هم المنسيون دائما، رغم أن ثورة 25 يناير جعلتهم يشعرون أن أبسط حقوقهم الإنسانية على وشك التحقق، إلا أن الحال بقى كما هو عليه، ولم يتلقوا من المسئولين سوى مجموعة من الوعود التى لا تنطوى على رغبة فعلية فى التنفيذ، ولا تثمر سوى عن المزيد من الانتظار، لقد ابتلاهم الله بأمراض خطيرة، لكن معاناتهم ليست فى المرض بحد ذاته بقدر ما يشعرون بها للحصول على حقهم الأساسى من الأدوية والرعاية الطبية. وشهد هذا العام ، عقب قيام ثورة 25 يناير، مطالبات واسعة من قبل المرضى، على رأسهم مرضى الالتهاب الكبدى الوبائى "فيروس سى"، والتصلب المتعدد M.S ومرضى الهيموفيليا "النزف"، بتوفير جميع العلاجات الخاصة بهم من قبل وزارة الصحة، وبالفعل تلقوا عدة وعود مصحوبة بقرارات ينتظرون تنفيذها على أرض الواقع. البداية كانت مع مرضى فيروس سى، حيث شهد شهر مايو الماضى صدور حكم من محكمة القضاء الإدارى، يقضى بأحقية هيئة التأمين الصحى فى استخدام عقار "الأنترفيرون المصرى"، وذلك عقب معركة قضائية بسبب اعتراض عدد من الأطباء على استخدامه على المرضى المصريين بحجة عدم فاعليته، بالإضافة إلى فرضه على المرضى، وعلى الرغم من تأييد القضاء لاستخدام هذا العقار، إلا ذلك الحكم أعقبه صدور قرار بإتاحة الأنترفيرون المستورد، سواء الأمريكى أو السويسرى، للمرضى بحيث يكون لهم حرية الاختيار بين العقار المصرى أو المستورد. بالإضافة إلى القرارات السابقة، صدر قرار بإعادة اختبار العقار المصرى على 2000 مريض للتأكد من فاعليته، وعلى الرغم من ذلك لم تنته معاناة المرضى فى الحصول على العقار، خاصة فى المحافظات، والأزمة الحقيقية التى تواجه هؤلاء المرضى هى الوقت، حيث أن التأخر فى حصولهم على العقار يؤدى أى تدهور حالاتهم بها قد يصل للإصابة بسرطان الكبد، وذلك فى الوقت الذى تعد فيه مصر من أعلى الدول إصابة بالفيروسات الكبدية. وفى شهر يونيو، أعلن مرضى التصلب المتعدد عن غضبهم بسبب عدم توفير العلاج الخاص بهم، والذى يصل إلى 7 آلاف جنيه شهريا، من قبل التأمين الصحى، على الرغم من أن منهم أطباء، كالطبيبة داليا حسين، والتى تعمل فى هيئة التأمين الصحى، إلا أنها لا تحصل على الأدوية التى تحتاجها لوقف مضاعفات المرض، والتى تصل إلى الشلل، بل إنها مثل جميع المرضى اضطرت للحصول على إجازة من عملها بسبب عدم وجود مرونة فى قوانين العمل تتناسب مع حالتها المرضية، فى الوقت الذى لا يستطيع العديد من المرضى الحصول على فرصة للعمل، حتى ضمن نسبة ال5% المقررة للمعاقين. وعقب عدد من الوقفات الاحتجاجية والعديد من الوعود التى لم تنفذ، سواء من وزارة الصحة أو مجلس الوزراء، أضطر المرضى إلى رفع دعوى قضائية ضد هيئة التأمين الصحى لمطالبتها بالتكفل بعلاجهم، تحمل رقم 16003 بتاريخ 14 -6 -2011، إلا أن تلك الدعوى لم يتم حسمها حتى الآن. فئة أخرى من المرضى المنسيون، وهم مرضى الهيموفيليا أو "سيولة الدم"، فعلى الرغم من خطورة مرضهم لم يتم الالتفات إليهم إلا بإضراب 4 من المرضى فى مستشفى الطلبة بالإسكندرية أغسطس الماضى، احتجاجا على عدم توافر عقار "الفاكتور"، وهو العقار الوحيد القادر على وقف النزيف فى حالة إصابة المريض به، فى نفس الوقت يعد الأطفال فيه هم الأكثر إصابة بنسبة تصل إلى 60%. وعلى الرغم من انغماس الجميع فى القضايا السياسية، متناسين وجود تلك الفئات، يحاول هؤلاء المرضى الحصول على حقوقهم، حيث قاموا بتأسيس "تحالف المرضى المصريين"، لمرضى "فيروس.س والتصلب المتعدد والهيموفليا والصرع والدرن"، بهدف الدفاع عن حقوقهم فى التمتع بأعلى مستوى من الرعاية الصحية، والاندماج بشكل طبيعى فى المجتمع الذى يحرمهم من ذلك، بنبذهم خوفا من أمراضهم، ليس لخطورتها بل لجهلهم بها.