الهجر والهجرة والتهجير ؛ لكل عملة وجهان ، (أحدهما حسن والثاني سيء) (وجه نراه ووجه لا نراه ولا نتوقعه) حسب ظروف اختيار كل منهما. يعقب ذلك كثيرا من الأحداث والمناورات والمفاوضات . فقد يكون الهجر للأحباب عواقب وخيمة منها ألم نفسي يترتب عليه تصرفات خاطئة أو بعض الانفعالات المؤذية لك أو للآخر و ولكن الوجه الآخر أحيانا يكون هو الحل الأمثل والأفضل والأصلح للطرفين . الانفصال ليس بالسهل ولكنه على الصعيد الآخر سيكون هو الحل الوحيد لبداية حياة جديدة بدون مشاكل بل بالعكس هو حل لكثير من المشاكل. تبدو كلمة الهجر والانفصال ثقيلة على قلوبنا ومسامعنا وعلى الصعيد الآخر نرى أن كل من الطرفين في راحة وسعادة أكثر أو نجاح أفضل في علاقة جديدة مع شخص مختلف يتوافق في الطبع والطباع أكثر . لكن لكل قاعدة شواذ قد يكون الهجر والانفصال هو بداية حياة للبعض و نهاية حياة بمعنى الكلمة للبعض الآخر وقد لا يحتمل أحد الطرفين ( هذا الهجر ) وصولا إلى الانتحار أو مستشفى العلاج النفسي من كثرة الحزن والحسرة وعدم القدرة على التعايش بدون هذا الحبيب. فهي بحسب القدرة على الاحتمال والقناعة بأنه الحل الأمثل أو تقديم بعض التنازلات لتمر الحياة كما هي. أما الهجرة من بلد إلى بلد آخر فهي بشكل ما وضع اختياري بحثًا عن حياة أفضل ولكن الوجه الآخر هنا يواجه المصاعب لإثبات ذاتك وستجد قوانين مختلفة أو سلوكيات غير متوافقة معك و ستواجه مرارة الهجرة بالوحدة الموحشة وبعض النفوس المتوحشة. ويصل بك الحال أما التعايش وقبول الآخر بكل ما تحمله الكلمة من معنى وقبول الوضع الجديد (بما له وعليه) وإلا عدم القدرة على التعايش وقرار فوري بالعودة إلى أرض الوطن مهما واجهت من صعوبات بحثًا عن الاستقرار النفسي. أولا وأخيرا . فكل مهاجر مغامر يجد ما يتوقعه وما لا يتوقعه وعليه وحده عواقب اختياره و البعض يحتمل وصولا إلى الهدف الأسمى وهو فرصة حياة وعمل ومكانة اجتماعية مرموقة بعد مشوار طويل ( يدعى بالنهاية مشوار حياة ) وهو مكتوب على كل البشر ولكن هذا المشوار بكل ملذاته له الوجه الآخر أيضا وهي المتاعب المختلفة والحروب والانتصار على كل الظروف الصعبة أو..... الفشل وخيبة الأمل لا قدر الله. أما التهجير هنا فهو بالغصب والاغتصاب لحقوق الآخر و بالإكراه والعنف وصولا إلى الحرب التى ستؤدي مالا يحمل عقبة سواه ،وهنا الأمور تصل إلى التدخل لفض المنازعات أو التفاوض السلمي بقدر المستطاع ، و التهجير يبدو للبعض هي فرض سيطرة (قوى عظمى على قوى مستضعفة ) ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن كما يقال وهذا الوضع لا يمر مرور الكرام ولكن تأتي عاصفة من الغضب برد فعل المنتهك عليه وما لا يتوقعه المستعمر من رد فعل ممكن يصل لحد الدمار. والسؤال هنا هل سيخرج المنتهك من أرضه او بلده بسلام و يهجر مكانه بأمان أم سيدافع عن أرضه وعرضه حتى الموت؟! والمنتصر هنا هو من مات فداءً للوطن ( بشرف وعزة وكرامة) فمن يتوقع أن فكرة التهجير الجبري ستمر مرور الكرام فهو حالم، ولا يتوقع رد فعل الآخر وعواقب رد الفعل ، ستبدو الصورة من وجهة نظر البعض بيضاء مزهرة ويراها الطرف الآخر سوداء قاحلة. فكل عملة لها وجهان يبدو للبعض أن هذا الوجه الأول مثالي ورائع والحياة وردية ولا يرى الوجه الآخر من معارك نفسية و جسدية بالغة الخطورة تحكم وتتحكم برد الفعل من اتخاذ قرارات حاسمة وفاصلة ، فلا تحكم على الأمر من بعيد فنحن نرى ما هو أمام أعيننا فقط الوجه الأمامي والمباشر فقط ، ولا نرى الوجه الآخر لهذا الوجه الجميل من وجهة نظرنا ويبدو لنا الأمر جيد وهو له توابع أخرى لا نراها . فنحن أيضا جميعًا لنا وجهان وجه بشوش وحنون وذو خلق ودم خفيف. وفجأة مع أي أختبار أو اختلاف يظهر الوجه الآخر وما به من عنف وتحكم و صفات لا يحتملها أحد ، والكثير منا يقول هذا عصبي ولكن قلبه طيب ، فكيف يكون للقلب الأبيض والطيب وجه عكر غضوب إلا بالاستفزاز مراراً وتكرارا وعندما تستغل الطيبة خطأ فيظهر الوجه الآخر وما به وعكس كافة التوقعات. والحل الوحيد كيف نسيطر على نفوسنا ونهذب أخلاقنا ونحتمل ضعفات الآخر و نسعى لحل المشاكل كوسيط وحكم عادل وحكيم ذو كلمة على الطرفين بالحب والمحبة والثقة وبناء جدار التسامح والعفو عند المقدرة، والأهم هنا هي المقدرة ، لأن لو استنفذت قدرتك على التحمل سيبقى الحل الآخر وهو الوجه الوحيد المتبقي لنا مع كامل الأسف لما تحمله عواقب الضغط وخروج السيء الذي فينا .