائر تدرج كبير، و الثعلب آنذاك كان هو الصياد، و ليتني لم أقابل نفسي اليوم ( صدر عن سلسلة الجوائز أيضاً بترجمة الدكتور مصطفي ماهر)، مروراً بكتابين من الكولاج الشعري : سيدة تعيش في عقدة الشعر، السّادة الشّاحبون يحملون أكواب القهوة المرّة، وحتّي كتابها الأخيرAtemschaukel أرجوحة النفس الّذي صدرت طبعتيه الألمانيّة والعربيّة بذات التوقيت أثناء معرض فرانكفورت الدولي عام 2009 بترجمة أنجزها د.وحيد نادر أيضاً.
يقع الكتاب في تسعة فصول أغلبها قامت هيرتا موللر بكتابتها علي شكل محاضرات جامعيّة أثناء عملها أستاذة لنظرية الشعر في توبنجن و بادن فايل.
الكتاب: "الملك ينحني ليقتل"
المؤلف:هيرتا موللر
الناشر:هيئة الكتاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.