زخار بريليبين, اسمه الأصلي يفجيني نيكولايفيتش بريلبين, هو أديب وشاعر روسي شاب, تخرج في كلية الآداب, شارك كجندي في الأعمال الحربية في الشيشان وداغستان, ينتمي إلي حزب معارض للحكومة الروسية. يعمل حاليا مديرا عاما لصحيفة نوفايا جازيتا المستقلة ورئيس تحرير مكتب حوض الفولجا لوكالة الأنباء السياسية, وله أعمدة في كثير من الصحف والمجلات الروسية, بدأ ينشر أعماله الأدبية عام2003. وصفته الصحافة الروسية بأنه صاحب موهبة حقيقية وكتبت عنه أنه أصبح ظاهرة أدبية لا يمكن إغفالها, استطاع في وقت قصير أن يلفت الأنظار إليه فأحبه القراء وكتب عنه النقاد, حصل علي العديد من الجوائز الأدبية, رشحت أعماله لجائزة أفضل الكتب مبيعا أكثر من مرة حتي فاز بها عن رواية الحرام سنة2008, ترجمت أعماله إلي الفرنسية والصينية والبولندية والتشيكية, وهو يتمني أن تترجم إلي العربية, جاء إلي القاهرة ضمن الكتاب الروس الذين شاركوا في البرنامج الثقافي لروسيا ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام. ينتمي زخار إلي جيل جديد من الكتاب الثائرين علي الأوضاع في بلادهم والراغبين في التغيير إلي الأفضل, أعماله مرآة للحياة في روسيا الآن بدون أي رتوش, فنجده يتناول الحروب والأزمات والمآسي التي يمر بها الشباب والمواطنون الروس في حياتهم اليومية, أحداث رواياته واقعية فهو إما عاشها أو عايشها من خلال من حوله فنجد بها مصداقية كبيرة.واثق جدا في نفسه, وفي موهبته ومؤمن بأن الأدب الروسي كان ولا يزال نجمه يسطع في سماء الأدب العالمي. قابلته في الجناح الروسي في المعرض,أبدي ترحيبا بالحديث معي لأنه يريد أن يعرف نفسه للقارئ المصري, لكن واجهتنا مشكلة اللغة فهو لا يجيد الانجليزية وأنالا أتكلم الروسية وكان المترجمون مشغولين في الندوات وحلقات النقاش, لحسن الحظ وجدنا د. شريف جاد مدير النشاط الثقافي بالمركز الثقافي الروسي والذي رحب بأن يكون حلقة وصل بيننا. سألته في البداية عن أعماله وبالتحديد روايته الحرام التي فازت بجائزة أفضل الكتب مبيعا في روسيا عام2008 وحظت باهتمام النقاد والقراء معا.. * الحرام لم يكن العمل الروائي الناجح الوحيد, فعندي أربعة أعمال مرت بنفس القدر من النجاح, سوف أعطي لك نبذة عن بعض أعمالي, كتابي الأول انحرافات مرضية الذي نشر عام2003 تناول الحرب التي دارت في الشيشان, فقد كنت أحد الجنود الذين توغلوا في الشيشان فكتبت بصدق عن القسوة المتبادلة بين الطرفين التي عايشتها بنفسي لكن دون أن أدين أو أبرئ أحدا, أماروايتي الثانية سانيكا وهي مأخوذة عن اسم روسي معروف هو ألكسندر, فتتكلم عن الشباب الراديكالي الموجود في الحركة السياسية الروسية المعاصرة وما يمر به هؤلاء الشباب في حياتهم اليومية, وأنا واحد من هؤلاء الشباب الثوريين الراغبين في التغيير, أما رواية الحرام فيمكن اعتبارها كوكتيل أو مزيجا أدبيا عن كل ما يجري في روسيا الآن فيها الأزمات السياسية والصراعات والحروب, كتبت فيها عن أصدقائي وطفولتي, وقد حصلت الرواية علي الجائزة الكبري كأفضل الكتب مبيعا في روسيا, لقد تحدثت في أعمالي الأولي عن المآسي التي يعيشها الشعب الروسي والتي لمستها بنفسي ولكن في الحرام بالتحديد وجدت نفسي في اتجاه آخر. وجدتني أدعو الناس إلي السعادة والتفاؤل, أنا أري أن الإنسان يجب أن يكون سعيدا, الرجل والمرأة والطفل الشاب والفتاة, الكل من حقه أن يحصل علي السعادة البسيطة الروحانية التي لا يشوبها ذنوب ولا خطايا, وأعتقد أن البسطاء أسعدهم أن يكون هناك كاتب متفائل يدعو إلي السعادة ولهذا السبب نالت الرواية كل هذا الرواج والشهرة. الأدب الروسي كان قمة الأدب العالمي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتي أوائل القرن العشرين, لكن الخط البياني هبط, فما السبب في ذلك؟ * ربما يكون هذا السؤال ليس عن الأدب الروسي بقدر ما هو سؤال سياسي بشكل أكبر, فالسياسة الروسية هي التي هبط خط بيانها وليس الأدب, فالأدب الروسي مازال في نفس حجمه الرائع, ما حدث هو انخفاض مستوي الدعاية العالمية للأدب الروسي, فالاتحاد السوفيتي كان يقوم بتقديم الدعاية عن الأدب الخاص به بشكل مكثف جدا, بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مرت البلاد بحروب وأزمات خلقت مادة جديدة وغنية فجرت أدبا خاصا بهذه الفترة ومعاديا للتجربة السوفيتية, لاشك أن الاتحاد السوفيتي أو روسيا تحولت من دولة كبري إلي دولة خارج العشرة الكبار, لكن الأدب الروسي في نفس حجمه كبير ومستمر بنفس القوة, قد لا يكون هناك اهتمام سياسي من الآخرين تجاهنا, لكني أتمني أن يتغير هذا الوضع ويعلم الاخرون أن لدنيا نفس القيمة في الأدب ويحدث تواصل جديدا معنا. ما هو المشهد الأدبي في روسيا الآن؟ * لا يمكن أن نقارن الأدب الروسي في القرن التاسع عشر بالآن, عموما لا يوجد أدب في العالم يمكن أن يقارن بأدبيات القرن التاسع عشر, فهناك ثلاث معجزات في التاريخ: عصر النهضة في الفن التشكيلي, الموسيقي الكلاسيكية, والأدب الروسي, الأدب الروسي لا يزال موجودا علي الساحة العالمية فأنا مثلا تمت ترجمة أعمالي إلي12 لغة وقد سافرت إلي دول كثيرة وأعلم تماما مكانة الأدب الروسي التي أري أنها ما زالت عالية للغاية وأتابع هذا بنفسي, إن لدينا القواعد الأساسية لهذا الأدب العملاق ولهذا لا مفر من وجود الأدب الروسي علي القمة مرة أخري فعلي عكس العديد من دول العالم روسيا تعيش عاصفة من القضايا الاجتماعية المختلفة والصراعات والحروب والأزمات وهذه العاصفة تمد الأدب الروسي الحالي بمادة خصبة مليئة بغذاء للروح وللعقول. ماذا عن مستوي القارئ الروسي هل اختلف الآن عن ذي قبل؟ * يقال انه إذا أردت أن تغير بلدا إلي وضع أفضل فإن عليك أن تجمع5% من سكانها لتبدأ هذا التغيير, وأنا أعتقد أن علي الأقل5% من سكان روسيا يقرأون الكتب, لقد عادت روسيا إلي المراتب الأولي علي مستوي العالم بعد فترة تراجع في مستوي مبيعات الكتب والآن وصلنا إلي عدد الكتب التي كانت تطبع في أيام الاتحاد السوفيتي, فهناك كتاب كثيرون موهوبون في روسيا, قد لا يحققون جميعا نفس مستوي النجاح لكنهم موجودون وهذا يثري الساحة الأدبية, أنا شخصيا لو كان عندي مئة ألف قارئ فهذا من وجهة نظري يكفيني, لكن بوجه عام لم تعد هناك الحمية لدي المواطنين للقراءة كما كانت في الماضي, أعتقد أن القارئ الروسي أرهقته الأزمات والظروف القاسية التي مرت بها البلاد, لقد دفعت هذه الظروف الصعبة بالقارئ إلي ما يطلق عليه أدب التسلية فالدولة من قبل كانت هي التي ترعي القارئ وتمده بمادة جاهزة للقراءة, وعندما غابت الدولة أصبح القارئ كالطفل الذي ترك وحده بدون رعاية فلم يستطع أن يميز ما ينفعه, لاشك أن شكل الحياة الآن جعل النموذج المطروح أمامنا هو الإنسان الذي لا يريد أن يبذل جهدا في السعي لا في التأمل والتعمق والتفكير, لكنه مستعد لأن يبذل جهدا في الاستمتاع, وهذا مايعوق انتشار القراءة الجادة إلي حد ما, لكن في رأيي هناك بعض الوسائل التي أصبحت تساعد علي القراءة مثل الانترنت, والكتب المسموعة, لقد أصبح هذا نمطا جديدا في الحياة لا يعوق, لكنه قد يساعد الإنسان علي التواصل والإطلاع, إن النهوض بالقراءة مرة أخري يتطلب جهدا قوميا ومساندة حكومية لدفع الناس إلي التفكير وتشجيع المواطن علي الاطلاع وقراءة الكتب. عموما توجد في روسيا فئتان لا تقرآن وهما موجودان في كل مكان في العالم هما الفقراء جدا والأثرياء جدا, لكن هذا الوضع يمكن أن يتغير في وقت ما. من هو مثلك الأعلي في الأدب؟ * مثلي الأعلي هو ألكس ايفانوف وهو كاتب روسي شاب يكبرني بأعوام قليلة لكني معجب بأفكاره وأعماله. ما رأيك في وجود روسيا ضيف شرف هذا العام في معرض القاهرة الدولي للكتاب؟ * كمواطن روسي أنا سعيد جدا بالمشاركة الروسية وسعيد بالناس التي تحضر الندوات وتناقش فهذا يدل علي اهتمام الناس بروسيا وثقافتها, لقد اسعدني وجود أصدقائي المصريين الذين دافعوا عن روسيا حينما قلت ان روسيا تنتظرها أزمات كثيرة سياسيا وجغرافيا, وأنا بالطبع لا أدين بلدي لكني أنبه فأنا أحبها وأخاف عليها, لكن ككاتب كنت أحب أن أتعرف أكثر علي كتاب ودور نشر مصرية لكن للأسف لم تكن هناك فرص كثيرة متاحة للتواصل وتبادل الأفكار معهم. هل أتيحت لك الفرصة لقراءة الأدب العربي؟ * فرصتي الوحيدة كانت القراءة للكاتب الكبير نجيب محفوظ, لكني أتمني أن تكون هناك أعمال مترجمة إلي الروسية لكتاب معاصرين حتي نتعرف أكثر علي الأدب المصري الحالي.