ارتفاع جديد في عيار 21 الآن.. قفزة بأسعار الذهب بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين بالصاغة    فحص عيادات وصيدليات فنادق البحر الأحمر وغلق فوري للمخالفين بعد شكاوى السائحين    بأكثر من 3000 مونوجراف.. هيئة الدواء تطلق دستورًا دوائيًا وطنيًا بمعايير عالمية    الكرملين: نتبادل الآراء مع أوكرانيا حول مسودتين بشأن التسوية فى كييف    الزمالك يحصل على توقيع صفقة جديدة لخمس سنوات (خاص)    نتيجة الثانوية العامة 2025.. الإنتهاء من قائمة الراسبين بسبب الغش تمهيدًا لإعلان النتيجة (رابط)    مدير الإغاثة الطبية في غزة: القطاع يعاني من حالة جوع قاسية لم يشهدها من قبل    هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    حلال أم حرام؟.. عالم أزهري يوضح حكم أرباح السوشيال ميديا    بيان مشترك ل25 دولة: حرب غزة لابد أن تنتهي الآن.. ومعاناة المدنيين غير مسبوقة    «المسرحجي الفصيح».. ندوة بالمهرجان القومي للمسرح تحتفي ب أحمد عبدالجليل    أبو يطرح ألبوم «توبة» على طريقة الغناء الشعبى وسط أجواء حقيقية (فيديو)    حسن شحاتة يخضع لجراحة عاجلة بعد أزمة صحية مفاجئة    نيجيريا تعلن دعم ترشيح الدكتور خالد العنانى لمنصب مدير عام اليونسكو    وزير الصحة يتابع تجهيز المخزن الاستراتيجي لفرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    لتعويض رحيل محمد إسماعيل ل الزمالك.. زد يطلب التعاقد مع مدافع المحلة    منتخب مصر للسلة يواجه إيران في بطولة بيروت الدولية الودية    محافظ المنوفية يتفقد شركة صيانة الآليات بميت خلف لمتابعة منظومة العمل.. صور    انقلاب سيارتي نقل محملتين بزيت الطعام والبنجر في الدقهلية    وزير التعليم العالي: "كن مستعدا" مبادرة متكاملة لتأهيل مليون شاب لسوق العمل    لقطات حديثة لسد النهضة تكشف ما تخفيه إثيوبيا، البحيرة ممتلئة والأعمال مستمرة لتغطية التسرب    تهنئة من هيئة قضايا الدولة لرئيس مجلس الدولة بمهام منصبه    وزير الثقافة يجتمع بمقرري لجان المجلس الأعلى ويؤكد: آلية جديدة تعيد للمجلس دوره كعقل مفكر للوزارة    10 انفصالات هزت الوسط الفني في 2025 (تقرير)    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا لرئيس الوزراء    الأمم المتحدة: يجب وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية    دارين حداد: "المداح نجح بالتعب مش بالكرامات"    برلماني: مصر قطعت الطريق على "حسم" الإخوانية.. والأجهزة الأمنية تسطر نجاحًا جديدًا    شعبة الأدوية تحذر من بوادر أزمة في سوق الدواء وتستغيث برئيس الوزراء    طريقة عمل الشيش طاووق بتتبيلة لا تقاوم    تفاصيل اختطاف قوة إسرائيلية لمدير المستشفيات الميدانية في غزة    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    حزب الجبهة الوطنية يعقد مؤتمرًا حاشدًا بكفر شكر لدعم مرشحه لانتخابات الشيوخ    فريق طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي ينجح في إنقاذ مريضة تعاني من ورم    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    الزراعة تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها للمواطنين بأسعار مخفضة فى الجيزة    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    الشركة الوطنية للطباعة تعلن بدء إجراءات الطرح فى البورصة المصرية    «مدبولي» يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة في الجيزة    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    زعيم المعارضة الإسرائيلية: نهاجم في الشرق الأوسط حيثما نشاء دون سياسة واضحة    ناقد رياضي يكشف تطورات صفقة وسام أبو علي بعد الأزمة الأخيرة    ألونسو.. الأمل في استعادة فينيسيوس لتألقه مع ريال مدريد    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    الشناوي يتحدث عن صعوبة المنافسة على الدوري.. وتأثير السوشيال ميديا    "شباب النواب" تثمن الضربات الاستباقية لوزارة الداخلية في دحر البؤر الإرهابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكفار يمتنعون!
