لا نعرف ما إذا كانت هذه الظاهرة تقتصر علينا، أو أنها طبيعة بشرية، نقصد هذا الجدال الذى يدور على مواقع التواصل، من قبل بعض من يقدمون أنفسهم على أنهم متابعون أو محللون، المهم أنهم انقسموا بسرعة وقبل أن تتوقف الحرب فى غزة، لينخرطوا فى وصلات من الادعاء أو المزايدة، وكل منهم يتحدث لا عن نصر أو نتائج، بينما الوقت مبكر جدا للحديث عن مكاسب أو فوز، لكن الأغرب هو القطيع أو الفصيل الذى قضى عامين من خداع النفس وترديد شعارات لا علاقة لها بالواقع ولا ما يجرى على الأرض، وهو نفسه الذى أعلن رفض المخطط الترامبى، قبل أن يعود ليصفق لحماس التى أعلنت قبول الخطة مبدئيا. وفى كل الأحوال ربما تكون هناك حاجة لتأمل ما يجرى طوال شهور، بعيدا عن احتفالات كل الأطراف بانتصاراتها وفوزها، إسرائيل وحماس وكل الأطراف، خاصة أن الحرب الإسرائيلية على غزة مستمرة وجرائم نتنياهو قائمة، ضمن حرب إبادة وحصار وتجويع ضد أطفال غزة وسكانها، ويفترض العودة إلى الموضوع الأساسى، والبحث عن طريق جديد لإنهاء الحرب على غزة، والتى يدفع الثمن فيها أطفال ونساء غزة العزل، مهما كان تقييم عمليات تتم كل فترة، يعتبرها البعض صمودا، ويراها آخرون مجرد بقاء من دون نتائج واضحة، فالحرب فى الواقع أكثر تعقيدا من التلاسن وادعاءات تحقيق انتصارات على أشلاء الأطفال. الهدف القريب إنهاء الحرب، وبعدها يمكن للمحللين وخبراء الاستراتيجيات أن يجلسوا ليفكروا ويبحثوا عن الفائز وسط أشلاء الأطفال ودمار غزة الشامل، حيث تتجه الأنظار إلى القاهرة التى تستضيف اليوم وفدين من إسرائيل وحركة حماس، لبحث توفير الظروف الميدانية وتفاصيل عملية تبادل كل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين طبقا لمقترح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أملا فى وضع حد للحرب ووقف معاناة الشعب الفلسطينى التى استمرت على مدار عامين متصلين، يأتى ذلك فى إطار الجهود المصرية المتواصلة بالتنسيق مع الوسطاء والرامية لإنهاء الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة. وحسب تقرير الزميل أحمد جمعة، مدير التحرير فى «اليوم السابع»، أعلنت وزارة الخارجية المصرية فى بيان لها أن هذه المشاورات تأتى فى إطار جهود البناء على الزخم الإقليمى والدولى لخطة الرئيس الأمريكى لوقف الحرب فى قطاع غزة، ورحب وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا والسعودية وقطر، فى بيان لهم، بخطوات حركة حماس حيال مقترح الرئيس الأمريكى والبدء الفورى بالمفاوضات للاتفاق على آليات التنفيذ، ووقف القصف فورا، والبدء فى تنفيذ اتفاق التبادل، ورحبوا بإعلان حماس استعدادها لتسليم إدارة غزة إلى لجنة إدارية فلسطينية انتقالية من التكنوقراط المستقلين، وأكدوا على ضرورة البدء الفورى بالمفاوضات للاتفاق على آليات تنفيذ المقترح، ومعالجة جميع جوانبه، بما يؤدى إلى الانسحاب الإسرائيلى الكامل وإعادة إعمار غزة، ويمهد الطريق أمام تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين. ميدانيا، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلى عدوانه على قطاع غزة لليوم ال731 على التوالى، مع تصعيد ميدانى واسع يشمل غارات جوية مكثفة وقصفا مدفعيا استهدف مناطق مدنية ومخيمات للنازحين فى مختلف أنحاء القطاع، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى. وتشن الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على أحياء غزة، أسفرت عن استشهاد 70 فلسطينيا بينهم نساء وأطفال، من بينهم 47 شهيدا فى مدينة غزة وحدها. هذا التصعيد رغم دعوات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يمثل اختبارا للخطة ولمدى قدرة ترامب على ضمان إلزام الاحتلال بوقف الحرب، وهو واقع يفترض أن يكون محط اهتمام، ويعكس مأزقا جديدا لرئيس وزراء الاحتلال، الذى يمثل فى الوقت الحالى عثرة أمام الاتفاق، ويحاول هو الآخر التباهى بانتصارات على أشلاء أطفال غزة، وهم الذين يصبحون ضحايا لكل الأطراف من تجار الحرب. كل هذا ينسف التحليلات التافهة والسطحية عن تقييم نتائج حرب، يصعب الإحاطة بتفاصيلها ونتائجها، بجانب أنها حرب شهدت أكبر قدر من المزايدات والأكاذيب، من قبل الاحتلال، وأيضا من قبل حلفاء إسرائيل من تنظيم الإخوان، بينما خاضت مصر حروبا داخل الحرب، وصمدت فى مواجهة أكاذيب الاحتلال، ومعهم الممولون بالداخل والخارج، من حلفاء الاحتلال، الذين شنوا حروبا على مصر، بينما القاهرة نجحت فى مواجهة التهجير والتصفية، وحافظت على القضية ساخنة، بينما تفرغ الفاشلون للمزايدة وما زالوا يعيشون حالة الكذب على النفس، والغرق فى انتصارات تفضحها أشلاء أطفال غزة.