أنا أنت تري من أنت؟ يا أحجية.. .. أعيت طلاسمها مخيلتي أنا من رمت لي شعرا بلا لغة وفاكهة بلا ثمر وقبلات بلا شفة أعود، وليس لي إلا رماد فر من .... .. موءود زوبعتي وهأنذا بلا رحل، وراحلة سوي أني مواجيد مؤججة تحبك حيثما كنت: أنا أنتِ وتمضي بي خطي الأيام.. .. أطويها وتطويني ولكن أنت في أعماق تكويني وفي جهري، ومكنوني مهومة، كعصفور بأجنحة مذهبة يسافر في مسافاتي ويرحل عبر أزمنتي ليسكن عشه المغزول في أغصان أوردتي وأنت أرق من قبل الندي رقصت علي شفتي بنفسجة ومن قمرية بيضاء، هاتفة تحلق حول مئذنتي أنا أنت وأعلم أنني إن دمدم الإعصار... .... يطوي كل أشرعتي وإن حصدت مناجله... - الغداة - غصون سنبلتي فأنت المرفأ الحاني تلوذ بحضنه سفني وتفطر - بعد طول الصوم - في ساحاته الفيحاء.. .... قافلتي وأنك أنت لي حبات مسبحتي إذا ارتجفت تراتيلي علي شفتي وفي كفيك ألويتي وتيجاني وأوسمتي: أنا أنتِ الرؤي.. والسراب أكره أن أودّع الأحبابْ وأن يودعوني لكن عمري كله اغتراب كأنما بالنفي أرضعوني...! ذي خيمتي قد ولولت فيها رياح اليباب وغيمتي إن أمطرت فدمعة علي الجفون أهكذا حتي النجوم تنطفي في لجة الضباب حتي الرؤي، إذ غلقت من دونها الأبواب تهمس لي، وهمسها كخنجر مسنون: أكلُّ سرداب أتي من بعده سرداب؟ وكلما طال السري.. أفضي السري إلي : سراب؟ أكره أن أودع الأحباب وأن يودعوني فإن رحلت بعد اليوم فارجموني أو ارجعوني ولو لكي أدس في التراب وفي رمال "الثغر" وسدوني ودثروني في كفن من ورق الصفصاف واللبلاب وعللوني أني سأبقي هاجعا في حضنها الحنون كأنني شجيرة للتين، للزيتون ومن وراء البيد والسهول والهضاب تطير لي عصفورة مقرورة مهيضة الجناب لكنها ندية وغضة كحبة الليمون كزهرة تأودت علي الغصون فيا له من سلسبيل كوثر مذاب ما مثله رضاب ترن في أضالعي قيثارة علوية الرنين أوتارها مترعة بالوجد والحنين عصفورتي تسرج لي قنديلها في شرفة العيون وتبتني أعشاشها علي سنابل الأهداب وها أنا، من بعد ما ارتحلت رحلة الأيام للسنين وبعد أن مزقت الشراع ريح كالحراب أعود من مفازة العمر الحزين كأنما قد عاد لي الشباب.. كأنما قد عاد لي الشباب... أكره أن أودع الأحباب وأن يودعوني فخبروني أين المفر والبعاد جاثم كالصخرة الصماء، كالتنين؟ كبومة قد ولولت بالموت، بالطاعون تمد لي، وقد ظمئت، كفها بالمهل والغسلين فهل تري تشربني أم أنها تسقيني أم أنها تميتني وقطرة فقطرة تحييني تسومني كقطة تلهو بصيدها الثمين فمن يقيني من موجة تهشمت لها أضالع السفين تجتاحني كأنها جحافل الذئاب تحدق بي، تنهشني بألف ناب وناب تهصرني، تعصرني، تبيعني وتشتريني تطحنني، وكم طحنت يا رحي السنين يا صخرة البعاد لا - لا تستحقيني وسامحيني فها أنا، والعاصف الملتاع إذ ينداح يجن من جنونه جنوني ويعول اللظي في يابس الأحطاب فلا يرن في قيثارة السكون سوي أنيني أكره أن أودع الأحباب وأن يودعوني لكن عمري كله اغتراب فمن يرد جمر ذلك العذاب؟ ومن يفك؟ .. أسر.. .. طائر.. .. سجين..؟ ولا أري سواك أجل، لقد برئت من هواك، يا سيدتي، وللأبد من بعد ما روضت قلبي الذي اكتوي من الكمد كي يسدل الستار علي الذي كم ضمت المأساة من ورد ومن أشواك ولم يعد سوي الصدي في خافقي يرتعد: يا أيها المسافر الوحيد لا لا تتئد لا تتئد فكل لفتة إلي الوراء خطوة إلي الهلاك والطعنة النجلاء لن تصيب واحداً سواك فلا تعد فلا تعد أجل، لقد برئت يا سيدتي من علتي وها أنا ملثم بكل ما لدي من أقنعة وإنني أقمت ألف سور دائر شائك من حول قلعتي وألف خندق يلتف حول مهجتي فكيف جئت تومضين في فنجان قهوتي؟ سحابة تنسل من سيجارتي؟ وكيف لحت لي بوجه طفلتي التي تلاعبت بدمية ومن خلال الليلة العاصفة المزمجرة؟ وعبر غيمة تمر عابرة وفي غضوني الغائرة في ضحكتي ودمعتي؟ أجل، لقد نسيت أو أوشكت أن أنساك وكل ما قد صغت في هواك قد بعثرته الريح فارتمي علي الأشواك ولم يعد إلا صدي ذكراك يركض في دمي كصخرة منحدرة أصرخ في مفازة الهلاك أنا الذي أفر من رؤياك ولا أري سواك ولا أري سواك حتي الآن لم لم تأتي حتي الآن؟ متأخرة، شأن الحسناوات اللاتي في كل مكان، عبر الأزمان يتناسين العشاق بأرصفة الشوق المقرور صرعي، فكأنهمو: أعجاز من نخل خاوي البنيان أتراه قطارك هذا الآتي: من قبو النسيان يكسوه جمر محترق ودخان أم أنك لن تأتي أبدا.... أبدا.... أأنا البئر المهجور، أنا الخزف المسكور، أنا ال...... لا تسألني عما يطوي عني غيم اليوم المستور: أوتار تعزف.... ... أم رعد وأعاصير بحري يفضي لبحور، أم سور يتلوه سور ماذا في اللوح المسطور؟ ماذا في اللوح المسطور؟ لم لم تأتي حتي الآن؟ أمس اشتعلت بدماي أساطير ومزامير وجه صيفي، كم رقصت في عينيه الدهشة فبدا، وكعصفور في برهة مولده تتشقق من حوليه: قشرة بيضته الهشة فإذا هو يسعي في جذل، وحبور وكأن الكون أزاهير في إثر أزاهير صبح يتنفس، أشواق، بل إشراق، نور ما يشبهه النور لكن وجه شتوي يدنو، يدنو.. كالتنين المجدور أنأي، وكما ينأي حمل عن ذئب مسعور وكأني أهرب من تنور كيما أهوي في تنور لم لم تأتي حتي الآن؟ إني من قد نثرت كفاك سنابله حتي واراها الموج... وغابت عنها الشطآن أتراه أوزوريس يتلبسني أتراكِ إزيسُُ قد عادت كي تلأم لي بدني؟ أنا من كلمتك مذ قد كنت صبيا في مهد الحلم المسحور وبريئا كنت كقبلة عصفور أنقي من قلب البلور قد كنت وأدري الآن بأن الأعشاب احترقت أوراق الصفصاف انتثرت طارت، رحلت حتي غابت كخفافيش في قلب الديجور يا أسماء الحب الحسني أورادي الخضر، وقنديلي الأسني ها أنت وللمعني معني ولأشجار الكافور جذور إني ناديتك منذ دهور لكن لم تستمعي لندائي حتي الآن.. حتي الآن.. فمتي؟ الغرق في نهر العطش في الموعد المعقود، حين الفجر يحيا صرخة الميلاد، سرت يموج بي الوجد المجنح، والرؤي إكليل غار شوق يئن بوثبة الشريان، يضرم في دمي عطش الشراع لزفرة الريح، اشتهاء الليل لو ينداح في ألق النهار (في الموعد المعقود...) حسبي لا هجوع وإن يكن طال المسار، وقل أيا ليل الرماد لنا غد ينشق عن نور ونار مازال ظمآن السؤال يرين، فيم الشجو والتذكار، قم للموعد المعقود، واضرب في خضم التيه، بحثا عن منار في ليل التيه وقد طال التسيار صرخ الشوق الأبكم: - إني عاهدتك أني لن أمسي المصباح الأعمي، السيف المبتور لن يخبو في جنبي التنور وشراعي لن يحني رأسا في وجه الإعصار مهما عضت في الزورق أنياب التيار إنني أطلعت في عيني من قنديلك الأخضر شمسا وبأحنائي غرست الوجد والأشواق غرسا وإذا الغربة أرست في الحنايا نصلها المغموس في صاب وعلقم وإذا ما أهرقت أيامي النكراء لي كأسا فكأسا وإذا ما ضاع في الموكب إيقاع النشيد كنت للمكلوم بلسم كنت للظمآن زمزم كنت لي عيني، صوتي، والوريد يا هوي قلبي العميد طال بي التسيار يا ليلاي سير السندباد غير أني لم أعد بالكنز من قلب المغارة لم تعانق مقلتي غير الليالي وهي تذوي في سراديب السهاد واحتدام الجمر في التنور من ذكراك يسري في شراييني، وينداح اندياحا بين صدري يطأ الحلم احتضاري والرماد وأنا أعبر بحر الظلمات حاملا حرف البشارة والأماني والأغاني والظنون وهي تأبي أن تهون - وهي تأبي أن تخون .. إنني فارسك العائد من تيه القرون ومض عيني ابتهال وخشوع معزفي قلبي وأوتاري الضلوع يا شراعا لسفيني وخليجا ومنارة في الموعد المعقود أسألها فيسألني الصدي وأقول مهلا سندباد يعود، (مهلا سندبا....) تضيع صرخاتي سدي وأنا الذي غنيت أشواق الحياة لها وأنا الذي قد عشته ولهاً وأنا الذي....