بعد رحيلك أصبحت حياتى مليئة بالأحزان، كتاب لا تنتهى صفحات الألم فيه، دموعى هى حبر أورقة تحولت حياتى إلى قاموس يضم كل معانى الحزن أصبحت معجما يبحث الناس فيه عن مرادفات الألم، نعم يا أمى بعد رحيلك أصبحت ضائعا أسكن دروب الظلام وأعيش فى بحر الأحزان تهجرنى الكلمات وتسكننى الهموم أضحك وأنا حزين أموت، وأنا عايش أجلس وسط الناس وكأنى فى صحراء هاجرتها الأحاسيس أدفن قلبى فى قبرى، قبل أن أموت زاد الألم وعمّت الظلمة أرجاء المكان ليل كئيب، ووحدة قاتلة، وصوت حزين يزيد من وحشتى حروف حزينة، وكلمات حزينة، نعم إنه الحزن الذى قتلنى وقتل قلمى وفكرى وقتل جوارحى وآمالى وقتل الحب فى قلبى وقتل الروح فى روحى ليس بالضرورة أن تلفظ أنفاسك وتغمض عينيك ويتوقف قلبك عن النبض كى يقال عنك إنك فارقت الحياة، لكن الموت الحقيقى هو أن تموت وأنت مازلت حياً ترزق فالموت الحقيقى هو موت القلب وهو ينبض دفن جسدى بين حرفين حرف الحاء وحرف النون، فأصبحت أنا وقلمى وأوراقى حروف حزن، ما أصعب أن تكون حياتك مجرد مجموعة أحزان تحيط بك من كل جانب تجدها أينما اتجهت نعم ما أصعب أن تجد الناس ينظرون إليك وكأنك أنت عنوان أحزانهم من أراد أن يحزن ينظر إليك فيحزن، ومن أراد أن يتألم ينظر إليك فيتألم، وكأنك أصبحت صورة لأحزان الناس من حولك أحزان تتوالى وهموم تسكن فى الوريد، هل أصبح الحزن وجوه عدة فى زمن الحزن الذى نعيشه؟ هل تمكن غول الحزن منا هل أفترس مشاعرنا؟ لماذا حتى الضحكات التى تخرج من أفواهنا تكون مغلفة بالحزن أيوجد مخلوق تنبض عروقه بالحياة يستطيع القول بأنه ليس حزين أو أنه لم تمر به حالات حزن وألم وفراق؟ كم يؤلمنى قلبى وهو محطما هكذا أريد أن يرجع الفرح لنفس تعبت من الحزن انزف وأعيش الوحدة مع نفسى حائر لا أجد الإجابة لما فى نفسى, سيبقى الحزن عنوانى والألم والحسرة بيتى حتى نلتقى يا أمى لقد رحلتى دون أن تقولى لى: وداعاً. يارب لك الحمد على كل نعمة أعطيتها أو منعتها، فأنت أعلم بى منى بما يفيدنى وبما يضرنى.. يارب لك الحمد، تجعلنا نعبدك بنعمك، ونتقرب إليك بفضلك، ونشكرك على رزقك، ونحمدك على سترك، فبحر جودك إلينا لا ينقطع، وسوء معاصينا إليك منهمر، فتنادى علينا كلما أدبرنا وتقبلنا كلما إليك رجعنا وتبنا... حين أكون مبتلى أقول يارب، وحين أكون مهموماً أقول يارب، وحين أكون مكروباً أقول يارب، وحين أكون سعيداً أقول يارب .