«إكسترا نيوز» ترصد حجم إقبال أبناء الجالية المصرية بالأردن على انتخابات النواب    «معلومات الوزراء» يستعرض دراسة شبابية حول دمج ذوي الهمم بالتعليم الابتدائي في صعيد مصر    «التعليم»: التعامل بمنتهى الحزم مع أي سلوكيات غير لائقة أو مخالفات بالمدارس    اعرف الرابط الرسمى للتقديم على وظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    الأسهم الأسيوية تتراجع بضغط خسائر التكنولوجيا وسط مخاوف تقييمات الذكاء الاصطناعى    السياحة تطالب الشركات بالالتزام بضوابط الحج البري لسلامة وراحة الحجاج    أسعار الخضراوات والفاكهة والأسماك والدواجن اليوم الإثنين فى الفيوم    الرقابة المالية: الهيئة نجحت في تحقيق هدف «ديمقراطية الاستثمار»    وزيرة التخطيط تفتتح منتدى الأعمال المصري الألباني    وزير النقل يشهد التشغيل التجريبي لأول محطة حاويات بمشروع تطوير ميناء العين السخنة    فيديو.. عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى خلال عيد الحانوكا    مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يحذر الإسرائيليين بالخارج من حضور احتفالات غير مؤمَّنة    وزيرة التخطيط توقع مذكرتي تفاهم لتبادل الخبرات وتعزيز الاستثمارات بين مصر وألبانيا    خبر في الجول - أمين عمر مستمر في كأس العرب حتى نهاية البطولة.. وتأجيل سفره للمغرب    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    الزمالك: لن نمانع رحيل عدي الدباغ فى انتقالات يناير    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 15 ديسمبر.. نصف نهائي كأس العرب.. ومانشستر يونايتد    كأس عاصمة مصر.. عودة شريف وياسين مرعي لتدريبات الأهلي استعدادا لمواجهة سيراميكا    العثور على جثمان مواطن مسن فى مصرف المياه بقرية حاجر المساوية بمدينة إسنا    تحذير هام من الأرصاد| نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية والأمواج ترتفع 3 أمتار    المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار فى المواد المخدرة بسوهاج    تأجيل محاكمة هدير عبد الرازق وطليقها أوتاكا فى نشر فيديوهات خادشة ل 22 ديسمبر    إخماد حريق داخل عقار فى الهرم دون إصابات    ضبط كميات شيبسي ومقرمشات منتهية الصلاحية في حملة رقابية بالفيوم    خالد الصاوي يودع إيمان إمام شقيقة عادل إمام والجنازة اليوم    الندوة الدولية الثانية للإفتاء: القضية الفلسطينية اختبار للضمير الإنساني    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    متحدث الوزارء: الهدف من خطة لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة هو رفع مستوى المعيشة للسكان    جائزة ساويرس الثقافية تعلن عن القوائم القصيرة لشباب الأدباء وكتاب السيناريو    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    5 محافظات ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل بالمرحلة الثانية.. اعرفها    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    ثقافة البحيرة تنظم ندوة توعوية عن الأمراض المزمنة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي استعدادات عقد اجتماع مجلس التنسيق الأعلى    مفتي الجمهورية ينعى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    وزيرة التنمية المحلية تستعرض تقريرًا حول نتائج المرور الميداني على 10 مراكز تكنولوجية بمحافظة أسيوط    الحضري يكشف أسباب الخروج المبكر لمصر من كأس العرب    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية يزور مستشفى قصر العيني التعليمي    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية في زيارة رسمية لمستشفى القصر العيني    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    تجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العيني    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    ستيف ويتكوف: تقدم كبير فى محادثات السلام مع أوكرانيا    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى محافظه المنيا    من سوريا إلى أستراليا.. تحركات خطيرة من داعش    دار الكتب تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    4 يناير بدء امتحان نصف العام فى المواد غير المضافة و10 للمواد للأساسية    المؤبد لتاجر سلاح في قنا    صحة قنا.. قافلة طبية مجانية لمدة يومين بدنفيق في قنا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 15 ديسمبر 2025    مرشح اليمين المتطرف يفوز برئاسة تشيلي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    كابال ينهي سلسلة 5 تعادلات.. يوفتنوس ينتصر على بولونيا في ريناتو دالارا    العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام    احتفالية استثنائية ومفاجآت كبرى بالعاصمة الجديدة ابتهاجًا بالعام الجديد    هل تصح صلاة المرأة دون ارتداء الشراب؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زخار بريليبين: تالستوي الجديد وروايته "سانكا"
نشر في أخبار الأدب يوم 04 - 07 - 2015

اسمه يفجيني نيكالايفيتش بريليبين، شهرته زخار بريليبين،ولد في قرية لينكا في منطقة سكوبينسكي من مقاطعة ريزان في السابع من يوليو عام 1975، يعيش في نيجني نوفجورود حيث درس في جامعتها. صحفي جريء، قاص مبدع يكتب قصصا تحمل عواطف جياشة، روائي معروف برواياته المثقلة بالسياسة. اعتمد في أعماله علي تجربته كضابط بوليس، يقاتل في سبيل تغيير الواقع الذي يراه ظالما، نشاطه السياسي يضعه في مصاف النشطاء المقاتلين العاشقين لبلادهم مما عرضه للإعتقال أكثر من مائة مرة. يري ديميتري باك، ناقد وبروفيسور للأدب المعاصر - كما ذكر في إحدي المقابلات - أن بريليبين "شخص تمكن من كسر رتابة عشرين عاما انحصرت في إطار فكرة واحدة. كل هذه السنوات، تتحدث الرواية الروسية العادية عن انسان تجاوز الأربعين: عاش فترة إنهيار بلده ذ سواء كامبراطورية شر شمولية أو كجنة علي الأرض للعدالة والمساواة ...بريليبين هو أول من استدعي بشرا من عالم جديد إلي الأدب."
