ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    اللجنة العامة بالخانكة والخصوص والعبور تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات مجلس النواب بالقليوبية    تحرش وتدافع وسقوط سيدات| محمد موسى يفتح النار على صاحب محلات بِخّة بالمنوفية    محافظ القليوبية يستجيب ل محمد موسى ويأمر بترميم طريق بهادة – القناطر الخيرية    جوتيريش يدعو إلى توظيف الهجرة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التضامن الإنساني    فلسطين.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف جباليا شمال قطاع غزة    الحريديم يصعدون احتجاجاتهم ضد محاولات تجنيدهم في إسرائيل    نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا مصغرا لبحث تطورات المرحلة الثانية بغزة    غدا.. انطلاق ماراثون انتخابات نادي الرواد الرياضي بالعاشر    منتخب مصر يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير استعدادًا لمواجهة زيمبابوي بأمم أفريقيا    رأيت ما لا يُحتمل| مواطن يروي مأساة نبش قبر نجلته بعد دفنها ب 48 ساعة    محمد موسى عن واقعة نبش قبر فتاة: جريمة تهز الضمير قبل القانون    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    انتخابات النواب 2025، اللجنة العامة بالدائرة الخامسة بالخانكة تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة    رئيس غرفة البترول: مصر تستهدف تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين    حلمي طولان يهاجم محمود فايز: أعمل في هذه الوظيفة قبل أن يولد هؤلاء    ترامب يوقع أمرا باعتبار الماريجوانا مخدرا أقل خطورة    أمريكا تفرض عقوبات على 29 سفينة تابعة ل"أسطول الظل" الإيراني    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    ترامب: الرئيس السيسي صديق لي وأحب أن أستضيفه.. فيديو    القمة الأوروبية تدعو إلى إدخال عاجل وآمن للمساعدات إلى غزة بما فيها ممر قبرص البحري    الحصر العددى فى دائرة حدائق القبة يكشف تقدم المرشح سعيد الوسيمى ب7192 صوتًا    هشام إدريس: تنوع المنتج كلمة السر في قوة السياحة المصرية    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة إلقاء مادة حارقة على 3 طلاب بالقليوبية    الداخلية تضبط شخصين لتوجيه الناخبين في المحلة    نابولي يهزم ميلان 2-0 ويعبر إلى نهائي كأس السوبر الإيطالي    جمال رائف: صفقة الغاز مع إسرائيل رابحة لمصر ولا تمثل أي ورقة ضغط سياسية    لوسى ل اليوم السابع: أنا بخير وفى بيتى وتعرضى لأزمة صحية غير صحيح    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    خبير اقتصادي: توقعات بارتفاع أسعار الذهب والفضة في 2026    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    تكريم مسؤول ملف السيارات ب«البوابة» في قمة EVs Electrify Egypt تقديرًا لدوره الإعلامي    الهيئة العامة للأرصاد الجوية تختتم ورشة عمل تدريبية إقليمية بالقاهرة    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تنظم زيارة للمعرض الدولي السابع للأقمشة    الداخلية تضبط شخص يوجه الناخبين في قطور    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    «التضامن» تشارك فى احتفالية ذوى الإعاقة    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية: ضبط 119469 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة على مستوى الجمهورية    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاومة تجليات الموت باصطياد الحياة
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 06 - 2011

ردّ الكتابة إلي أصل شفاهي هنا لا صلة له بالحكي الشعبي أو سير الأبطال، لكنه أقرب لطقوس الحوار والمسامرة، رغبة في استرداد وتثبيت أجواء من الإمتاع والمؤانسة
في مجموعته القصصية الثانية "علي قيد الحياة" يواصل محمود عبد الوهاب تعميق تجربته القصصية التي بدأها في مجموعته السابقة، »كل شيء محتمل في المساء« تلك التجربة التي تنحي كل الهموم التقنية والشكلية لصالح اصطياد التجرية الإنسانية الحميمة في أصفي حالاتها الممكنة، مستعيناً براوٍ بسيط له ملامح متكررة بين قصص الكتاب الثماني عشر، حتي في القصتين المرويتين بضمير الغائب، لم تختف تماماً صورة هذا الرواي، الفنان المحب لالتقاط الحكايات الجميلة من بين ركام الوقائع اليومية المبتذلة.
منذ العنوان والإهداء تستحضر المجموعة ثنائية الموت والحياة بقوة، البقاء علي قيد الحياة بطريقة أو بأخري في مقابل المغادرة الوشيكة مهما افترضنا ابتعاد موعدها. نقرأ الإهداء: "إلي الذين غادروا، والذين مازالوا ينتظرون"، كأن الأساس في المعادلة هو المغادرة، وليس البقاء علي قيد الحياة سوي مرحلة انتظار. تتباين تجليات الموت أو الغياب عموماً في قصص المجموعة، ما بين الموت المادي لبعض الأحباب والأقارب، أو حتي لغريب في حادثة علي الطريقة حيث يتحول الإنسان فجأة إلي جثة تنتظر أن يتسلمها أصحابها، وأشكال أخري معنوية للموت من قبيل انقطاع الصلات وعلاقات الحب والصداقة والزمالة. في قصة "علي قيد الحياة" نفسها، أطول قصص الكتاب وأكثرها إبرازاً للمرتكزات الأساسية للمجموعة، ننطلق من اللحظة الراهنة والشات مع الصديق القديم الذي يفجر لدي الراوي سيلاً متدفقاً من الذكريات المرتبطة بفترة الجامعة تحديداً وبعد حوار علي الشات تتابعت فيه الذكريات وانطلقت فيه الضحكات حتي طفر الدمع من العيون، يعود الراوي إلي الحاضر الشاحب عديم النكهة، فيظل ملازماً للصمت تماما لبقية اليوم؛ فكأن استعادة الصلة بالماضي البديع قطعت علاقته بهذا الحاضر.
