حملة مكبرة لإزالة مخازن فرز القمامة المخالفة بحرم الطريق الدائري بحي الهرم    انقلاب 31 عربة قطار محملة بمواد كيميائية خطرة في أمريكا (فيديو)    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    طقس اليوم: مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 13    انفصال ميل جيبسون وروزاليند روس بعد 9 سنوات من ارتباطهما    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    وزارة الشباب والرياضة تحقق أهداف رؤية مصر 2030 بالقوافل التعليمية المجانية    موسكو: الاتحاد الأوروبي سيضطر لمراجعة نهجه في العقوبات ضد روسيا    هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على موسكو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    وزارة الرياضة تواصل نجاح تجربة التصويت الإلكتروني في الأندية الرياضية    محكمة تونسية تؤيد حكم سجن النائبة عبير موسى عامين    مصرع طفل دهسه قطار الفيوم الواسطي أثناء عبوره مزلقان قرية العامرية    ولفرهامبتون يحصد النقطة الثالثة من أرض مانشستر يونايتد    ذخيرة حية وإنزال برمائي.. الصين توسع مناوراتها حول تايوان    الخارجية القطرية: أمن السعودية ودول الخليج جزء لا يتجزأ من أمن قطر    رئيس جامعة قنا يوضح أسباب حصر استقبال الحالات العادية في 3 أيام بالمستشفى الجامعي    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    «قاطعوهم يرحمكم الله».. رئيس تحرير اليوم السابع يدعو لتوسيع مقاطعة «شياطين السوشيال ميديا»    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    شادي محمد: توروب رفض التعاقد مع حامد حمدان    نتائج الجولة 19 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. تعادلات مثيرة وسقوط مفاجئ    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    أمين البحوث الإسلامية يتفقّد منطقة الوعظ ولجنة الفتوى والمعرض الدائم للكتاب بالمنوفية    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنطقة الخضراء في بغداد :فيلم ومذكرات ورواية
نشر في نقطة ضوء يوم 06 - 04 - 2010

سجن عكا الذي حوله البريطانيون الى ساحة اعدام ولكنه مقر الحاكم البريطاني على فلسطين المقام على جبل المكبر في القدس الشريف. فقد رأى فيه الشاعر رمزا لتسلط الحكم البريطاني وغطرسته. ولأن لكل احتلال رموزه ففي العراق برزت المنطقة الخضراء وهي التي لا تتعدى سبعة اميال مربعة كانت في الماضي مركز سلطة صدام حسين وتحتوي على قصور الرئاسة وحدائقها وكانت مدينة داخل مدينة بعيدة عن المدينة التاريخية التي اسمها بغداد. وعندما جاء الاحتلال حولها الى قلعة حصينة، قطعة من امريكا وصارت عنوانا للاحتلال والفساد والبشاعة التي يمثلها الامريكي ومن تعاون معه من العراقيين والمرتزقة الاجانب من العاملين في شركات التعهد الامني وفوق كل هذا مدينة الاثم التي يباح فيها كل شيء. ولانها مهمة للحكم الامريكي وعندما جاء المندوب السامي الامريكي بول ( جيري) بريمر فقد اتم عمليات تأكيد سلطتها وحولها الى بيت ابيض جديد ولكن بطريقة مصغرة تليق ببلد كالعراق. ومن داخل هذه المنطقة اتخذت كل القرارات المهمة المتعلقة بمصير العراق، ومن كان فيها لم يكن يعرف عما يجري خارج اسوارها من عذاب وقتل ومعاناة يومية من نقاط التفتيش والسحل وغياب الخدمات الاساسية اللازمة التي ترتبط بالحديث عن جريمة احتلال العراق. ولعل من بين اهم الكتب التي سجلت تاريخ الاحتلال ان في اطاره الرسمي والشعبي، أو بصريا وسمعيا، يبرز كتاب مراسل صحيفة واشنطن بوست ، راجيف تشاندراسيركان الحياة الملوكية في مدينة الزمرد: في داخل منطقة بغداد الخضراء* الذي صدر عام 2006 ونال حفاوة ونال جائزة للكتب غير الروائية، وفيه قدم تشاندراسيركان صورة حية للحياة