◄◄ بدأت بظهور القرضاوى فى التحرير وحسان فى أطفيح.. واحتلال الجماعات مساجد الأوقاف.. ودعوة السلفيين أمام لجان الاستفتاء 30 عاماً ورجال الدين الرسميون فى مصر يسيرون على طريق حكامهم، فهم جزء من السلطة السياسية، ومؤسسة من مؤسسات السلطة المدنية، استغلهم رموز الحزب الوطنى خاصة ممن يطلق عليهم «المشايخ الرسميين» فى الأزهر والأوقاف، وعم أكثر المشايخ التصاقاً بالسلطة وبالحزب الحاكم، وظهر ذلك بوضوح قبل تنحى الرئيس مبارك، ولكن بعد ثورة 25 يناير، سقط كل مشايخ السلطان والحزب الوطنى بفتاواهم الغريبة والمريبة أمام مشايخ الغضب والتمرد والثورة أيضاً. الظهور الأول للدكتور يوسف القرضاوى فى ميدان التحرير، أكد أن المؤسسة الدينية غير الرسمية هى التى ستحتل المشهد الدينى فى السنوات القادمة، وأن أغلبهم سيحتل منابر ومساجد المؤسسة الدينية الرسمية، ودعم هذا المشهد اختفاء أغلب مشايخ النظام والحزب الوطنى من ميادين الثورة. فى أطفيح جاء المشهد الثانى، حيث تدخلت جماعات، وشيوخ سلفيون بقوة لإقناع شباب مسلم، معترض على إعادة بناء وتجميل كنيسة تعرضت للتخريب، إثر مصادمات طائفية فى قرية أطفيح، بالسماح ببناء الكنيسة مرة أخرى، وكان للشيخ محمد حسان دور كبير فى إزالة الاحتقان الطائفى من خلال تواجده بالقرية، ومعه مشايخ من التيارات السلفية والجماعات، والغريب أن مشايخ الأزهر اختفوا نهائياً من مشهد أطفيح، ولولا جهود السلفيين، لما تم حل هذه القضية، خاصة بعد صدور بيان مشايخ السلفيين، والذى أكدوا فيه أن مشايخ الحزب الوطنى وراء الفتن الطائفية. وظهر تأثير مشايخ الغضب والتمرد فى الاستفتاء الأخير، حيث نجحوا بالفعل فى حشد الملايين للتصويت، ودعوا على منابر المساجد وفى الشوارع الشعب المصرى للتصويت ب«نعم»، وجاءت دعوة جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية مثل الجهاد، والجماعة الإسلامية، والسلفيين بالتصويت ب«نعم» فى ترجيح كفة القوى التى دعت للموافقة على التعديلات الدستورية، وفى المقابل اختفى مشايخ «الوطنى» من أمام لجان الاستفتاء، ولم يلتفت الناخب المصرى لكل تصريحات المشايخ الرسميين، والدليل أن كل الجولات الانتخابية التى شارك فيها مشايخ دين غير رسميين كانت بالآلاف، على عكس مشايخ السلطة. مشهد آخر لسيطرة مشايخ الغضب، وربما العنف فى سنوات سابقة، هو إعلان أغلب التيارات السياسية ذات الصبغة الدينية تأسيس أحزاب سياسية، وبات بالفعل أن الذى سيقود الحالة السياسية فى مصر فى السنوات القادمة، هم من أصحاب الفكر الإسلامى، وهو ما يجعل هؤلاء المشايخ الأكثر تأثيراً فى الساحة السياسية المصرية. مشهد آخر ورغم أنه بسيط، فإنه يدلل على سقوط مشايخ الحزب الوطنى وهو ما حدث فى منطقة إمبابة، حيث قام عدد من مشايخ الجماعات الأصولية باحتلال مسجد الإخلاص، وطرد إمام المسجد التابع للأوقاف، وهو ما كشفه الخطيب الأزهرى للمسجد وائل فرغلى الذى أشار إلى قيام مجموعة من مشايخ الجماعة الإسلامية بالاستيلاء عنوة على المسجد، وطرده منه، والتعدى عليه ضرباً، وتغيير جميع مفاتيح أبواب المسجد وإزالة لافتة وزارة الأوقاف من على المسجد. وأضاف أنه فوجئ بعدد من أفراد الجماعة الإسلامية الذين يتجاوز عددهم الخمسين فرداً، يعود انتماؤهم لجماعة التكفير والهجرة التى نشأت فى إمبابة فى فترة التسعينيات، واتخذت من هذا المسجد مقراً لإطلاق دعوتها. المفاجأه أن هذا المشهد تكرر أكثر من مرة فى مناطق أخرى مثل العمرانية وفيصل والهرم، وهو ما يعنى أن مشايخ الغضب والتمرد هم أصحاب النفوذ داخل المساجد وخارجها. فى مقابل قوة ونفوذ وتأثير هؤلاء المشايخ، هناك عجز شديد من جانب مشايخ السلطة والحزب والحكومة فى العهد السابق، باعتبارهم مشايخ رسميين، ويقدمون الدين خدمة «ملاكى» للحاكم وحزبه، وهو ما جعل هؤلاء فاقدى التأثير لدى قطاع كبير من الجماهير، ففى الماضى كان شيخ الأزهر يخرج ليحرضنا على الذهاب إلى صناديق التصويت مستخدما آية قرآنية تحض الناس على عدم كتمان الشهادة، وتحكم على من يكتمها بأنه آثم القلب، ليغطى عملية سياسية واضحة بأغطية دينية منسوجة بحروف مقدسة من السماء، ليخلط الزيت بالماء، ويعطى ما لله لقيصر، وكان أغلب المواطنين لا يخرجون، على عكس ما حدث فى فتاوى مشايخ الغضب والثورة مثل الشيخ محمد حسان، وصفوت حجازى، وغيرهما، فإن دعوتهم وجدت صدى كبيرا لدى الأغلبية العظمى التى خرجت للتصويت.