نشر تلفزيون اليوم السابع تغطية إخبارية من إعداد وتقديم الزميل محمد جمال حول تسونامى الهجرة الذى ضرب إسرائيل خلال الشهور الماضية بسبب الحروب والشعور بعد الأمان، واستعرضت التغطية، تقارير عبرية حديثة كشفت عن أن إسرائيل تواجه موجة هجرة عكسية سريعة وغير مسبوقة، وصفتها بعض الأوساط السياسية ب "تسونامي" من المغادرين، حيث بات عدد الأشخاص الذين يغادرون دولة الاحتلال أكبر من عدد القادمين إليها، في تحول يضرب في صميم الرؤية الصهيونية القائمة على فكرة "الملاذ الآمن". ويطلق على هذه الظاهرة في العبرية اسم "يريدا" (Yerida)، أي "النزول" أو الهبوط، وهو مصطلح تاريخي يستخدمه القادة الإسرائيليون لوصف الهجرة العكسية باعتبارها "سقوط الجبناء"، وهو وصف استخدمه رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين عام 1976 ولا يزال يعبر عن الرأي السائد تجاه الهروب من "المشروع القومي". وأكدت التغطية التحليلية أن الأحداث التي تلت عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023 شكلت نقطة تحول مفصلية، أدت إلى انهيار أسطورة الحصانة الأمنية التي كانت تمثل المحور الأساسي للوعي الإسرائيلى، وأظهرت تقارير عبرية أن أكثر من ثلثي الإسرائيليين سجلوا انخفاضاً حاداً في ثقتهم بالجيش بعد الهجوم، فيما أفاد نصف السكان بشعورهم ب "الخوف الدائم" حتى في المدن الرئيسية. ولم تعد الهجرة مجرد اختيار اقتصادي، بل تحولت إلى رد فعل مباشر و"طريقة للنجاة من فقدان الأمان الداخلي"، وللمرة الأولى منذ تأسيس الدولة في عام 1948، تواجه إسرائيل هجرة عكسية متسارعة، حيث تشير البيانات الرسمية إلى تحول هيكلي في حركة السكان: وغادر ما بين 82 ألف إلى 85 ألف شخص إسرائيل في عام 2023 وحده، وهو أعلى رقم سنوي منذ الانتفاضة الثانية، و شهدت الأشهر الأولى من عام 2024 زيادة بلغت 59٪ في أعداد المغادرين، بينما انخفض عدد العائدين الإسرائيليين بنسبة 21٪. وتم تحليل الموجة الحالية على مرحلتين؛ الأولى (أكتوبر 2023 - مارس 2024) كانت مدفوعة ب "صدمة وخوف جماعي"، والثانية (من إبريل 2024 فصاعداً) تمثل "اختياراً استراتيجياً" للأسر والمهنيين الباحثين عن استقرار وفرص عمل وتعليم أفضل خارج البلاد. يشكل الهيكل العمري والمهني للمهاجرين أكبر تهديد للاقتصاد الإسرائيلي القائم على التكنولوجيا والابتكار، حيث أن غالبية المغادرين (40% من إجمالي المهاجرين) هم من فئة الشباب بين 25 و 40 عامًا، وهي الفئة النشطة التي تعمل في قطاعات الإنتاج وأشارت التقديرات إلى أن حوالي 12% ممن غادروا يحملون درجات علمية عليا (ماجستير ودكتوراه)، حيث غادر أكثر من 3500 عالم وباحث إسرائيل نحو جامعات في أوروبا وأمريكا منذ بدء حرب غزة، وهو ضعف العدد المسجل في السنتين السابقتين. وحذر خبراء من أن هذه الظاهرة، المسماة "نزيف المعرفة"، تهدد البنية التحتية للاقتصاد بشكل مباشر، حيث لم يعد الشباب يرون في إسرائيل "مشروعًا قوميًا" بل "مكانًا مليئًا بالتهديدات والصراع المستمر". وخلص التحليل إلى أن إسرائيل تواجه الآن اختبار بقاء حقيقي، حيث يتحول مفهوم "العاليا" (القدوم إلى أرض الميعاد) إلى مجرد ذكرى، وسط انقسام مجتمعي بين من يرى البقاء "واجبًا وطنيًا" ومن يرى المغادرة "طريقًا للخلاص". وتأتي هذه الأزمة في ظل استمرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في سياسات القتال، في محاولة لتجنب المحاكمة والعفو المحتمل.