أجمع عدد من المثقفين على أن الراحل الكبير خيرى شلبى ظُلم من المؤسسة الثقافية ظلماً كبيرًا، حيث لم تلتفت له إلا عندما أصبح ذات صيت كبير وسط الأدباء، بينما انتقد البعض الآخر إغفال النقاد تناول أدبه أو التعلم منه ودراسته واصفين الحركة النقدية "بالارستقراطية". وأكدوا أنه عاش طوال حياته معفراً بتراب القرى والحوارى والزنقات، ولهذا سخر أدبه لتناول حياة المهمشين وعرف "بشيخ المهمشين"، مؤكدين أن كل من اقترب منه ظن أنه شيوعى الفكر ولكنه فى حقيقة الأمر كاتب موسوعى. جاء ذلك خلال حفل التأبين الذى عقد مساء أمس ببيت السحيمى وحضره لفيف من الأدباء والشعراء من أصدقاء خيرى شلبى ومنهم محمد بدوى، محمد حافظ دياب، سيد عشماوى، رمضان البسطويسى، فارس خضر، حمدى أبو جليل، شعبان يوسف، عز الدين نجيب، محمد السيد عيد، حسين حمودة. الشاعر شعبان يوسف انتقد الحركة النقدية فى مصر، معتبرا أنها تنتمى بشكل كبير إلى الطبقة الارستقاراطية، وبعدت عن تناول أدب المهمشين الذى هو محور أدب شلبى ومحور الحياة الاجتماعية فى مصر، قائلا إن النقاد لم يكتشفوا خيرى شلبى إلا بعد أن أصبح أديبا كبيرا وبدأت المؤسسة الثقافية توليه رئاسة بعض المؤتمرات، مشيرا إلى أنه ظل متخفيا حول مقالاته، حتى عندما كان رئيسا لتحرير مجلة الشعر كان ينشر لشعراء يرسلون له قصائد عبر البريد وأصبحوا بعد ذلك شعراء كبار، وكان أول من كتب عن نجيب سرور عام 1971. بينما قال الكاتب فارس خضر إن شلبى كان ابنا بارا لطبقته الاجتماعية، متذكرا حديثا له فى أحد المحطات الفضائية بعدما حصل على جائزة الدولة التقديرية، وقال لمقدم البرنامج بكل عفوية وهو يحكى عن مشواره الأدبى: "أنا جئت الحياة ملط"، وأضاف خضر أن واجه انتقادات كثيرة عندما كان يقدم الكتاب والشعراء الشباب الذى كان ينشر لهم بالاسماء الرباعية. قال الدكتور سيد عشماوى خلال الجلسة الأولى من الحفل إنه قدم معظمة رسائله فى الماجستير والدكتوراه عن حياة المهمشين من خلال الاستعانة بأدب خيرى شلبى الذى كتب فيه عن عمال التراحيل، والفلاحين، سكان المقابر قائلا: "رواياته كانت بمثابة بوصلة لى لدراسة هذه الجماعات"، مشيرا إلى دراسته التى تحمل عنوان "الفلاحون والسلطة من عام 1919 حتى 1999 والتى كانت حول موقف الحركات الفلاحية من الحكومات. وأضاف عشماوى أنه تعلم من شلبى أن الأدب فعل ثورى وتنويرى وتغذية للروح، متذكرا ما قاله له "لن تصبح كاتباً للتاريخ ما لم تكن معايشا للحاضر". فيما حلل المفكر الدكتور محمد حافظ دياب أدب خيرى شلبى من الناحية الاجتماعية، قائلا: "أزعم أن كتابة شلبى أقرب إلى الأنتروبولجيا الجديدة التى تجمع بين مهارة المؤرخ وجمالية السارد والدارس المقيم"، لافتا إلى حياته التى عاشها معفراً بتراب القرى، وعشقه للأزقة والحوارى والزنقات"، مشيرا إلى أن المكان هو العمدة فى أدبه، والجغرافيا الطبيعية والسياسية إنتهاء إلى الجغرافيا الجمالية "العمارة"، معتبرا أسلوبه أقرب إلى التيار الطبيعى الذى أتبعه الكاتب العالمى "إيمزونا". فيما حكى محمد السيد عيد بداية معرفته بشلبى عندما كان يعمل بمجلة الكاتب التى كانت فى الشقة المواجهة لمجلة الإذاعة والتليفزيون التى كان يعمل بها شلبى فى أوائل السبعينات، مشيرا إلى حوار طويل جمعهم ببعض على أحد المقاهى ولاحظ اهتمامه بالطبقة المهمشة، مؤكدا أنه لم يدرك ذلك إلا بعدما قرأ روايته "الأوباش"، مؤكدا أنه كاتب وقارئ موسوعى.