تكريم الطلاب الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بجامعة قناة السويس    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    رئيس جامعة بني سويف يرأس اجتماع مديري الكليات    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 667.250 مليار جنيه في ثاني عطاءات السوق المفتوحة بعد التعديل    وزير المالية: نتطلع للاستفادة من إمكانيات وقدرات مؤسسة «مورجان ستانلي»    شركة إير فرانس-كيه ال ام للطيران تتكبد خسائر خلال الربع الأول    بعد تراجع الأوفر برايس .. سعر شيري تيجو 8 العائلية 2024 الجديدة    الدفاع المدني في غزة: 10 آلاف مفقود تحت أنقاض البنايات منذ العدوان    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    مصدر أمني ردا على ادعاءات الجماعة الإرهابية عن سجن القناطر: تم إلغاؤه ولا يوجد به نزلاء    18 مليون جنيه حصيلة الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    هل وجود سيدنا موسى في مصر حقيقة أم جدل؟.. "الافتاء" ترد علي زاهي حواس    الموضوع وصل القضاء.. محمد أبو بكر يرد على ميار الببلاوي: "أنا مش تيس"    معرض أبو ظبي للكتاب.. ريم بسيوني ل الشروق: سعيدة بتكريمي.. والجائزة تفرض على الكاتب مسئولية كبيرة    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    مصادر: من المتوقع أن ترد حماس على مقترح صفقة التبادل مساء الغد    خبير دولي يؤكد أهمية زيارة رئيس مجلس الرئاسة في البوسنة والهرسك إلى مصر    بسبب ثوران بركان جبل روانج.. إجلاء آلاف الأشخاص وإغلاق مطار دولى بإندونيسيا    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    مواعيد مباريات الثلاثاء 30 إبريل - ريال مدريد ضد بايرن.. وكلاسيكو السعودية    موعد مباراة الزمالك القادمة ضد البنك الأهلى فى الدورى والقناة الناقلة    عاجل.. تشافي يعطي لابورتا الضوء الأخضر لعرض ثنائي برشلونة على الأندية السعودية    "صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    تأجيل محاكمة المتهمين بخطف شاب وإجباره على توقيع وصلات أمانة    قرار قضائي عاجل ضد المتهم المتسبب في وفاة تسنيم بسطاوي طبيبة التجمع    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    الزراعة: زيادة إنتاجية فدان القمح إلى 26 أردبا بالأقصر .. تفاصيل    وزير الإسكان: نعمل على الاستثمار في العامل البشري والكوادر الشبابية    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    افتتاح المعرض السنوي لطلاب مدارس التعليم الفني بالقاهرة تحت شعار "ابدع واصنع"    الصحف الكويتية: زيارة أمير الكويت للقاهرة تتويجا للعلاقات الأخوية والتاريخية    "أسترازينيكا" تعترف: آثار جانبية قد تكون مميتة للقاح فيروس كورونا    طريقة عمل السجق بالبطاطس بمكونات سهلة وطعم شهى    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    مواعيد أهم مباريات اليوم الثلاثاء 30- 4- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    الغربية تعلن جاهزية المتنزهات والحدائق العامة لاستقبال المواطنين خلال احتفالات شم النسيم    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    أخبار 24 ساعة.. وزير التموين: توريد 900 ألف طن قمح محلى حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هولاهوب قصة قصيرة لأسامة ريان
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 04 - 2009

هممتُ بمغادرة الفِناء .. سئِمت عرض فتيات الهولاهوب المُمِل .. أمسَكَتْ بيدى، تبادلنا نظرات.. تتفاهم أعيُننا منذ فترة ليست بالطويلة، جلستُ إلى جوارِها ثانية. جميلة الأطواق من الخيزران، مجدولة بشرائط ملونة مضفورة بورود حمراء.. يتبادلن تحريكها بتكاسل أعلى رؤوسهن، ثم يتمايلن يميناً ويسارا خارج اللحن المصاحِب.. وخارج العرض.. بادياً خوفهن من أجسادهن فى نظراتهن لجمهور زميلاتهن والأهل.. هذا ما بقى من أطواق الهولاهوب .. مجرد التبادل والتناقل، مع التمايل..
طََفَت على ذاكرتى تلك الحكاية الغامضة، فى صبانا.. جذوة الاشتراكية.. مصطلحاتٍ تغزونا.. مثل التنمية، النظام والعمل.. المواطن تِرس فى آلة ضخمة، تصلُح به، ويصلُح بها.. وذلك المسئول الكبير المهموم بقضايانا.. عبر كل وسائل الإعلام، ومؤتمرات المحافظات.. يبدو عليه الصدق من خلال حماسه ومعاونيه.. تولوا نشر ثقافة الهولاهوب..
الطوق بسيط، خيزران أو بلاستيك.. رخيص الثمن، مِنهُ كبير للكبار، وصغير لمن هم دون العاشِرة.. لا يحدّ التدريب به زمان أو مكان.. لكن ما يمنحه من نشاط وحيوية ولكل الأعمار، لا يُصَدَق.. والنموذج واضح فى شعوب تسبق الزمن..
مَلأ تدريب طوق الهولاهوب برامج المدارس والاستعراضات.. حماس ودقة المعلمين وقتها مُذهل.. نحضر مبكرا، وبسرعة نوزِع الأطواق، يعرِف كل منّا طوقه.. يتفنن فى العناية به وتلوينه بالشرائط.. يبقون معنا بعد اليوم الدراسى..