قام كتابه "الامراض" علي تجربته الشخصية في الشيشان، وحقق نجاحا كبيرا وضعه في القائمة القصيرة للجائزة الوطنية للأكثر مبيعا عام 2005. وعندما وجه له سؤالا في مقابلة عام 2012 مع ارتماجيدون عن الكتاب ممن يعتبرهم الكاتب "رفقاء سلاح" ذكر بريليبين ذبعد ادوارد لمونوف- الواقعيين الجدد "سيرجي شارجونوف، جيرمان سودولايف، أندريه روبانوف، رومان سينشين. نفهم بعضنا ونري عالم اليوم بنفس الطريقة، وبعبارة أخري لا أحد منا يحب ما عليه العالم المعاصر."
يلقبونه بتالستوي الجديد، تقول عنه تاتيانا تولستايا، حفيدة تالستوي والمؤلفة المعروفة أن بريليبين يمثل "أكبر حدث في أدب روسيا اليوم، تذكرنا لغته بتالستوي." ويعترف بريليبين أن تالستوي معبوده، يقول: "بالطبع أنا تابع نموذجي. وإذا
ما شعرت بالآمان لمستقبل أولادي في روسيا، كنت سانجب 12 طفلا وأبقي ابدا في قريتي." اقتحم بريليبين الوسط الأدبي الموسكوفي بروايته "سانكا" التي برع فيها في تصوير تفاصيل واقعية عن شاب متمرد يكره السادة الجدد من الرأسماليين، وقد رحب النقاد بالعمل ترحيبا كبيرا مفسرين تميز زاخار بتواصله مع واقع الحياة بشكل مباشر كناشط سياسي وصحفي علي علاقة وثيقة بما يجري في البلاد، كما أكدوا علي قدرته وتميزه كروائي. نشر روايته "سانكا" عام 2006، هذه الرواية ورغم مرور عقد تقريبا عل صدورها، إلا أنها لا تزال طازجة تحمل طعم ورائحة الواقع اليوم، نجاحها دفع أحد النقاد لوصف بريليبين أنه "أكثر أدباء روسيا المعاصرين أهمية، ذكي ومرهف في تناوله النقدي لأحوال البلاد، واحدا لا يهاب التعبير عن رؤيته للمجتمع، تلك الصفة التي وضعته ضمن الأفضل والأكثر شهرة بين أدباء روسيا اليوم."
وبمجرد ظهور روايته "سانكا"، حازت علي اهتمام كبير وصارت حديث الساعة، وكان من الطبيعي أن تدخل القائمة القصيرة للبوكر الروسي، وجائزة الأكثر مبيعا، حققت جائزة ياسنايا باليانا التي يقدمها أحفاد تالستوي للأعمال المتميزة. ساشا تيشين ذو الثانية والعشرين، أو سانكا كما تلقبه جدته، أحد مؤسسي جماعة يمينية متطرفة قامت علي انقاض الحزب البلشفي القومي المحظور. يستهدف المؤسسون التخلص من الحكومة الفاسدة، إضافة إلي تدمير الرأسمالية الروسية التي قامت علي النمط الغربي، والسعي الجاد نحو بناء دولة مختلفة، قوية، عادلة، تقوم علي مثل عليا، متماسكة، قريبة من الناس، بعيدة عن البيروقراطية، نسخة معدلة من الاتحاد السوفيتي. يبدو هذا جيدا، لكن في الواقع الأمر لم يتعد الكلام والاحتجاجات التي لا تأتي بخير، وتنتهي أحيانا إلي شكل من أشكال الأعمال التخريبية.حقيقة يكره بريليبين رمادية الحياة في روسيا الحديثة، تراها في "سانكا" في الجدران الأسمنتية التي غزت المدن، في الحقول التي تجمدت، في الأكواخ المتهالكة للقرية المحتضرة التي قضي فيها طفولته، إختصارا يري بريليببين الحياة في روسيا اليوم إهانة كاملة.
