تنسيق جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية 2025 (المصروفات ورابط التسجيل)    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    اقتصادي: البورصة شهدت تراجعًا ملحوظًا وسط ارتفاع ملحوظ في أحجام التداول    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. موعد صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين في الدولة    تنفيذًا لتوجيهات الرئيس.. مصر تسقط عدة أطنان من المساعدات الإنسانية جوًّا على قطاع غزة    ترامب يسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة لحين انتهاء الحرب مع روسيا    سيناتور أمريكي: ترامب يريد فرض رسوم جمركية على دول تشتري النفط والغاز من روسيا    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    «الجوع لا يتلاشى».. كريستيانو رونالدو يشعل حماس جماهير النصر السعودي    القميص الجديد يثير أزمة في معسكر برشلونة بكوريا الجنوبية    التشكيل المثالي لصلاح    بينهم طفلتان.. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم على طريق بورسعيد المطرية    إصابة 8 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق الفيوم الصحراوي    طعنه بسلاح أبيض.. تأجيل محاكمة متهم بقتل جزار في الشرقية    منهم حسن الرداد وكريم عفيفي.. نجوم الفن يدعمون دنيا سمير غانم في العرض الخاص لفيلم «روكي الغلابة»    حسن الرداد يلعب بوكسينج ومحمد ثروت بصحبة أسرته فى عرض فيلم روكي الغلابة    المهيمن العنيد.. نقاط القوة والضعف لبرج الأسد    اتخذ قرار الاعتزال.. قصة عزلة عاشها زياد الرحباني استمرت 800 يوم    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    ما حكم بيع سلعة لشخص قد يستخدمها في الحرام؟.. أمين الفتوى يُجيب    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    نقيب أطباء القاهرة: «كشف العذرية» خرافة.. و«غشاء البكارة» لا يُثبت شرف البنت    انطلاق المؤتمر الجماهيري لحزب الجبهة الوطنية بسوهاج لدعم المرشح أحمد العادلي    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    تحليل مخدرات والتحفظ على السيارة في مصرع شابين بكورنيش المعادي    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    المتهم بارتكاب أفعال فاضحه لجارته بالبساتين ينفي الواقعة    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    عاجل.. تشكيل النصر الرسمي لمواجهة تولوز وديا    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الهند    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    ضبط 30 كجم مخدرات وتنفيذ 609 أحكام في دمياط وأسوان    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    حالة الطقس اليوم الاربعاء 30-7-2025 في محافظة قنا    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللهو الخفى قتل شهداء الثورة
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 06 - 2011

ثورة 25 يناير قامت فى المنام، والحديث عن شهداء ما هو إلا أضغاث أحلام وكوابيس علينا أن نستيقظ منها، وإذا لم نستيقظ فعلينا أن نصدق أن شهداء ميدان التحرير ماتوا منتحرين أو قضاء وقدرا بالسكتة القلبية أوالدماغية، أو من شدة الزحام، أو أن "اللهو الخفى" قد أطلق عليهم الرصاص ثم اختفى، وعلينا أن نصدق أن ال860 شهيداً جميعا كانوا من الأشرار والحرامية والهاربين من السجون والبلطجية الذين حاولوا الاعتداء على أقسام الشرطة ونهب الممتلكات العامة.
هذا الكلام لا أقوله من باب السخرية أو الفكاهة، وإنما مجرد صيحة تحذير من سيناريو بدأت أولى إرهاصاته تتحقق مع أمين شرطة قسم الزاوية الحمراء الصادر ضده حكم غيابى بالإعدام بتهمة قتل 18 متظاهراً، ويمكن أن يتحقق مع كل المتهمين بإطلاق الرصاص الحى على شهداء ومصابى الثورة.
أمين الشرطة المحكوم عليه بالإعدام المختبئ فى مكان مجهول، ويدعى محمد السنى، أطل بصوته من مكان غير معلوم متحدثا فى أحد برامج الفضائيات، مدعيا أنه لم يمسك سلاحا آليا فى يده منذ 6 شهور، وقال إن سبب توجيه الاتهام له أن اثنين من المحامين فى منطقته يعرفون اسمه، فاتهموه حتى يظهر ليقول من هو مطلق الرصاص، وادعى المتهم الهارب أنه أبلغ رئيسه أنه يرفض إطلاق الرصاص.