نشر في اليوم السابع يوم 29 - 12 - 2010

هل تذكرون تلك الصورة السينمائية التى امتلأت بها أفلام الأبيض والأسود أو تخيلناها أثناء قراءة سطور الروايات والكتب القديمة أو بناءً على حكاوى الأجداد عن الأعداء؟!.. هل تذكرون تلك المشاهد الدرامية التى تنقل لنا صورة قبو معتم، أو قاعة شبه مظلمة طريق الوصول إليها عبر مجموعة من السراديب يتوسطها منضدة دائرية يجلس حولها مجموعة أشخاص من أصحاب الحواجب الكثيفة والملامح الجامدة يتهامسون ويتجادلون لوضع خطة شريرة، وفى النهاية ترتفع ضحكاتهم التى تنتمى لفئة القهقهقة الممزوجة بالشماتة معلنة إنتهاء تفاصيل المؤامرة.
هذا بالضبط ما كنا نشاهده فى الأفلام أو نقرأه فى الروايات والكتب التى تتحدث عن نظرية المؤامرة وتروج لها، وهذا بالضبط ما خفت حدة الحديث عنه فى السنوات الأخيرة، فلم نعد نشاهده فى الأفلام أو نقرأه بنفس الكثافة التى كان عليها فى الصحف والكتب والروايات، فى تطور يوحى بأن فريق الكفار بنظرية المؤامرة قد انتصر أخيراً على فريق المؤمنين بها أو المهوسين بها إن شئنا الدقة، فهكذا كان حال نظرية المؤامرة منذ قديم الزمن أرض لمعركة بين طرفين أحدهما مهووس بها ويروج بها، بل يطبقها على كل شىء لدرجة أنه قد يشك فى أن نفسه تتآمر عليه، والثانى يرى فى نظرية المؤامرة نوعاً من أنواع الدجل السياسى الذى يتم استخدامه للتلاعب بأحلام ومخاوف ومشاعر البسطاء، وفى نفس الوقت يرى فى نظرية المؤامرة الملجأ السهل لمحبى الشعور بالاضطهاد والمنهزمين دائما وفاقدى القدرة على المواجهة، وربما التبرير الأخير يفسر لك سر انتشار ثقافة نظرية المؤامرة فى المنطقة العربية تحديداً.
تلاشى الانتشار الواضح لنظرية المؤامرة فى الفترة الأخيرة قد يعنى لك انتصاراً للفريق الكافر بها، ولكنه فى الحقيقة يأتى انعكاساً لعصر العوالم المفتوحة والأرض التى أنار الإعلام الكثير من أجزائها الغامضة، وبالتالى فقدت نظرية المؤامرة المصدر الرئيسى لتغذيتها وهو الغموض، ولكن هل يقتل نور المعرفة والاطلاع على الأحداث ومجريات الأمور فكرة نظرية المؤامرة تماما؟ هل يكفى نشر العديد من الأسرار وكشف العديد من التفاصيل لوأد نظرية المؤامرة تماما طالما ظل الإعلام عاجزا عن تقديم إجابات لتلك الأسئلة الكثيرة المتعلقة بما يكشفه من كواليس، مثل من يكشف ولماذا وفى أى توقيت؟ أليست قضية "ويكليكس" بوثائقها وأسرارها وتوقيت ظهورها وطبيعة هذا الظهور ونوعية الدول التى يتم نشر أسرارها محفز قوى لإعادة الاعتبار لنظرية المؤامرة وشحن همم المؤمنين بها؟ ألا تجد فى تزامن ظهور أسماك القرش فى شرم الشيخ مع الادعاءات والأكاذيب المستمرة لعارضة الأزياء الإسرائيلية الشهيرة وصديقة براد بيت عن السياحة فى مصر، محفز للبحث عن مؤامرة ما فى الأمر، خاصة إذا قارنت هجمات أسماك القرش فى شرم الشيخ مع ما يحدث بشكل أكثر شراسة على سواحل المنتجعات الأمريكية والأوروبية؟ ألا تجد فى تكرار نشاط أحداث الفتن الطائفية كلما اقتربت انتخابات رئاسية أو زيارة رئاسية لأمريكا مبررا يدفعك لأن تعيد النظر فى موقفك من نظرية المؤامرة؟ ألا تجد فى تحركات إسرائيل الغامضة والمريبة داخل القدس المحلتة وتجاه المسجد الأقصى أى استفزاز يدفعك لأن تعود إلى أوراق نظرية المؤامرة وتفتش بين سطورها؟ ألا ترى فى تلك التحالفات الغريبة داخل دولة العراق الجديدة وتلك التحركات الإيرانية والمواقف الأوربية تجاه نصف قضايا الشرق الأوسط أسرار وتفاصيل لفصل جديد من فصول نظرية المؤامرة التاريخية؟ ألم تشم فى ريح الهوس بأنفلونزا الخنازير الذى اجتاح العالم فجأة واختفى فجأة، أى رائحة لمؤامرة صنعها أباطرة الدواء والمال فى العالم؟
تعالى نذهب معا إلى كتب العلوم السياسية أولا بحثا عن تعريف لنظرية المؤامرة لكى تصبح الإجابة على علامات الاستفهام السابقة أبسط وأسهل، كتب السياسة تعرف مصطلح نظرية المؤامرة الذى ظهر لأول مرة فى مقالة اقتصادية عام 1920م وانتشر فى 1960م، ثم تمت إضافته إلى قاموس أكسفورد عام 1997 بأنه محاولة لشرح السبب النهائى لحدث أو سلسلة من الأحداث (السياسية والاجتماعية أو التاريخية) على أنها أسرار، وغالباً ما يحال الأمر إلى عصبة متآمرة بشكل منظم هى وراء الأحداث، وكثير من منظمى نظريات المؤامرة يدعون أن الأحداث الكبرى فى التاريخ قد هيمن عليها متآمرون أداروا الأحداث من وراء الكواليس.
