بدا أن هناك قاسما مشتركا بين الحوادث الإرهابية التى وقعت خلال ال 12 عاما الأخيرة (1997، 2004، 2005، 2007، 2009) حيث لوحظ فيها شيئان: الأول أنها تسببت فى قتل العشرات، والثانى أنها حدثت فى مناطق سياحية، وهو الأهم ليثير تساؤلا ملحا.. كيف يتم تأمين المنشآت السياحية ومن المسئول عن هذا التأمين؟ أشار اللواء فاروق المقرحى وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب سابقًا، إلى أن تأمين المنشآت السياحية – وكما كشف تفجير المشهد الحسينى مؤخراً - أمر مُعقد لأنه يحتاج إلى مواصفات مُحددة لا يسهل توافرها، وهما العنصر الإلكترونى والعنصر البشرى، ويجب أن يكون سريا، ولديه خلفية ثقافية ووعيا ودراية بالمنطقة السياحية التى يقوم بتأمينها، وذلك لأن السائح لا يحب أن يرى رجل الأمن بملابسه الرسمية لما يسبب له نوعا ما من القلق، وهذان العنصران يتم التنسيق بينهما لتأمين المزارات والأماكن السياحية بشكل كامل. سلعة غالية ويضيف المقرحى أن الأمن سلعة غالية التكاليف، وتحتاج إلى ميزانيات كبيرة لكى نحصل عليها بصورة جيدة، فتوفير أجهزة التصوير الحساسة للرؤية الليلية وكاميرات المراقبة وتدريب أفراد الشرطة تدريبا جيدا، كل ذلك يتطلب نفقات باهظة، ويضيف منطقة الحسين وما يحيط بها من أماكن سياحية ودينية يتوفر لها كل تلك الإمكانيات، ولكن بسبب طبيعة المكان الحيوية باستمرار، فمن الصعب تأمينها بصورة جيدة، ولذلك يجب توعية المواطنين المتواجدين هناك كأصحاب البزارات والمطاعم والعاملين فيها فى إرشاد الشرطة ومساعدتها. اللواء عادل عبد العليم الخبير الأمنى بمكافحة الإرهاب، يوضح خطة الداخلية فى تأمين المواقع السياحية عن طريق عدة محاور، أولها نظام التفويج، وهو قيام مكاتب وإدارات شرطة السياحة التى تغطى جميع مناطق الجمهورية بتأمين الفوج السياحى لحظة دخوله المطار حتى مغادرته البلاد، ويأتى تأمين الفنادق عن طريق وحدة تابعة لوزارة الداخلية، ووحدات أمن تتبع شركات أمن خاصة تشرف عليها وزارة الداخلية. ويقول عبد العليم إن الحراسة على المنشآت السياحية تختلف حسب أهميتها كمنطقة الأهرامات والمتاحف والمزارات السياحية الشعبية والدينية كمنطقة الأزهر والحسين، فكل هذه الأماكن لها وحدات تأمين كاملة تتبع شرطة السياحة والمباحث، وينقسم عملها إلى وحدتين وحدة ثابتة وأخرى متحركة والتى تعرف بوحدة "الطوف"، والتى تتكون من مجموعة من الأفراد مسلحين تسليحا كاملا ويتم التنسيق والربط بينهم، وذلك بمشاركة مديرية الأمن مع شرطة السياحة. ويوضح اللواء عبد العليم أن هناك وحدة بالإدارة العامة لشرطة السياحة مسئولة عن الأفواج السياحية من لحظة دخولها البلاد حتى المغادرة، وأن مهمة تلك الإدارة تلقى أى بلاغات تحدث لأى سائح حال تعرضه لأى مكروه. ويشير عبد العليم إلى أنه حال وقوع عملية إرهابية كالتى حدثت فى منطقة الحسين منذ عدة أيام، تقوم وزارة الداخلية برفع حالة الاستعداد القصوى إلى الدرجة "ج"، وتقوم بتأمين كل الطرق المؤدية إلى تلك المنطقة فيما يعرف بالتأمين المرورى بجانب التأمين السياسى، والذى يكون بالتنسيق مع مديرية الأمن وإدارة مكافحة الإرهاب وشرطة السياحة وإدارة المرور. اختراق ورجح أن يكون السبب فى الاختراق الأمنى الذى حدث فى منطقة الحسين ناتج لعدة أسباب، أولها أن توقيت العملية الإرهابية كان متزامنا مع تسلم وتسليم الورديات الأمنية، أو بسبب تراخى قوات الدفاع المدنى والتى من المفترض أن تكون متواجدة فى تلك المنطقة باستمرار، وذلك لوجود المشهد الحسينى والذى يتم تأمينه كمزار دينى شيعى. ويؤكد عبد العليم أن وزير الداخلية عقب قيام تلك العمليات يجرى تحقيقات كاملة وفورية مع القيادات الأمنية المسئولة، ويتم إحالتهم إلى التحقيقات حتى لا تتكرر مرة أخرى. تخلف أمنى يقول العميد محمود قطرى الخبير الأمنى أنه توجد معايير فى وضع الخطط الأمنية، ولكنها فى مصر مازالت متأخرة للغاية، ففى البداية يتم رفع المكان كروكيا ووضع الأماكن التى يجب تأمينها ووضع الخدمات الأمنية بجوارها، وبجانب ذلك يتم وضع خدمات أمنية متحركة، وأخرى ثابتة تكون سرية من مخبرين وضباط، يربط كل ذلك مع غرفة عمليات لتأمين الخطة الأمنية ويتم عمل بلاغات وهمية وتفتيش عليها للتأكد من عملها بصورة جيدة. ويرى قطرى، أن تأمين المنشآت السياحية فى مصر حتى الآن يعانى من الكثير من التقصير، ولا توجد كاميرات مراقبة تغطى الوحدة السياحية بشكل كامل، ويضيف قطرى أن الخطة التى تعمل بها وزارة الداخلية لا يحدث بها أى تغيير، فكل مرة تحدث تلك التفجيرات ثم تقوم بنفس الخطة وتضرب مرة أخرى، ويقول أن ما حدث فى الحسين هو تخلف أمنى فى الفلسفة والتخطيط ومتابعة العملية الأمنية، فلا ضباط أو أمناء شرطة أو المجندين يقومون بواجبهم على أكمل وجه، ويضيف أنه لو لم يكن هناك وسائل تكنولوجية متقدمة كالموجودة حاليا ولكن توجد إرادة حقيقية من قيادات الداخلية وضباطها لما حدثت تلك الأحداث.