وما قاله هذا السنى هو ما سيقوله كل متهم تجرى محاكمته فى هذه القضية، ولأن البينة على من ادعى، فإن أهل كل شهيد مطلوب منهم أن يأتوا بالدليل على قاتل ابنهم، وهذا نوع من المستحيل فى ظروف الزحام أثناء الثورة، ولأن كل من أطلقوا الرصاص على الشهداء كانوا من المحترفين الذين يختبئون ويرتكبون جريمتهم الدنيئة بحيث يصعب الإتيان بدليل ضدهم، ولو سلم هذا السنى نفسه وأعيدت محاكمته قد يستطيع محاموه إثبات ما يدعيه ويحصل على البراءة، وهكذا فإن دم ال18 شهيداً فى الزاوية الحمراء سوف يتحول إلى ماء، وبنفس هذا السيناريو فإن دم ال 860 شهيداً والألف مصاب فى كل محافظات مصر قد يذهب هدراً، بعد أن يتم تبرئة العدد القليل من الضباط وأفراد الشرطة الذين تجرى محاكمتهم الآن.
فى كل القضايا التى ينظرها القضاء هناك متهم ومجنى عليه، وفى ملف محاكمة قتلة شهداء الثورة فإن المتهمين حاضرون، أما الشهداء فغائبون بعد أن صعدت روحهم الطاهرة إلى بارئها، وليس لهم من يجمع ويقدم أدلة إثبات جريمة قتلهم، عكس المتهمين الذين يملكون حق تجييش المحامين الذين يجمعون أدلة ومستندات لإخراجهم من السجن.
من السهل على متهمين أحياء الإدعاء على من قتلوهم بأنهم كانوا يهاجمون المنشآت العامة أو أقسام الشرطة، أو أنهم كانوا يشرعون فى الهروب من السجون، أو أن إطلاق الرصاص كان فى النهاية دفاعا مشروعا عن النفس.
ما أفزعنى فى تعليقات القراء فى موقع "اليوم السابع" على كلام الشرطى المدان بالإعدام أن 90% منها كانت متعاطفة معه، فأحدهم يطالب الدولة بتكريمه وإظهاره فى الفضائيات، وآخر يقول مستنكرا "انت شايف إن اللى مات وهو بيبلطج على الأقسام ده شهيد، هو الناس اتجننت ولا إيه"، وثالث يقول "هو كل بلطجى تطلقوا عليه شهيد" ورابع كتب "هذا الرجل وإن قتل ألفا من الذين تهجموا على قسم الشرطة فهو كان يقوم بعمله ويستحق المكافأة"، وخامس يقول إن حكم الإعدام حيلة لتهدئة أهالى المتوفين، وسادس يقول "روحوا شوفوا القاتل الحقيقى للعيال دى".. ولاحظ إطلاق لفظ العيال على الشهداء.
ومن الأرجح من لغة هذه التعليقات التى وصلت إلى 80 أن يكون معظمها لأهالى وأقارب وأصدقاء الشرطى المتهم.
لكن ما كتبه أحد المعلقين تحت اسم محمود البنا يمكن أن يكون خيطا للوصول إلى الحقيقة التى يبحث عنها كل الشعب المصرى، قال "إطلاق النار استمر من السادسة مساء حتى الثانية والنصف من صباح يوم السبت 29 يناير.. الضرب كان عشوائيا وعلى كل الناس، الإصابات والقتل كان بالجملة، أنا استخرجت – هكذا يقول البنا – 13 تصريح دفن لجثث مقتولين ومتواجدين فى منازلهم.
والسؤال الذى أطرحه "لماذا لا يتقدم هذا الشخص بشهادته إلى النائب العام؟"، والسؤال بعبارة أخرى "لماذا لم يتم استدعاء كل طاقم قسم الزاوية الحمراء من الضباط وأمناء الشرطة من خلال جدول الحضور والانصراف، وكذلك كل الأقسام التى شهدت إطلاق نار على المتظاهرين وسقوط شهداء فى تلك الليلة، وتجرى مواجهتهم جميعا، إلى أن يحصل شعب مصر على اعتراف الجناة وتظهر الحقيقة.