وللتبسيط أكثر يمكن القول بأن المؤامرة بها طرفان رئيسان، هما المتآمِر والمُتآمَر عليه، تحدث فى كل مكان ووقت، بغض النظر عن المساحة المكانية والتنفيذية والزمنية لها، فقد تحدث فى المنزل، وقد تحدث فى العمل، وقد تحدث فى الدولة، وقد تحدث على مستوى عالمى، ومن الناحية الزمنية فقد يتم تنفيذ المؤامرة بشكلٍ كامل ابتداءً من التخطيط وانتهاء بالوصوول للنتائج فى ساعة أو يوم أو سنة أو عدة سنوات، وتعتبر المؤامرة الغربية على الدول العربية والإسلامية هى أشهر ما أنجبته نظرية المؤامرة على الإطلاق بسبب اليقين السائد لدى أغلب العرب والمسلمين، بأن هناك تحركات غربية ويهودية دائمة لتدمير الثقافة والعادات والأخلاق العربية والدينية الإسلامية فى المجتمع باستخدام وسائل الاعلام والأموال.
هل تسعى الآن لتطبيق هذه المفاهيم على الأسئلة السابقة؟ أدعوك لأن تتوقف أولاً أمام رأى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى تلك القضية لتعرف بعدها لماذا وكيف يجب أن نعيد لنظرية المؤامرة اعتبارها مرة أخرى؟ فى ذلك الشأن يقول هيكل، الخطأ الذى يقع فيه المؤمنون بنظرية المؤامرة أنهم دائما ما يروجون لها على اعتبار أن التاريخ والأحداث فى حد ذاتها مؤامرة كبرى، ولكن المؤامرة توجد فى التاريخ، ويمكنك أن تعثر عليها وسط الأحداث، ولا أزال أرى المؤامرة أكثر ما تكون فى هذه المنطقة. فهذه المنطقة أكثر تعرضاً لما يمكن أن يكون مؤامرات فى التاريخ، والسبب ليس استقصاداً كما يحلو للعرب أن يروجوا ولكنه ببساطة يتعلق بموقعنا الذى يعتبر مفترق الطرق فى العالم بمعنى أن أى أحد على قارعة الطريق "مفتوح مكشوف" بهذا الشكل على خريطة العالم معرض أكثر من غيره إلى ما لا يمكن تصوره لأنه موجود فى مجرى الاتصال والصراع والحروب حتى بين الغرب والشرق.
أليس غريبا ألا يحدث لأى منطقة فى العالم ماحدث لتلك المنطقة بناءً على معاهدة سايكس بيكو التى شهدت جلوس أشخاص غرباء على خريطة منطقة لا يملكونها ولا يعيشون بها، وإعادة تقسيمها وترتيبها لدرجة أن صناع تلك المعاهدة قالوا وقتها: (جلسنا أمام خريطة الشرق الأوسط كما لو كنا نوزع كعكة). قارن إذن بين ما تقوله كتب التاريخ عن المؤامرات التى غيرت مساره، وبين ما يحدث الآن فى العراق وجنوب السودان وإيران ومصر وفلسطين لتعرف أن هناك مخططاً آخر أو مؤامرة أخرى توقدها ألاعيب سياسية برائحة رأسمالية لخدمة أهداف أطراف محددة ليس من بينها على الإطلاق أبناء تلك المناطق التى يتآمرون عليها، قارن بين ما رصدته كتب التاريخ من مؤامرات، وبين ما يحدث فى العالم الآن، وستكتشف أن نظرية المؤامرة لابد أن تعود إلى مكانها الطبيعى على ساحة الجدل، خاصة وأن مؤامرات هذا الزمن يحركها المال والاقتصاد والشركات وحركة المال والربح أقسى بكثير من تحركات السياسة حتى ولو كانت غامضة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.