لم تأخذ أغانى «الفيديو كليب» إلا أقل القليل من السينما المصرية، فأفلامنا فى اتجاهها نحو الغناء، ظلت مكبلة بمتابعة المطرب أو المطربة أثناء أداء الأغنية، فى ذات المكان، وبذات الملابس، طبعا ثمة بعض الاستثناءات تجدها فى استعراضات حسين فوزى مع نجمته الأثيرة نعيمة عاكف، وأنور وجدى مع طفلته فيروز، وحسين كمال مع فرقة رضا. لكن هذه الاستثناءات، بانطلاقاتها الجزئية، لم تشكل تيارا مستقلا، متطورا، لذا يمكن القول إن «الفيديو كليب» عندنا، تأثر أساسا بطريقة الغرب فى تقديم الأغانى، حيث تغير الزمن فى الأغنية الواحدة، ما بين شتاء وربيع، نهار وليل، فضلا عن نشاط حركة الكاميرا، وسرعة النقلات، بالإضافة لتغيير الملابس وتنوع الأماكن، وكأن الحرية وانطلاق الخيال، قيم تنتقل من السياسة والأفكار إلى الفنون جميعا، ومنها فن «الفيديو كليب». نفحة حداثة انتقلت إلى طريقة إخراج الأغانى عندنا، ولكن بدلا من أن تستقل بنفسها ويغدو لها طابعها الخاص، وقعت فى قبضة الخيال الغربى من ناحية، وآفة التكرار من ناحية أخرى، وبالتالى باتت تعطى انطباعا بأنها أجنبية وقديمة وتعانى من تنافر الصوت مع الصورة، فالأذن تسمع صوتا عربيا، مصريا وخليجيا وشاميا ومغربيا، لكن العين ترى شلالات مياه. وجداول وغابات ونتف جليد تتساقط وضباب كثيف وتلال ومدرجات خضراء، وحقول زهور، وحدائق أنيقة تمتد إلى نهاية الأفق، والأدهى فرق الراقصات اللاتى يتمايلن مع الإيقاعات، فبعضها إسبانى، يقفن ويجلسن عند وعلى أبواب ونوافذ بيوت على الطراز الأندلسى. يندفعن رقصا مع المطرب، وبعضها هندى، وها هو المطرب يرتدى زيا هنديا ويرقص معهن، وثمة طابور من العرايس، بفساتينهن البيضاء، يتمايلن مع المغنى، فى بستان حول قلعة نمساوية. هذا عن التصوير الخارجى، وحين يكون التصوير داخليا، فإن هستيريا النار تتمكن من خيال المخرج، فلابد من وجود الشموع على الأقل، وألسنة لهب لا تعرف مصدرها، ومدفأة يشتعل الخشب بداخلها.. وتتكرر هذه المفردات من أغنية إلى أخرى، على نحو يثبت أن الإبداع، فى مجال «الفيدو كليب» أصبح كسولا.