يمثل ساشا وأصدقاؤه جيلا كاملا، لم يعاصر الحياة في الإتحاد السوفيتي، لا يتذكره، لا يؤمن في وعود السلطة التي تداعب أحلام الشباب بفرص كثيرة، طالما ظلت ديكتاتورية، رأسمالية غير عادلة، وفاسدة. يتسم ساشا ببعض السذاجة، عنيف، متفائل، مقاتل، مفكر، لكنه ممزق بين قريته المحتضرة، مهد الطفولة، وبين العاصمة القاسية، عديمة الروح، حيث ينفذ مع أصدقائة احتجاجاتهم، ويصارعون قوات الشرطة. يفتتح بريليبين الرواية بمظاهرة احتجاجية، يتمكن بعدها ساشا وأصدقاؤه من الهروب من قوات البوليس، ساشا لا يخشي الاعتقال، سيتجاوزه، يؤمن بذلك، هذا لأنه تجاوز ما هو أصعب، محنة الحدمة العسكرية الإجبارية بالجيش الروسي. وقد مر بريليبين نفسه بهذه المحنة أثناء خدمتة في وحدة القوات الخاصة (أمون)، وخدمته العسكرية في حربي الشيشان، عاني من الراتب الضعيف وعجزه عن تغطية مصاريف طفله الأول، حتي أنه اضطر للعمل في نوبات لتفتيش الشاحنات القادمة من شمال القوقاز. وقد انعكست هذا التجربة علي عمله التالي "الأمراض". وقد أكد بريليبين علي ذلك حين قال: "لا أكتب سير ذاتية، إنما هناك علاقة تربطني بأبطال مثل سانكا قائد الثورة البلشفية القومية، وزاخار، حارس البار في رواية الخطيئة."
أشار بعض النقاد إلي الشبه بين شخصية بازاروف في رواية "آباء وأبناء" لإيفان تورجينيف وبين شخصية سانكا أو ساشا في رواية زاخار "سانكا". وفي المشهد الإفتتاحي لرواية تورجينيف، تقابل بازاروف مع أحد المعارف الذي قال له: "أنظر ماذا يفعل العدميون! إنهم يدمرون سان بيتربورج!" هذا بالطبع كان تعليقا سخيفا بالنسبة لبازاروف، قائد العدميين، علي نحو مماثل لسانكا ورفاقة من الثوريين، أن تدمير كافة المؤسسات الروسية هو الحل والطريق الأكيد لروسيا أفضل، حيث قال بازاروف: "أفضل خيار هو المعارضة، لذا نعترض." سانكا هو الوريث الأدبي المباشر لبازاروف. في رواية "سانكا"، يظهر الناشطون السياسيون ذ سانكا ورفاقه ذ وهم يشاهدون مظاهرة احتجاجية من وراء السياج الحديدي "مسنون غاضبون" يحملون صورا لستالين ولينين، معبرين عن رغبتهم للعودة إلي المجد السابق للاتحاد السوفيتي، لكنهم يخترقون السياج بعدها، يدمرون ويحرقون كل ما في طريقهم. إنها ثورة الجيل الذي فشل في التكيف مع روسيا الجديدة، روسيا التي لا تلبي طموحاتهم، روسيا الأليجاركية (أهل النفوذ الأثرياء)، النخبة التي يدللها كرملين بوتين. يقول ساشا: "أنا لا أعيش في روسيا. أنا أحاول استعادتها. لقد أخذت مني".
تماس بريليبين مع مآسي الجيل صنع كثيرا من شهرته وتميزه. كبطل روايته ساشا، يري أن روسيا المعاصرة "دولة حمقاء"، خدمها بريليبين ذاته في عمله بوحدة القوات الخاصة "أمون"، التي تستهدف مكافحة احتجاجات الجماهير، وخلال خدمته بالجيش أثناء حرب الشيشان. لخص ساشا الأمر حينما قال عن الدولة أنها : "دولة قاهرة، غير شريفة، حمقاء، تسلخ الضعيف وتمنح الشرير والسوقي الحرية ذ كيف يمكن للمرء أن يقبل هذا؟ ما جدوي العيش فيها، ففي كل لحظة تخون نفسها ومواطنيها؟"مثل رواية تورجينيف، هذه رواية أجيال، الفارق أن في رواية "آباء وأبناء"، للجميع صفات خاصة، متفردة، احساس بالهوية، لكن الأجيال في "سانكا" غائبة أو قد تكون ضائعة تماما، ساشا يعود للقرية طلبا للحماية من البوليس، في القرية حيث يحتضر الجد، إذن فالماضي يموت، والحاضر مهدد، أو يفكر في الانتحار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.