الحكام العرب وبدون استثناء لم يستطيعوا بسط نفوذهم وحكم بلادهم إلا فى وجود عدد من الشماعات والفزاعات يطلقونها هم وأركان حكمهم وبطانتهم وأبواقهم الإعلامية ليخيفوا شعوبهم وأصدقاءهم من العرب والعجم، وهم أساتذة ومعلمون فى اختراع هذه الفزاعات وابتكارها حتى يوطدوا ملكهم، وظنوا وبعض الظن إثم أن الدنيا دانت لهم، ولم يكتشفوا إلا بعد فوات الأوان أن هذه الدنيا غرورة وكذابة، وهى بالفعل كما كان يردد الشيخ عبد الحميد كشك يرحمه الله القول المأثور، "الدنيا إذا أينعت نعت وإذا حلت أوحلت وإذا كست أوكست، وكم من ملك رفعت له علامات فلما علا مات"، وهذا ينطبق على حالهم اليوم الذى يصعب على الكافر، ولم يعد باستطاعتهم استدعاء أى فزاعة، وإذا تفوهوا بوجود واحدة منها أمام الفضائيات تجد كل من يستمع إليهم ويشاهدهم يستلقى على ظهره من الضحك، لافتراضهم الغباء فى المواطنين، وأنهم ما يزالون يأكلون من هذا الكلام السمج والكاذب، وأنهم سيصدقون أن من يحرك ثورة الشعوب هم شرذمة من القاعدة أو من الإسلاميين أو من الجرذان أو من الفئات المندسة أو من تل أبيب وأمريكا. السيدة بثينة شعبان وبعد اندلاع موجة الغضب والثورة فى درعا ألقت باللائمة على شىء هلامى لم تحدده حتى يجدوا شماعة ضعيفة أو فزاعة من أحد أبناء العرب لا يقف أحد بجوارها، لأنهم لا يستطيعون رمى التهمة على أمريكى أو بريطانى أو فرنسى، وقالت إن التحقيقات جارية لمعرفة المتورطين فى هذا العمل، ولم تستطع السيدة بثينة أن توجه التهمة الجاهزة دائماً إلى إسرائيل أو أمريكا، والسبب أن الرئيس عبد الله صالح سبقها وتسرع فى الاتهام ولم يفلح، وضمن ما قاله لأنصاره وأعضاء حزبه إن من يحرك الثورة فى بلده أشخاص موجودون فى غرفة بتل أبيب وتشجعها أمريكا، وفى اليوم التالى سحب الاتهام زى الباشا، وقال إن كلامى تم فهمه خطأ، ولكن بعد مكالمة هاتفية من الرئيس أوباما لفت نظره إلى أن هذه الاتهامات لا تجوز، لأنه يعرف - أى الرئيس صالح- أن التهمة غير صحيحة. ومن قبلهم كان الرئيس مبارك يفزع ويرعب الغرب من فزاعة الإسلاميين والإخوان المسلمين حتى اكتشفوا بعد 28 سنة أو أكثر أنه كان يضحك عليهم ليزيد من فترة ومتانة حكمه ثم يورثها لولده من بعده حتى يضمن لهم الأمن والأمان، وجاء القذافى ليرمى بالتهم جزافاً على الكل؛ على القاعدة وعلى الشعب الذى يتعاطى حبوب الهلوسة وعلى العاملين الغلابة المصريين والتوانسة ثم الجرذان والفئران ثم على الغرب الذى يريد بترول ليبيا، وفى الأردن يتهمون إسلاميين مصريين وسوريين بالتحريض على الثورة، وكأن الشعب العربى يحتاج إلى من يحرضه على طلب الحرية والكرامة والعيش الكريم فى بلده.