وزير التعليم: زيادة الحضور بالمدارس الحكومية من 15% ل87%    وزير التعليم: أضفنا 94 منهجا جديدا واستحدثنا كتب تقييمات للمرة الأولى    بعد الزيادة الأخيرة.. كم سجل سعر الذهب اليوم الأربعاء 12-11-2025 بمنتصف التعاملات؟    أسعار الفراخ والطيور في أسواق مطروح اليوم    محافظ المنوفية يقرر صرف مساعدات مالية وعينية لحالات الإنسانية    إعلان نتائج انتخابات غرفة تطوير واستصلاح الأراضي الصحراوية للدورة 2025-2029    محافظ شمال سيناء: معبر رفح مفتوح من الجانب المصري والإغلاق سببه قرارات إسرائيلية    الهلال الأحمر المصري يدفع قافلة زاد العزة ال71 محملة بأكثر من 8 آلاف طن مساعدات إلى غزة    شوبير ينتقد مجلس الزمالك بسبب أحمد سيد زيزو    كمال شعيب: قرار سحب أرض الزمالك "باطل".. وسنستعيد حق النادي بالقانون    لابورتا: ميسي سيبقى فخرنا.. والخلافات مع ريال مدريد تزداد    محافظ مطروح يرفع درجة الاستعداد لمواجهة الأمطار الغزيرة وتأثيراتها    لجنة هندسية لمعاينة «عقار الجمرك» المنهار والعقارات المجاورة لبيان سلامتها    وزارة «التضامن» توقع عقد تقديم الخدمات لحجاج الجمعيات الأهلية    تموين المنيا: تحرير 211 مخالفة وضبط سلع مدعمة قبل تداولها في السوق السوداء    كريم عبدالعزيز عن والده: علمني الحياة وإن الفن مش هزار    أول تعليق من أسماء جلال على شائعات ارتباطها ب عمرو دياب    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس الوزراء يفتتح النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية PHDC'25 بالعاصمة الإدارية الجديدة    كامل الوزير: حريصون على تعزيز التعاون والتكامل الصناعي مع جنوب أفريقيا    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء في شمال سيناء    وزير الصناعة يتفقد أجنحة شركات السيارات والمكونات في معرض"MEA Industry"    بسبب علاقة عاطفية.. تأييد الحكم على المتهم بقتل حفيدته بالاشتراك مع آخرين في الشرقية    «مجاري وقع في الفخ».. مباحث شبرا تضبطه متلبسًا بالمخدرات والسلاح    تعرف على أكبر نتائج مباريات كأس العالم للناشئين بعد ختام دور المجموعات    تطورات جديدة في مفاوضات ديانج والأهلي.. شوبير يكشف التفاصيل    مخلصين جدا وعندهم ولاء.. ما هي أكثر الأبراج وفاء فى العلاقات؟    في ذكرى رحيله.. محمود عبد العزيز «ساحر السينما المصرية» جمع بين الموهبة والهيبة    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    5 عروض مسرحية بينها 2 لذوي الهمم ضمن فعاليات اليوم الثاني ل «القاهرة للطفل العربي»    موعد مباراة إنجلترا وصربيا في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    أفضل الزيوت العطرية، لعلاج التوتر والصداع المزمن    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    «متحدث الوزراء»: الدولة لديها استراتيجية لتطوير المناطق السياحية    نتائج أولية في انتخابات النواب بالمنيا.. الإعادة بين 6 مرشحين في مركز ملوي    أونتاريو الكندية تستضيف اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    «الرقابة المالية» والأكاديمية الوطنية للتدريب تتفقان على إطلاق حزمة برامج متخصصة    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    المستوطنون المتطرفون يشنون هجمات منسقة ضد الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية    موقف ثابت وتاريخى    قصر العيني يحتفل بيوم السكر العالمي بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    مصر تعزى تركيا فى ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدنيا بعد جلال عامر

سهرت ليلة كاملة أتابع على تويتر حالة الكاتب الرائع جلال عامر فى المستشفى، وجودى فى القاهرة ومشاغل صحية حالت بينى وبين أن أكون فى الإسكندرية، كانت الدهشة كبيرة مما جرى له فجأة بعد أن شاهد مظاهرة مدفوعة ولا معنى لها ضد الثورة، ومظاهرة أخرى للثوار، واشتباكات بينهما مما جعله يهتف متألما: «المصريين بيضربوا بعض»، ولم يتحمل، أين حدث ذلك؟ فى حى بحرى أو رأس التين الذى عاش فيه جلال عامر، والذى لا يزال من أجمل أحياء الإسكندرية ينسكب عليه الهواء والتاريخ، وتقبّله الأمواج وتمتد على كورنيشه العمارات الأوروبية شاهدا على تاريخ عظيم، ويمتد النخبل الملكى بين ضفتى الشارع مسلما نفسه إلى الهواء الذى لم ينقطع عطفه على المدينة منذ بنى الإسكندر الإسكندرية.
