لماذا بقى الأدب الكلاسيكى حيا حتى الآن؟ وأين يكمن السر فى قدرة هذا الأدب على الحياة؟ تلك هى أهم التساؤلات التى طرحتها ندوة «الإرث الأدبى لأنطون تشيكوف فى القضايا المعاصرة» والتى عقدت فى جناح دولة روسيا- ضيف الشرف- بمعرض الكتاب. رأس الندوة المقدم التليفزيونى الروسى الكسندر ارخانغلسكى، وشارك فيها مجموعة من الكتاب المصريين والروس منهم د. مكارم الغمرى، أستاذ الأدب الروسى بكلية الألسن، التى رأت أن الجانب الأهم من إبداع وتراث تشيكوف هو علاقته بالثقافات الأخرى، فرغم مرور أكثر من قرن على وفاته، فلا يزال حاضرا حتى يومنا هذا، فهو يمثل ظاهرة حية ومتجددة فى الثقافة العالمية، ونبعا للأدب الواقعى الرفيع الذى يضرب بجذوره فى أعماق النفس البشرية. وتحدثت الغمرى عن علاقة الأدب المصرى بتراث «تشيكوف»- والذى يعتبر دون جدال «ملك القصة القصيرة» فى العالم- الذى دخل مصر بوصفه عالما فى القصة القصيرة والمسرح، وأشارت إلى أنه إذا حاولنا أن نرصد المسارات التى تم من خلالها انتشار أدب «تشيكوف» فى الثقافة المصرية، فسنجد أن تدريس اللغة الروسية لتلاميذ مدارس الإرساليات فى مصر وسوريا كان بداية دخوله للمنطقة العربية من خلال الترجمة. أما القناة الثانية فكانت قبل ثورة يوليو، عندما كان يتم ترجمة أعماله عن اللغة الإنجليزية والفرنسية، أما فى فترات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى فزاد عدد الطلبة المصريين الذين يدرسون اللغة الروسية فى الاتحاد السوفيتي. وأوضحت أن ترجمات تشيكوف كانت تنشر فى الجرائد المصرية مثل الأهرام والأخبار والمساء. ومن وجهة نظر الغمرى فإن من أهم قنوات الاتصال بتشيكوف الكتابات التى كتبت عنه من الكتاب المصريين أمثال رجاء النقاش ولويس عوض. ورأت الغمرى أن «تشيكوف» كان له تأثير بالغ على كتاب القصة القصيرة والمسرحيات فى مصر، وضربت مثلا بعام 1963 الذى اعتبره النقاد عام «تشيكوف» فى المسرح المصرى.أما الشاعر الروسى زاخار بريليبين فقال «فى الآونة الأخيرة قال أحد الكتاب إن من أكثر ثلاث شخصيات أثروا فى العوالم الأدبية كانوا المسيح، وتشيكوف، وشكسبير»، وأكمل بريليبين «بينما كان تشيكوف يصف الحياة اليومية للفلاحين والبلاط الروسى، كان يضم فى إبداعه عناصر علم النفس والغموض، فتشيكوف كاتب واقعى ومأساوى وساخر فى نفس الوقت».