أجدْنا اللعب به.. بنين وبنات.. تشتعل المنافسات والمكافآت بين الفصول والمدارس والعروض الرسمية فى المناسبات.. نستمتع به.. بدا على أجسامنا وعقولنا نشاط ويقظة لا ألحظها الآن.. لا أذكر متى أفقنا على اتهام هذا الطوق بالفسق.. أخافنا منه الأهل بادعاءات كثيرة.. لم نفهم.. تخلصوا من الأطواق.. كنا نلعب به خلسة.. اختفى الرجل ومعاونوه.. تجاهلها المعلمون..
قلت لها.. أرفع صوتى لتسمعنى فى صخب الموسيقى:
- هل أطواق الهولاهوب مخلوقة لهذه البلاهة.. لا نستطيع إعداد فتاة واحدة لأولمبياد..
ترفع صوتها.. أسمعها بصعوبة فى الضجيج.. أرقب شفتيها:
- عارفة أنها بلاهة.. لكن أنا سأُريك كيف يكون الهولاهوب..
رفَعَت حاجباً مع ابتسامتها المُتوعِّدة..
ذلك الصباح البعيد.. شتوى باكِر.. الغرفة مليئة بالأطواق، خلف المبنى الرئيسى.. اقتادتنى من يدى، قبل طابور الصباح.. أغلَقَتْ الباب.. يدور الطوق حول خِصرها الدقيق.. له حفيف فى هدوء الغرفة.. يطرَب بينما يضرب الهواء حول جسمها المنتشى.. فتتراقص أطراف الجيب الرمادى القصير ذى الكسرات على الجوارب السوداء الطويلة، متناغِمة مع تمايل رأسها بينما تنظر إلى.. مبهوراً.. تدور به فى أنحاء الغرفة الفسيحة.. تطوِح برأسِها لأعلى لترفع شعرها الأسود المنسدل على عينيها الباسِمتين.. سارِحتين.. تسمّرتُ فى مكانى.. تبتسم شفتاها القرمزيتان وقد احمرَّت وجنتاها الخمريتان.. تلمعان بطبقة رقيقة من العرق.. أسمع أنفاسها.. لا تتوقف عن الدوران.. تحرِك ذراعيها حول الطوق الدائر، راسمة دوائر أخرى..
اقتربت منها، لا أستطيع اجتياز محيط دورانه.. تُسرِع حتى لا أقترب.. تضحك.. يرتفع صوت ضحكاتها.. كلما حاولت الاقتراب أكثر.. أرجوها:
- كفى.. تَعِبتِ، وأتعبتِنى.. أمامِك يوم عمل.. وسيبحثون عنّا.. أسمع صفارة جمع الطابور..
تردُ.. بأنفاس متقطِعة:
- أنا مبسوطة.. سوف أنتهى عندما يقع.. مش أنت قُلت أنك تُجيد لعبة الهولاهوب..
- كنت أعرف زمان.. لكن أخافونا منه.. للآن لا أعرف لماذا.. صَعُب عليهم أن نكون سعداء وفى رشاقة باقى الناس.. المصحصحين..
لم تتوقف عن اللعب والدوران بالطوق.. علَّمتهُ لأولادنا جميعاً بعد ذلك.. صبيان وبنات.. فى المنزل، كنا نستمتع بعمل المسابقات لهم.. حتى وهم فى الجامعة.. لا تكُف عن التبارى معهم، فى استراحات المذاكرة.. مع الشاى وكيكة الشيكولاتة.. تفرُّ الدموع من عينى كلما أطََلَّ على طوقُها من خلف الدولاب فى غرفتنا.. بلونه الأحمر.. يكسوه التراب.. هو الأقدم هنا، لا أقوى على تنظيفه.. يعيدنى إلى تلك الغرفة المليئة بالأطواق خلف المبنى الرئيسى..
أصَرَّت تلك الليلة أن تبعث فينا السرور.. أعلم كم هى فى حالة بالغة من الإعياء فى مرضها، والعلاج المُرهِق.. سمعت حفيف قدميها.. متباطئ.. قادِمة من فراشنا إلى الردهة حيث نجلس.. عزّ عليها وجومنا الذى اعتدناه.. صوتها يحاول إخفاء الوهن بالضحك:
- يا للا يا ولاد.. المسابقة..
يتبادلون النظرات.. قاموا، لا يتضاحكون.. ينظرون إليها كصِغار القِطة.. وقع الطوق.. لم يدُر.. كادت أن تقع.. أمسكتها.. احتضنتها، أو ما بقى منها.. بكت فى هدوء عندما انزلق غطاء رأسها.. فلا شعر تحته.. أعدته بسرعة.. أتلفت حولى، لا تُحِب أن يروها.. تنظر إلى مُرتاعة، تشبثتُ بها أكثر.. هبوا يداعبونها.. أهمس فى أذنها بإلحاح يغلب على انسياب دموعها.. وقد جف حلقى:
- لازِلتِ الأجمل.. ستزول الغُمة، وستعودين إلى.. إلينا.. وإلى الطوق..
تحبو حفيدتنا بخطواتها الأولى مع الهولاهوب.. بطوق جديد أحضرته لها.. هو أيضاً صغير..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.