لكن حالة استعادة الماضي لا تأتي بمحض المصادفة معظم الوقت، ففي قصة مثل نوستالجيا، يسعي الراوي بنفسه إلي هذه الحالة الشجية، نابشاً مثل الخواجة المفلس في دفاتره القديمة، وهي الرسائل العاطفية القديمة علي بريده الإلكتروني، ويترجم لنا ? مشكوراً ? إحدي تلك الرسائل عن الإنجليزية، التي تعترف فيها كاتبتها بحبها له وبأنه الحبيب الوحيد والأخير، إلخ، وسرعان ما تنتهي الرسالة ليتدخل معقبا بأن هذه الفتاة تزوجت بعدها ? بعد تاريخ الرسالة ? بعامين. ليست المسألة في قصة الحب نفسها أو الفتاة، بقدر ما الاستمتاع بالمسافة، التلذذ بالانطفاء والانقضاء في شجن لا يبتعد بنا كثيراً عن عواطف الطرب العربي القديمة، حالة من الاستمتاع العاطفي بتأمل فعل الزمن والدهشة الداخلية الغامرة أمام كرور الأيام واختلاف الأحوال. وفي تعليق راوينا الأخير، علي هذه الحالة من استجلاب مشاهد الزمن المنقضي، يقول إنه يعرض قلبه للنوستالجيا كما يعرض بعض الناس جلودهم في البحر الأحمر للشمس، أملاً في اكتساب جلد جديد. ومع هذا فقد فاته هنا أننا لا نكتسب جلداً جديداً ? كالأفاعي ? من التعرض للشمس أو الذكريات، ما هي إلا طبقة، لوناً، سُمرة، أي أنها حال مؤقت ككل الأحوال، سرعان ما نرجع منها إلي ما كنا عليه. نحن أمام راوٍ يقظ، لا تفوته شاردة ولا واردة، يعرف كيف ينتقي من بينها ما يصلح للتأطير وما هو جدير بالكتابة، ولا يجد حرجاً في إعلان ذلك صراحة في نهاية قصة "القانون"، حين يسمع حكاية دالة علي زمن جميل مضي، فيتساءل ? الفنان، صاحب القصص القليلة الجميلة ? كيف يمكنه كتابتها في يوم من الأيام كقصة قصيرة.
في أغلب قصص المجموعة الأولي لمحمود عبد الوهاب " وحسب ما أذكر، هيمنت حالات الوحدة والشعور بالخواء، هنا أيضاً نستطيع أن نتلمس الوحدة والفراغ والجوع العاطفي أو القلق الروحي، ولكن في سياق أوسع، سياق يحتفي بالصداقات ? قديمة أو جديدة، عابرة أو مقيمة ? ويولي أهمية خاصة لجلسات الأنس والمنادمة، وللحوار، سواء كان شفاهياً وجهاً لوجه أم من خلال شاشات الانترنت، عبر المحيطات الفاصلة. ننصت مع الرواي إلي كثيرٍ من الحكايات والمواقف من خلال حواراته مع الآخرين، . الحوار مرتكز أساسي في أغلب قصص المجموعة، ويستعير السرد نفسه بعض آليات الكلام الحر الطليق، ليتخفف وينطلق بلا قيود، فكأن الراوي أغلب الوقت يتحدث إلي صديقٍ ما، غائب أو حاضر.. فهو يكتب مثلا: "ليس هذا ما أريد أن أقوله علي أي حال"، في مستهل قصة "الواد إبراهيم" كأنه يبحث عن وجهته معنا، وهذا خصيصة الكلام الذي يجيب بعضها بعضاً وينحرف ويطوف بموضوعات شتي، دون استقرار دون هدف مسبق معلوم. الكلام يكتشف الحكاية وهو يبنيها، ليست لديه خطة مسبقة، لا يعرف المؤامرة والحبكة، لذا فإن روح العفوية والدهشة والاندياح البريء لا تكاد تفارق القصص، إلا في العبارات الأخيرة أو قفلة كل قصة، حيث دائماً ما يحشد القاص كل طاقته التعبيرية لترك أقوي أثر ممكن علي القاريء.
ردّ الكتابة إلي أصل شفاهي هنا لا صلة له بالحكي الشعبي أو سير الأبطال، لكنه أقرب لطقوس الحوار والمسامرة، رغبة في استرداد وتثبيت أجواء من الإمتاع والمؤانسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.