لا يمكن بأى حال أو منطق اعتبار أن إطلاق الرصاص الحى على المواطنين الثائرين العزل - الذين كانو يتظاهرون خارج أقسام الشرطة للتعبير عن سخطهم من الأوضاع القائمة، أو حتى يقذفونها بالحجارة باعتبارها رمزا للتنكيل بهم أو تعذيبهم أو إهانتهم أو جرح كرامتهم – دفاعاً عن النفس، لأن الرصاص والطوب أو الحجارة لا يستويان، والمؤكد عندى أن الشخص الوحيد الذى لا يستحق أن يكون شهيداً هو من هاجم ضابطاً أو شرطياً بسلاح نارى، وكان لجوء الضابط أو الشرطى إلى الرد بإطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة للنجاة بحياته من القتل، والثورة قامت فى كل أنحاء مصر، ومن لم يستطع الذهاب إلى ميدان التحرير وجد أن قسم الشرطة هو المكان الأنسب للتظاهر.
الحقيقة أننى لست متفائلا كثيرا بإمكانية أن ينال كل مجرم أطلق الرصاص على الأبرياء من الثوار والشهداء جزاءه، ومصدر إحباطى أن الثورة الطاهرة تقترب من يومها الخمسين بعد المائة من عمرها المجيد، ومع ذلك لم تستطع أية جهة رسمية فى مصر أن تعلن الرقم النهائى لعدد شهدائها ومصابيها بشكل حاسم وقاطع، وما زال الألم يعتصرنى حتى هذه اللحظة من مشهد السيارة الدبلوماسية البيضاء التى داست على المتظاهرين فى شارع القصر العينى، واستشهد ما يقرب من 18 إلى 25 فى عمل إجرامى خسيس شاهده كل العالم، هؤلاء أيضا راح دمهم هدراً، لأن المجرم الجبان شاء القدر أن لا يراه ولا ينجح فى مطاردته أحد، أما السيارة فهى تابعة للسفارة الأمريكية، والسفارة الأمريكية تقول إن جراجها تعرض للاقتحام من جانب الفيل، والفيل فى المنديل، والمنديل لم يستدل على عنوانه.
مجرم قتل أمام الملايين عشرات الأشخاص لم يستدل عليه، فما بالنا بجرائم قتل ارتكبها قناصة مدربون فى الخفاء، هل ننتظر التوصل إليهم والقبض عليهم لينالوا جزاءهم؟
مؤخرا تم تشييع 18 شهيداً فى جنازة جماعية ظلت جثامينهم الطاهرة فى المشرحة منذ أيام الثورة ولم يستدل أحد من أهلهم عليهم، وبعد انتهاء مراسم الدفن خرجت علينا نائبة مدير مصلحة الطب الشرعى لتقول إن هؤلاء الشهداء جاءوا إلى المشرحة بملابس السجن، بما يعنى أن هؤلاء هاربون وليسوا شهداء.
هناك 3 سيناريوهات أخشى أن تنتهى نهاية غير سارة لكل الحالمين بالحرية والعدالة وحقوق الإنسان فى مصر، الأول أن لا يتم استرداد مليم واحد من أموال الشعب التى سرقها لصوص النظام السابق، والثانى أن يتمكن القابعون خلف أسوار مزرعة طره من إيجاد ثغرات قانونية أثناء محاكمتهم فى الحصول على البراءة، والثالث أن تنتهى محاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين إلى نتيجة أن القتلة مجرد أشباح ليس لهم وجود.
إننى أطالب المجلس العسكرى بحصر وتوثيق عدد شهداء ومصابى الثورة، وإعداد قائمة نهائية ندونها فى كتب التاريخ لتحفظها كل الأجيال القادمة عن ظهر قلب، وأن يكتب اسم القاتل أمام خانة كل شهيد، ما أخشاه أن نترك خانات أسماء القتلة خالية، ونقيد قضية قتل شهداء أعظم وأطهر ثورة بشرية فى تاريخ مصر "ضد مجهول".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.