ما بين الوقائع الطريفة والإهمال، تكررت وقائع هروب المتهمين خلال فترات زمنية متقاربة، من حراسهم بعد أن استغل المتهمون ضعف عقلية الحارس أو سذاجته، وفى بعض الأحيان طمعه فى الحصول على زجاجة مياه أو عبوة عصير، وإن كان ذلك لا يقلل من وجود عدد من الثغرات الأمنية الجسيمة، سواء فى الخطط المتبعة لنقل السجناء والمتهمين، أو فى الوسائل اللوجسيتية التى تستخدم مثل سيارات الترحيلات ومدى انطباق مواصفات الأمان والجودة عليها، حيث يلجأ بعض أفراد الشرطة فى بعض الأحيان لنقل السجناء والمتهمين فى سيارات أجرة، أو مشيا على الأقدام. ومن أطرف هذه الوقائع، هروب رجل أعمال محبوس على ذمة شيك بدون رصيد من حارسه فى منطقة المنيل، بعد أن أغره المتهم الهارب بعبوة عصير باردة فى هذه الأجواء الحارة، خلال سيرهما فى شوارع منطقة المنيل بحى مصر القديمة.
وعقب تخدير الحارس بعد تناول عبوة العصير، تمكن المتهم بمساعدة زوجته وابنته من فك قيوده، والهرب إلى محافظة الإسكندرية، فى محاولة منه للاختباء، حتى تمكنت الأجهزة الأمنية بالقاهرة بالتنسيق مع مديرية أمن الإسكندرية، فى أقل من 48 ساعة، من إلقاء القبض على المتهم "جمال. ك" الهارب من حراسة أمين الشرطة بعد تخدير الأخير بعبوة عصير، فى منطقة المنيل بمصر القديمة، وتبين أن زوجة المتهم وبناته سهلا عملية هروبه.
وفى واقعة أخرى لا تقل طرافة وغرابة، تمكن رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات التابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعى، المحبوس على ذمة قضية رشوة مع 2 آخرين، وسبق أن ادعى انتماءه لأسرة رئيس الجمهورية، واستولى على 56 مليون جنيه، من رجل أعمال بدعوى تسليمها للحكومة كتبرعات لصالح المشروعات القومية، من الهرب أثناء عرضه على قاضى المعارضات بمحكمة جنوبالقاهرة.
استغل المتهم "أحمد. س" سذاجة حارسه الذى لا يعرف درجة خطورته وذكاءه، فى النصب على علية القوم، فلم يجد صعوبة فى استدراج حارسه إلى منزله بمنطقة العجوزة بمحافظة الجيزة، بحجة رؤية والدته المريضة للاطمئنان عليها خشية وفاتها دون أن يراها، وذلك عقب شراؤه له زجاجة مياه.
واستقل المتهم صحبة حارسه "تاكسى" إلى منزله فى منطقة العجوزة، وصعد معه إلى شقته، وطلب منه أن يفك "الكلبش" لدخول الحمام ولرؤية والدته بغرفة نومها، ثم طلب منه الانتظار فى الصالون، بعد أن كلف الخادمة بإعداد وجبة طعام لهما.
وبعد مرور قرابة نصف ساعة، طلب الحارس من الخادمة استعجال المتهم لضرورة النزول والتوجه إلى قسم الشرطة، قبل مرور الوقت، وعقب دخول الخادمة الغرفة فوجئت بعدم وجود المتهم وعدم وجود والدته.
من جانبه، يقول المستشار السابق جميل سعيد والمحامى بالنقض، إن الأغلب الأعم فى حالات التى يتمكن فيها المحبوسين من الهرب أو الفرار، يكون مرده الخطأ الشخصى للحارس، وعدم وعيه بخطورة المتهم.
وأوضح جميل سعيد فى حديثه ل"اليوم السابع"، أن الإهمال أو عدم كفاية التأمينات وعدم كفاية قوة الحراسة، من أبرز الأسباب وراء هروب المتهمين، بالإضافة إلى حالات الرشوة.
وعول المستشار جميل سعيد، على إنشاء الشرطة القضائية بإمكانيات وتعزيزات كافية، لتقضى على هذه الظاهرة، واختتم حديثه قائلا إن مواد قانون العقوبات رادعه فى حد ذاتها لمنع تكرار حدوث هذه الجرائم، ومنها مادة 139 من قانون العقوبات والتى تنص على أن كل من كان مكلفاً بحراسة مقبوض عليه أو بمرافقة أو بنقله وهرب بإهمال منه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه مصرى إذا كان المقبوض عليه الذي هرب محكوماً عليه بعقوبة جنائية أو مهتماً بجناية، وأما فى الأحوال الأخرى فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو غرامة لا تجاوز مائتى جنيه مصرى.
وأكد أن المادة 140 من قانون العقوبات تنص على أن كل من كان مكلفاً بحراسة مقبوض عليه أو بمرافقته أو بنقله وساعده على الهرب أو سهل له أو تغافل عنه، يعاقب طبقاً للأحكام الآتية: - إذا كان المقبوض عليه محكوماً عليه بالإعدام تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة. - إذا كان محكوماً عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو كان متهما بجريمة عقوبتها الإعدام، تكون العقوبة السجن، وفى الأحوال الأخرى تكون العقوبة الحبس.
وتابع أن المادة 142 من قانون العقوبات تنص على أن كل من مكن مقبوضاً عليه من الهرب أو ساعده عليه أو سهله له فى غير الأحوال السالفة يعاقب طبقا للأحكام الآتية: - إذا كان المقبوض عليه محكوماً عليه بالإعدام تكون العقوبة الأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، فإذا كان محكوماً عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو كان مهتماً بجريمة عقوبتها الإعدام تكون العقوبة السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، أما فى الأحوال الأخرى فتكون العقوبة الحبس.
فيما قال اللواء السابق علاء عبد المجيد: "لا بد من توعية أفراد المأمورية المكلفة بنقل هؤلاء المتهمين بدرجة خطورتهم"، مؤكدًا ضرورة أن تتكون المأمورية المكلفة بنقل المتهمين شديدى الخطورة من عناصر نظامية وسرية.
وشدد "عبد المجيد" على ضرورة أن تكون قوة الترحيلات من الأفراد الأصحاء وحسن السمعة، مع مراعاة الالتزام بالقواعد الأمنية الخاصة بالقيود، وأن تكون سيارة الترحيلات مغلقة، وإبعاد أسرة المتهم عنه أثناء عرضه على النيابة، حتى لا تساهم فى تسهيل عملية هروبه.