جدى مات فى 56 و عمى مات فى 67 و أبويا مات فى 73 هكذا قال ( القرموطى ) فى أحد أفلامه و لكنهم جميعا ماتوا فى حوادث عادية و لكنهم اعتبرهم شهداء لمجرد وفاتهم فى تلك الأعوام التى وقعت فيها الحروب الثلاثة فى مصر . وما يحدث الأن على الساحة هو مثال حى لهذه النكتة التى أطلقها القرموطى فيخرج علينا يوميا فى جميع وسائل الإعلام من يطلقون لقب الشهيد على كل من توفى فى الفترة من 25 يناير و حتى الآن .
فمن خرج من بيته و صدمته سيارة عادى جدا و بتحصل كل يوم أو من حاول الهروب من السجن مستغلا حالة الانفلات أو بتعبير أدق الفوضى أو من حاول اقتحام الأقسام من البلطجية لسرقة السلاح أو تهريب ذويهم من المساجين و حتى من اخترق حظر التجوال المفروض من القوات المسلحة وقت الثورة و إلى الآن و تعرض لطلق نارى و كذلك من حاول الإفلات من كمين شرطة لأنه لا يحمل رخصة قيادة لسيارته أو الموتوسيكل بعد سهرة فى فرح و توفى فى مطاردة مع أفراد الكمين كل هؤلاء اعتبرهم الإعلام شهداء و الغريب إن أجهزة الدولة صدقت على ذلك و لما لا إذا كانت جميع وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المقروءة تروج لذلك و علشان صوت الإعلام عالى و مسموع و الكل يسير على نهجة فلو الإعلام قال شهيد الكل وراهم حتى أهله نفسهم و هم من يعلمون أن ابنهم ربما يكون سوابق ( مسجل خطر) أو شقى أو حتى بلطجى و ياما عانوا من انفلاته و تمنوا يوما له أن يسجن أو يرحل ليتخلصوا منه و لكن حينما يجدون أن ابنهم أصبح شهيدا بشهادة الإعلام و الحكومة يتمادوا فيها و لما لا إذا كانت كلها فوايد بداية من الظهور فى التليفزيون و على صفحات الجرائد وصولا إلى معاش الشهيد و تبرعات و كله خير حتى إن بعض الأهالى أصبح يتمنى أن يموت أى ابن لهم فى خناقة أو حتى غرقا فى النيل و هو نازل يقضى حاجتة .
وعلى الرغم من أن القانون يجرم ذلك حتى إذا كان نازل النيل بغرض السباحة و كان يجب أن يقدم للمحاكمة إذا قبضت علية شرطة المسطحات المائية لارتكابة فعل مجرم قانونا و لكن يخرج علينا الاعلام بوصفة شهيد الشقة و يسارع المحافظ بالإعلان عن تسليم أهله شقة .
ما هذا يا سادة إلى هذه الدرجة فقدنا جميعا صوابنا أليس لدينا معلومات عن هؤلاء الأشخاص حتى نتعرف على هويتهم ألم يظهر للكافة ان ال 19 شهيد كما أطلقوا عليهم و من قاموا بدفنهم بالأمس منهم 16 سجين و امرأة محترقة فى ملهى ليلى فى شارع الهرم و حسب آخر تقرير للجنة تقصى الحقائق وصل عدد شهداء الثورة إلى 846 تقريبا فلماذا لم يتم نشر أسماء هؤلاء و نذكر صراحة الأماكن التى لقوا مصرعهم فيها و أسباب الموت و حالة كل شخص وقت موتة و حالتة قبل الثورة و لماذا لم يصدر إلى الآن بيان من الداخلية بعدد الضباط و الأمناء و الجنود الذين ماتوا فى الثورة حرقا أو ضربا بالرصاص أثناء دفاعهم عن أقسام الشرطة و السجون و لماذا لم تصدر القوات المسلحة بيان بعدد الضباط و المجندين الذين تم قتلهم أثناء الثورة فى ميدان التحرير و فى معظم محافظات مصر و أكثرهم بحى الأربعين فى السويس لماذا كل هذا التعتيم و محاولة إظهار أكبر عدد من الشهداء للثورة حتى و لو كانوا لا يمتون بصلة من قريب أو بعيد بالثورة و لا من قاموا بها من كل فئات الشعب المصرى بشرف و أمانة .
هل لتظهروا للرأى العام أن الثورة كان لها ضحايا كثيرة و كان ثمنها غالى إذا كنتم تتعاملون بهذا المنطق فهذه قمة المغالطة فالثمن غالى حتى لو كان الشهيد شخص واحد فقط .
و إذا كنا نريد بالفعل أن نبدأ عهد جديد من المصارحة من أجل مستقبل أفضل لهذا الوطن يجب أن نصارح أنفسنا أولا و يجب أن تظهر كل الحقائق حتى و لو كانت لن تلقى قبول بعض القوى السياسية او حتى بعض من زجوا بأنفسهم و اعتلوا مشهد الثورة .
ويجب على الإعلام أن يترفع عن المصالح الشخصية و الزوبعة من أجل رفعة هذا الوطن الذى يجب أن يكون هدفنا الأول و يجب أن نتوقف فورا عن إطلاق لقب الشهيد على كل من هب و دب قبل أن نتأكد بالفعل من إنه يستحق هذا اللقب الذى اختصه المولى عز و جل أن يكون بجواره لأنه مات فى سبيل اللة أرجوكم توقفوا عن هذا حتى لا تفقد الكلمة معناها العظيم عند الله .