سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قرار العبور الجديد.. لماذا يمثل توجيه الرئيس بإعادة الانتخابات إذا لزم الأمر نقطة تحول فى حماية إرادة الشعب؟.. إصدار قرارات ترضى الله بهدف استعادة وتأكيد إرادة المصريين الحرة
لا أبالغ حين أقول إن قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى تتعلق بإعادة الانتخابات البرلمانية، «إذا لزم الأمر»، استعادت فى ذاكرتى وفى ذهنى وفى وجدانى نفس الشجاعة التى اتخذ بها الرئيس الراحل أنور السادات قرار العبور فى أكتوبر. قد يرى البعض أن الأمرين مختلفان، وأن انتصار السادات كان عسكريا على الأرض، بينما ما نعيشه اليوم يخص قرارا سياسيا لانتخابات برلمانية، لكنه فى نظرى متشابه تماما مع ما قام به الرئيس عبدالفتاح السيسى، إذ إن الحالة الأولى، حالة الرئيس السادات كان فيها العبور بهدف استعادة الأرض بأكلها وتحقيق إرادة المصريين الحرة فى الانتصار، أما الحالة الثانية، حالة الرئيس السيسى، فكان العبور فيها بهدف استعادة وتأكيد إرادة المصريين الحرة فى إدارة شؤون بلادهم عبر برلمان قوى لا تشوبه شائبة ولا يطعن فيه طاعن، الأمران فى قلبى وفى وجدانى وجهان لجوهر واحد، وفى النهاية يحققان الغاية نفسها، وهى أن إرادة المصريين تعلو ولا يُعلى عليها مطلقا، ومطالبة الرئيس للهيئة الوطنية للانتخابات بإصدار قرارات ترضى الله وتكشف الإرادة الحقيقية للناخبين. ومن هنا أرى أن بيان الرئيس الأخير، بشأن الانتخابات البرلمانية، لم يكن مجرد إجراء يعبر عن رد فعل سريع أو عن مشاعر عارضة ومؤقتة، بل كان فى تقديرى لحظة سياسية فاصلة تكشف عن طبيعة وفلسفة القيادة فى الجمهورية الجديدة، وعن رؤيتها العميقة لدور الناس فى صناعة القرار العام، وعن احترام أصيل للإرادة الجامعة للمصريين، الرئيس لم يكتف بالحديث عن نزاهة العملية الانتخابية، بل وضع أساسا سياسيا جديدا يقول بوضوح: إن إرادة المصريين فوق كل اعتبار، وإن الدولة مستعدة لإعادة العملية بأكملها، وهو موقف غير مسبوق فى التاريخ السياسى المصرى تماما، مثلما كان قرار السادات بالعبور لاستعادة الكرامة الوطنية، فإن هذا التصريح الشجاع هو عبور من نوع آخر، عبور سياسى واع، يعيد تثبيت قاعدة لا يجوز الاقتراب منها، وهى أن المصريين شركاء أصيلون فى تقرير مصيرهم، وأن صوتهم هو حجر الأساس فى شرعية الدولة، وعندما يعلن الرئيس أن الإعادة واردة إذا لزم الأمر، فهو فى الحقيقة يعيد الاعتبار لمفهوم المشاركة، ويؤكد أن الدولة لا تخشى المراجعة، بل تعتبرها جزءا من احترام الناس صناع القرار الأول وأصحاب الشرعية فى إدارة الوطن. هذه الرسالة ظهرت بوضوح فى تأكيد الرئيس على مسؤولية الهيئة الوطنية للانتخابات، وعلى ضرورة التعامل مع كل شكوى بجدية كاملة، لم يتحدث الرئيس عن تبرير ولا عن دفاع، بل تكلم عن حق الناس، وهذا أهم عناصر الفرق بين الرئيس السيسى وغيره من القيادات عبر التاريخ، فالأنظمة التى تتعامل مع الانتخابات باعتبارها إجراء شكليا تسعى للحفاظ على الصورة الباهتة المشوهة من الديمقراطية، أما الدولة التى تصون ثقة الناس وتعتبر نفسها أمينة على أصواتهم الحرة، فتسعى للحفاظ على كرامة العملية الانتخابية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من كرامة الدولة. وفى تقديرى، ما يجعل هذا القرار مشابها لقرار العبور هو أنه يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والناس على أسس متينة، فلم تعد علاقة رأس ترسل القرارات، وجمهور يتلقى بالسمع والطاعة، بل علاقة متبادلة فى اتجاهين قوامها الاحترام والمسؤولية المشتركة، الدولة تحمى حق الناس والناس يمنحون الدولة الشرعية، وهذا هو جوهر العبور السياسى الذى نحتاج إليه اليوم، عبور نحو علاقة تقوم على الوضوح والصدق والإنصات، وهو ما حققه الرئيس السيسى ولم يحققه غيره عبر التاريخ السياسى المعاصر. إن هذا القرار خطوة ضمن مشروع لبناء دولة حديثة تحترم مواطنيها وتثق فى وعيهم، وتعتبر نقدهم جزءا من البناء لا جزءا من الهدم، وهذه هى القيمة الحقيقية للقرار، فهو يعيد للمواطن شعوره بأنه ليس متفرجا بل شريك كامل فى تقرير المستقبل.. والهيئة الوطنية للانتخابات استجابت لرؤية الرئيس وألغت 19 دائرة ب7 محافظات شهدت شبهة عوار أثناء العملية الانتخابية.. شكرا سيادة الرئيس على هذا العبور السياسى الجديد.