سهرت الليل حزينا أقاوم دمعى، ليس اعتراضا على قدر الله، ولكن لأنى شعرت أن العالم سيختلف إذا رحل جلال عامر، وظللت هكذا حتى انتشرت أضواء الصباح ودخلت لأنام قليلا لأنى كنت أعرف أنى لن أستطيع الاستمرارا فى النوم لوقت كاف، صحوت فى العاشرة صباحا لأجد الخبر الأليم يتصدر عناوين قناة دريم، لم أشعر أنى فى يوم جديد، أحاط بى الليل الذى بدا لى لم ينجل، واستمر معى طول النهار ولا يزال.. لماذا؟ مصر ولادة، أقول لنفسى، وفى مصر كثير من الكتاب الساخرين، أقول لنفسى، وفى النهاية هو قدر الله الذى يجعل مصر تفقد فى هذه الأيام عددا من أجمل كتابها، هل لأن جلال عامر ابن مدينتى، لا، فكلنا أبناء للوطن، لكن لأن جلال عامر كان نسيجا وحده بين الكتاب الساخرين، كان مثقفا كبيرا وخريج كلية الحقوق ثم الآداب، وظهر فى حياتنا الفكرية متأخرا، وساعدته ثقافته وخبرته كضابط سابق عاصر كل الحروب أن يكون مختلفا، الثقافة ظهرت فى كل جملة يكتبها، كل جملة هى تلخيص لكتاب أو فيلم أو لوحة فنية أو مسرحية أو قصيدة أو ديوان شعر، وموهبته لم تكن فى كونه كاتبا ساخرا فقط، ولكن تجلت فى شىء بعيد جدا على الكثيرين من الكتاب فى مصر والعالم، وهى فى استخلاص المعنى والوصول إلى الحكمة من أيسر السبل، وفى كل وقت وهذا لا يكتبه الله للكثيرين، وأيسر السبل هى التى لا يتوقعها القارئ، لذلك كانت مقالات جلال عامر وعاء للحكمة، وللحكم والأمثال التى رغم ارتباطها بحياتنا السياسية والاجتماعية فإنها تتجاوز الزمن وتكون دليلا ليس على عصر فقط، ولكن على عمق فلسفة الكاتب، وعلى عمق شهادته على هذا العصر.
لم يكن جلال عامر معارضا يستخدم الرموز والتورية لكنه كان معارضا واضحا للرئيس السابق ولنظامه، والأهم الأهم أن هذه المعارضة كانت تتجلى ليس فى صياغة مباشرة ولكن فى تعليل معاكس لما نتصور، يأتى بالمعنى من بعيد ومما لا يخطر على بالك، لكنه قريب جدا من الكاتب الموهوب، أجل.
جلال عامر لم يكن مجرد كاتب مقالات، ولكن كانت تسكنه روح الروائى والقاص، وأيضا كاتب المسرح فما يكتبه دراما تنطلق من التناقضات التى تحملها جمله التى تحمل معارف وأحداثا وليس مجرد آراء، لذلك كنا نضحك من القلب من غرابة استنتاجاته ويقينه بالحقيقة التى تبدو غائبة عنا بينما هى أمامنا لا يراها إلا كاتب موهوب مثل جلال عامر،
لذلك الآن وعبر هذا الأسبوع المضنى عزاء كامل على الفيس بوك وتويتر من أجيال الشباب الذين رأوا فيه رحاء وبصيرا وبصيرة، أضحكهم كثيرا وأضحكنا كثيرا ولم يكن الضحك ليسكتوا بل ليظلوا فى طريقهم لتحرير البلاد، طاقة الضحك موصولة بطاقة الأمل والقوة لأن جلال عامر مبدع كبير، بل لا أبالغ إذا قلت إنه أحد الحكماء الذين قل نظيرهم، وكما قلت ساعدته الفلسفة والقانون وخبرة الحياة التى كانت مع الموت، ضابط فى الجيش حضر حروبنا منذ حرب الاستنزاف يعنى حياة إلى جانب الموت، ومن ثم حين خلص جلال عامر لنا وضع الحياة أمامنا على مائدة من الفكاهة الخالدة.
الشباب الآن، وهم على حق يملؤون، تويتر والفيس بوك بجمل جلال عامر الحكيمة ورؤاه الفلسفية الناجذة وتغريداته لحياة أخرجت لنا لسانها كثيرا بينما هو كان على يقين أنها ستتغير.. أنا أدعو المسؤولين فى الإسكندرية أن يخصص شارع فى بحرى باسم جلال عامر وإذا لم يفعلوه الآن فستفعله الثورة لاحقا، شارع يصب على البحر، من يمشى فيه يصل إلى حيث وقفت كليوباترا وأنطونيو وعظماء المدينة الخالدة، من يمشى فيه يعرف أنه سيصل إلى الشاطئ الذى جرت عليه كل الأحداث التاريخية العظيمة للمدينة التى لا يزال أبناؤها حين يقفون هناك يشعرون بالثقة والفخر، هنا كان التاريخ وكانت المحبة وكان التسامح،
أما كتب جلال عامر فمن المؤكد هناك من سيعيد نشرها، لكن الأهم هو أن نجد أحدا يتشجع لصنع نتيجة سنوية أو أجندة ترتفع فى صفحتها كل يوم تغريدة لجلال عامر، سنحتاج أكثر من 365 يوما، سنحتاج إلى أكثر من سنة،
فلتكن السنوات القادمة هى سنوات تغريدات جلال عامر وحكمه الخالدة، هكذا سيستمر العالم أو الدنيا وفيها طعم البهجة التى سكبها علينا وعليها جلال عامر، وهكذا نتعزى قليلا حتى نتعود على غيابه ولن نتعود بسهولة، رحمك الله يا جلال يا بهجة الدنيا والآخرة، أجل الآخرة أيضا فلابد أن الملائكة الآن وجدوا فيك مسرة كبيرة غير ما يجدونها دائما فى البشر الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.