قال الكاتب الكبير يوسف القعيد، إننى لا أتصور أن عامًا مضى على رحيل خيرى شلبى، فأنا عرفته فى ستينات القرن الماضى، حينما التقينا فى القاهرة، ومن اللقاء الأول وحتى الأخير لا أذكر أن يديه كانت تخلو من الكتب أبدًا، وخاصة الكتاب القديمة، وكان يبدأ زيارته لمنطقة وسط البلد بالمرور على سور الأزبكية الذى لم يعد له وجود الآن فيها، قبل أن ينقل إلى مكان، وكان "خيرى" يلتهم من الكتب أكثر من الطعام الذى يتناوله، وكان وراقًا من يومه، فكان يحب الورق، ويحتفظ به، ويسعى إليه. ويشير "القعيد": مازالت أذكر أننى عندما أخذت نسخة من روايتى بخط يدى لأقدمها فى هيئة الكتاب وكان اسمها "أخبار عزت المنيفى"، فقابلنى خيرى أمام مجلة الإذاعة والتليفزيون فى مقرها القديم، واحتفظ بالمخطوطة حتى الآن، وأرجوا أن تكون ضمن أوراق مكتبته الضخمة جدًا، والتى لم أر مثلها، كما أنه لم يصل لمرحلة الضيق بالكتب، وكان يناقشنا كثيرًا فيما يقرأ من هذه الكتب. بعد أن أصبح كاتبًا محترفًا، كان هو الوحيد فينا الذى يحتفظ بأقلام حبر كثيرة يضعها فى جيب الجاكت، وكان يستخدمها فى كتابته، وحتى المقال الأخير، الذى نشرت ورقيات منه، كان بخط يديه وبقلمه الحبر، فكان خيرى ينظر إلى الكتابة على أنها رسالة ومنطق حياة، أكثر من كونها أى شىء آخر.