أما الشاعر الفلسطيني معين بسيسو فيقول : قد أقبلوا فلا مساومة المجد للمقاومة لراية الإصرار شاهقة للموجة الحمراء من صيحاتنا المعلقة علي الشوارع الممزقة ولليد المكبلة ولليد الطليقة المناضلة المجد للجريح والمثقوب قلبه وللمطارد مدينتي.. قد أقبلوا ليلاً من الأظفار والخناجر وكنت نجمة تقاتل أضواؤها العريانة السلاسل. وكانت البنادق العمياء تقتفي خطي المناضل وكنت ماردًا من السنابل يداه منجلان والجراد زاحف قوافل يريد أن يجر للطاحون مارد السنابل. مدينتي.. يا أدمع البركان قد جرت مشاعل ويا ابتسامة الزلازل. مطبوعة سيفًا علي جبين أرض شعبي المكافح مدينتي.. زنبقة خضراء لم تنم علي سرير فاتح ولم تصب الزيت في مصباح خائن رموشه بساط كل مقبل ورائح من باذري المذابح ولم تهب شعورها أسلاك معتقل ولم تقبل سوط طاغية كجارية مدينتي رأيت كيف تنسج الأمل خطي حبيبك البطل وكيف قد نشرت من دمائك الشراع يمخر الحرائق النار لا تمسه ولا الصواعق. ولا الرصاص طائرا قشًّا من البنادق مدينتي واحسرة القيثارة الخرساء للغناء والبلابل. تشدو إلي الأبطال، وعذاب شاعر في السلاسل. وأنت في السلاسل. ولم تكن تناضل. غير الحروف من شريانه جرت قصائد مدينتي.. وأي رعشة تهزني وأي عاصف من ذكرياتك العواصف من ذكريات السجن والسجان والأبطال والمعارك وخائن تهالك وفوق صرخة القتيل، والمعذبين في انتظار الموت سار، وحشًا يشد للرحي السوداء، كي تدور تطحن الدماء، يداه حبلا كل خانق، عيناه شباكان للعدو منهما أطل بالبنادق علي الخيام والمنازل يصيد إخوتي، أبناء شعبيَ البواسل الآن يُرفع الستار يا مدينتي عن المجازر عن وجه كل ثائر عن الرياح كيف أصبحت تحارب راية العدو في فضائنا خفاقة المخالب وكيف قد هوت كحية تعف في جراحها السواكب عن اسمكَ المهيب يا جمال، كيف ينسج الغرائب والمعجزات والعجائب وكيف كان شمسَنا الخضراءَ في الدياجر وردةً حمراءَ في ضفائر أختي، وفي شباكها سرب من البلابل وكيف كانت بور سعيد، صخرة من اللهيب، غابة من السواعد يا فارس الفوارس صغنا لك الجواد من صباحنا وشعبنا أهداك بيرق البيارق خضنا به الرصاص موجة من الزنابق والنار موجة من النسائم وكانت القيودُ في المعاصم كعنكبوت في جنون جوعها، رمت خيوطها علي العواصف وفتح الإصرار زهرة، مغطاة البراعم وعض في جراحه العدو والمتراس شاهق وبور سعيد بندقية البنادق وخندق الخنادق شمسٌ من الجراح قد تسمرتْ في الليل، فوق هامة المحارب يا بور سعيد.... الفجر طالع، هذا صياح الديك يوقظ الرصاص في البنادق والرياحَ في الحرائق وأوشك الصباحُ أن يمس راية المحارب يا بور سعيد ليس سيف روحك الوهاج، وحده يقاتل ولا مدينتي وحيدة تقاتل لكِ الشعوب رفرفت بنادق وسرجت لك البحار والسحائب وصرخة الأنصار حجرت رصاص ذلك المغتال في البنادق، وحجرت نيرانه فلم تعد قواطع أنيابها القواطع وفي عيونه تسمر الدخان كالحصي، كالشوك كالأظافر. معين بسيسو كتب عن بورسعيد قصيدة "المتاريس" في ديوانه "مارد من السنابل":