ما إن تدق الساعة التاسعة والنصف مساء، حتى أدير جهاز التليفزيون لأبدأ رحلة متابعتى لبرامج التوك شو. أحيانا كثيرة ينتابنى الملل والضيق.. وأظل أتنقل ما بين قناة وأخرى لعل شيئا يشدنى، فهذا هو برنامج تسعين دقيقة على قناة المحور.. صوت مذيعه معتز الدمرداش المندهش دائما والمتسائل عن كل شئ.. وترتسم على وجهه علامات التعجب بخفة دم متناهية.. وهذه المذيعة اللامعة منى الشاذلى فى برنامجها واسع الانتشار العاشرة مساء فى قناة دريم الذى تحول من البساطة إلى التأمل فى نظام الكون وتفسير كل الأشياء بأنها الأهم والأخطر.. تضخيم الأمور والقضايا أمر وراد كوسيلة من لفت الانتباه لكنه ليس أبدا هو الأكثر تأثيرا.. وتتحول شهيتى إلى دق باب تليفزيوننا المصرى ببرنامجه المتميز على خريطة الإعلام الحكومى. ( البيت بيتك) والحقيقة أننا نحس أنه بيتنا.. لو أننا نستشعر أحيانا أنه بيت الجيران كنوع من التغيير.. (تامر أمين) بدأ منذ شهر تقريبا أو يزيد منافسة عارمة فى مواجهة المتجدد دائما خيرى رمضان.. لكن التليفزيون المصرى له قواعده وخطوطه الحمراء التى تتكسر عندها كل الطموحات.. أما محمود سعد فهو يدرك أن شعبيته ونحن جمهوره ندرك معه أنه بلا منافس.. (لكن الحقيقة كل حاجة ولها آخر) هكذا تصدمنا الأمثال ببساطتها وقسوتها أحيانا.. الفضول وعملى كمتابعة لما تقدمه هذه البرامج، يجعلنى أراقب بجدية حتى لا تفوتنى فقرة.. وفى حوالى الساعة الحادية عشرة ألتقط أنفاسى.. وأتناول كوبا من الماء، فالبرنامج الأكثر تشويقا فى كل شئ قادم برشاقته.. بقوة تأثيره.. بانفراداته.. بإطلالة مقدمه عمرو أديب الأكثر شهرة ونجومية.. أقول لكم الحق، كنت فى الماضى يستفزنى أداء الإعلامى المتميز عمرو أديب، فكثيرا ما تصدمنى كلماته، إلا أننى اكتشفت أن هذا هو سر تميزه.. فنحن فى حاجة أحيانا لمن يقول (للأعور أنت أعور فى عينه) بلا رتوش.. بالطبع هذا ليس كافيا، لكن (برنامج القاهرة اليوم) الذى قررت قناة الأوربت السعودية، أن يكون برنامجها الرئيسى حول ما يحدث فى القاهرة.. لم تفكر أن تكون الأحداث.. سعودية مثلا أو قطرية أو لبنانية.. وهذا فى حد ذاته يعبر عن رؤية واعية لما تمثله مصر للعالم العربى.. وعند منتصف الليل أو بعده بقليل، أتوقف عن المراقبة والمتابعة فأغلق التليفزيون لأهدأ قليلا.. رغم أن هناك برامج توك شو على قنوات أخرى كثيرة، إلا أن اختيارى لهذه البرامج بالذات جاء بناء على المنافسة القوية بينهم سواء من خلال الإعداد وتنوع الانفرادات على مدار الأسبوع.. وعمق تأثير التناول الذى يجذب عددا أكبر من المشاهدين.. والحقيقة أن برنامج القاهرة اليوم كان دائما فى الصدارة، سواء على مستوى طاقم إعداده الذين لا أعرفهم.. دائما يتحمل عناء الاستغراق فى الحصول على انفراد مختلف يميزه.. ولا يعتمد مثلا كغيره من البرامج على الوجه الحسن واللباقة فى التناول فقط.. ولا المشاغبة والاندهاش.. ولا حتى اسم مذيعه الذى مجرد ظهوره على الشاشة حدث فى حد ذاته.. إضافة إلى وجود شبكة من المراسلين المحترفين يسافرون إلى كل مكان.. ناهيك عن الأداء الصاخب والمتقن من عمرو أديب إخطبوط الشاشة الصغيرة بصلعته وضحكته المستفزة أحيانا وغلاسته المقبولة دائما.. القوة دائما تفرض نفسها، فليس عيبا أن نتنافس لكن العيب أن نتراجع ونستسلم لما وصلنا إليه، فالنجاح الحقيقى هو الاستمرار فيه وليس الاكتفاء به.