خاض محرر اليوم السابع مغامرة صحفية داخل قسم شرطة عين شمس أمس، الثلاثاء، موقع حادث الاعتداء الجنسى على المواطن أحمد عبد الفتاح على، كشفت العديد من الحقائق، مع صمت المسئولين الكبار عن الحادث وانكار جماعى لضباط القسم للواقعة وتأكيدات من بعض المحبوسين على صحتها وسماعهم صوت المجنى عليه.. وهل سيتنازل بسهولة عن قضية شرف بعد أن نشرت تفصيلها على الإنترنت؟ بدأت الرحلة من مقر الجريدة حيث كان الميعاد مع أحد الأشخاص، وقت الغروب، للدخول إلى قسم شرطة عين شمس، وتنكر المحرر فى مهنة محامى تحت التدريب يبحث عن أحمد عبد الفتاح، بطل كليب التحرش الجنسى، وبعد حوالى ساعة من نظرات ضباط المباحث، كانت كمسلسل عربى عقيم فالجميع فى حالة هلع وقلق وحيرة، وعلى غير العادة جميع ضباط القسم موجودون حتى من لم تكن "نبطشيته" حضر. داخل قسم الشرطة تنقلت بين حجرات الضباط متسائلاً عن أحمد عبد الفتاح على، والاجابة على سؤالى: "ليه؟.. عايزينه ليه؟"، فكان الرد عليهم أنها محاولة لاجراء صلح مع الضباط، ويأتى ردهم: "ما كل حاجة خلصت خلاص". ووجدنا أن المسئول الوحيد عن رؤية أحمد هو العميد أحمد سليمان مأمور القسم، حيث جاءت أنباء عن تصعيد فى وزارة الداخلية بعد انفراد اليوم السابع بكشف تفاصيل فضيحة رجال الشرطة الجديدة، والتى كان بطلاها ملازمين أولين لم يمض على تخرجهما سنة واحدة فقط!.. وهذا ما يطرح تساؤلا مهما: ما مصير المواطنين فى هذا القسم إذا استمر الضابطان الجديدان فى العمل؟ استمرت المحاولات ما يقرب من ساعة وربع الساعة، ونحن فى انتظار خروج مأمور القسم من اجتماعه الموسع والذى عرفت أنه بسبب نشر الفضيحة. لم أستطع مقابلة المأمور أو المجنى عليه، انتابتنى حالة من اليأس والإحباط، وسارعت للذهاب إلى العنوان الذى حصلت عليه من أحد المحبوسين مع أحمد عبد الفتاح فى نفس الزنزانة، قال لى إنه يسكن فى شارع يدعى محمد العباس متفرع من شارع العشرين بحى عين شمس.. لم يطل البحث حتى عثرت فى عمارة صغيرة مكونة من ثلاثة طوابق على منزل شقيقته والتى لم تره منذ 3 سنوات. بعد أن استضافتنى عرفت منها أنه اتهم منذ عشر سنوات فى قضية اتجار فى كمية قليلة من المخدرات وعلى أثرها أخذ حكما بالسجن، ومع انتهاء فترة السجن أخذ إلى قسم عين شمس لدفع الكفالة المادية المقررة و تخليص ورق صحة الإفراج. اكتشف أحمد أنه خالى الجيوب لا معه جنيه ولا غيره وكذلك أهله، فقرر أن يقضى فترة عقوبة أخرى بدلا من الدين من الغير، تصل فترة الحبس مقابل عدم دفع الغرامة حوالى 6 أشهر، أى أنه سيرجع مرة أخرى لسجن وادى النطرون بطريق القاهرة إسكندرية الصحراوى. أحمد عبد الفتاح أو كما يطلقون عليه "أحمد الروبى" عرف عنه عصبيته الشديدة، وغيرته على أهل بيته، والتى كانت سببا وجيها لاعتداء الضباط عليه داخل قسم عين شمس بحسب شهود عيان، بدأت بسبب توجيه أحد الضباط الجدد شتيمة بالأم له فردها له "الروبى"، ولم يطل الوضع كثيراً حتى سحب بيد الضابط مع سقوط وابل من السباب والشتاتم عليه من ضباط وأمناء القسم، وهذا ليس بالشىء الجديد داخل أقسام الشرطة فماتزال الأمور طبيعية حتى هذه اللحظة. حمت نيران الضابط وأحد زملائه فساقاه إلى موقع الحادث داخل القسم، تعالت أصوات آهات واستنجادات أحمد المستمرة.. لم يرحمه أحد.. سادت حالة من الهرج داخل حجز القسم الرجالى والحريمي.. فصوت أحمد لم يكن مكتوماً والجميع يسمعه ولكن من يجرؤ على الكلام؟ هذه الرواية لم تعرف تفاصيلها عائلة أحمد، التى جاءت من صعيد مصر وبالتحديد من محافظة قنا، وحتى كتابة هذه السطور لا يعرف "صلاح البغدادي" شقيق أحمد بالواقعة ولا أحد أفراد عائلته وانحسر الموضوع فى أسرته الصغيرة. أحمد الذى يبلغ السابعة والعشرين من العمر، لم يسعفه الزمن للزواج، سادت حالة من الغضب بين أفراد أسرته مطالبين بالإفراج عنه أو إعلام العائلة وهو ما قد يؤدى إلى الثأر على طريقة الصعايدة. لم ير والده فبعد دخوله سجن وادى النطرون من 10 سنوات تقريبا توفى والده بعدها بشهرين فقط. عدت مرة أخرى إلى مقر القسم بجوار مستشفى عائلات ضباط القوات المسلحة فى شارع جسر السويس. التشديد الأمنى غير مسبوق وأجواء العمل اليومى المعتاد مع عدد كبير من الضباط وأمناء الشرطة ورجال المباحث، الجميع موجودون فى صالتى الاستقبال والحجز. بعد إلحاح وعدم تصديق من الضباط أنى سأدفع أحمد للتصالح، مع إنكار لأى وقائع، والتبرير بأن: "الولد أصلا كان مسجونا يعنى لا خرج برة فى شارع زى ما الجرايد قالت ولا حاجة.."، قال لى الضباط إن المأمور منع الزيارة عن المجنى عليه بحجة أنه عرض على النيابة، فى حين أن جميع المصادر من مسجونين ومحامين وزائرين للقسم أكدوا عدم عرضه على النيابة سواء أمس أو أول أمس، وبمواجهة الضباط قالوا: "ما أنت عارف بقي.. منقدرش نكسر كلام المأمور.. النيابة حققت معاه بالتليفون.. عادى بقي"، وبادرنى بغمزة بعينيه وضحكه مكتومة انتابت وجهه. أكمل أحد الضباط الشباب كلامه معى بأن أحمد دخل القسم لإنهاء أوراق صحة الإفراج ودفع الكفالة لكنه تجاوز وسجل عليه قضية إكراه بدنى. الأسرة المكونة من أربعة أفراد هم: صلاح وأحمد وهناء وأمل بالإضافة إلى الأم المكلومة، منعوا جميعا من الفرحة، فالشقيقان مسجونان فى قضايا مختلفة، والمستوى المادى والاجتماعى للأسرة سيىء للغاية. يتم معاقبة المذنبين من المحبوسين داخل قسم عين شمس فى المنطقة الواقعة بين السلم السفلى المؤدى لحبس النساء والسلم العلوى المؤدى للمباحث وبجوار "عنبر الانتظار"، تبدأ "الحفلة" كما يسميها الضباط بعدد محدود من الشتائم يليه صفع بباطن اليدين على الوجه والظهر وبعض اللكمات والركل بالأرجل فى أماكن متفرقة فى الجسد وأحياناً فى المنطقة الحساسة للرجال ثم يدخل المحبوس العنبر مرة أخرى. تعرفت على أحد الملازمين المتهمين بالاعتداء على أحمد عبد الفتاح، ووجدته فى بداية حياته المهنية فلم يمر على تعيينه عدة أشهر بعد، كان يكتب فى دفتر وصوته بين دقيقة وأخرى يعلو لإسكات المحبوسين، ودار بيننا حديث شخصى، وتبين أن والدته شقيقة وزير أسبق،ثم خرجت من القسم حاملاً حقيبتى وأوراقى مرة أخرى عائداً لكتابة هذه السطور بعد مرور حوالى خمس ساعات على بداية المغامرة.