والعلاقات داخل المنطقة وكيف حولت شركات التعهدات الامريكية، خاصة هاليبرتون المرتبطة بنائب الرئيس الامريكي السابق ديك تشيني. وقدم الكاتب في هذا الكتاب رؤية ساخرة من مشاكل ما بعد الاحتلال والشخصيات الامريكية التي اوكل اليها تحويل العراق الى دولة ديمقراطية ونموذجا الى المنطقة طبعا باستثناء اسرائيل، وكيف تقاتل فيه مسؤولو الخارجية الامريكية والدفاع من اجل السيطرة على اتخاذ القرار. والاهم من ذلك كيف حاولت الشركات الامريكية التواؤم مع الحاجيات والمتطلبات اليومية لجيش من العاملين المدنيين في سلطة الاحتلال المؤقت وتلبية احتياجاتهم، حيث قامت بتحويل قاعة الاجتماعات في قصر صدام الى قاعة طعام اسماها الكاتب قاعة الفوضى حيث كان كل شيء يقدمه المتعهد الامريكي مصنوعاً او مستورداً من امريكا. حتى المياه كانت معبأة اما في الكويت والامارات العربية المتعهدة مع ارتال من الخنزير واللحوم التي لم تراع حساسيات العراقيين ولا العاملين المستوردين من الهند وباكستان ممن كانوا في الغالبية مسلمين واحضرتهم شركة تعهدات كويتية حصلت على عمولة كبيرة من ورائهم . وذات مرة سأل الكاتب طباخا باكستانيا ان كانت هناك بطاطا مقلية تعرف بالفرنش فرايز اي المقلي على الطريقة الفرنسية كانت الاجابة ان كل المتوفر هو رقائق بطاطا الحرية كما اشار الى ان الامريكيين تجنبوا استخدام العراقيين في المطعم وشراء المنتوج المحلي خوفا من تسمم جنودهم او هكذا ظنوا. كما صور الكاتب مشاهد عن الطريقة التي تحولت فيها المنطقة الخضراء الى واحة امريكية، فيها من المطاعم والحانات ودور الرقص وعروض السينما ودروس الانجيل. والكتاب جميل في وصفه الجو المحموم من الحرمان والجنس المحرم حيث كانت النساء قليلات وصارت كل واحدة منهن لعشرة يتنافسون على ودها. والاكثر مأساوية في هذا المشهد هو ان قوافل المعينين وقوافل تجار الحرب جاءت الى المنطقة ( العراق) لتحقيق حلم رئيس امريكا جورج بوش ولم تكن تعرف اي شيء عن العراق ومعظمهم حصلوا على جواز سفرهم الاول لاجل السفر للعراق. ومن جانب اخر كيف فشلت ادارة غي غارنر الاولى في منع السطو والفوضى بسبب الخلافات داخل البنتاغون والخارجية وعدم وجود خطط. امريكا بكل ما لديها من قوة وسلطة عسكرية وادوات علمية وبيانات باور بوينت لم تكن تعرف كيف تتجول في شوارع بغداد واعتمد مسؤولوها الكبار على كتب السفر والرحلات القديمة. الكتاب صورة حية لصحافي عايش عن قرب احداث الايام الاولى من الاحتلال والفوضى، حيث كانت المقاومة في مرحلتها الجنينية. وفي الكتاب صورة عن الطريقة التي تعامل فيها الجنود والعاملون المدنيون خاصة مع العراق كخلفية سياحية حيث كانت محلات تصوير توفر لهم فرص التقاط صورهم في الزي العربي او العراقي فيما كان الباحثون عن تحف من النظام الذي سقط للتو في محلات تبيع عملة عراقية وصور صدام واعلام عراقية وكتب وسيوف وكل ما يريدون. الكتاب جيد في وصفه المصاعب اللوجيستية التي عايشها المحتلون حيث تحولت قاعات في القصور الى غرف نوم تشبه قاعات مستشفيات، فيما امتلأت المناطق المفتوحة بكرافانات متحركة ينام فيها اثنان واكثر. اما المحظوظون من كبار المسؤولين فقد وجدوا في فندق الرشيد غرفا خاصة بهم، ذلك ان قوات الاحتلال ضمت الفندق الى محيط المنطقة الخضراء. والاهم من ذلك ان الجو في داخل المنطقة الخضراء كان جوا منقسما فعلى مائدة الطعام كان افراد كل فريق لهم شلتهم الخاصة فيما كان للديمقراطيين ناديهم الذي يتندرون فيه على منافسيهم الجمهوريين وكان احسن فيلم يحبون مشاهدته، هو فيلم مايكل مور فهرنهاينت 9/11. من كان يمل من العاملين كان يجد في افلام البورنو التي تباع باسعار رخيصة في الكراجات ويبيعها صبيان عراقيون يريدون الاستفادة من جيوب الامريكيين. في داخل المشاهد والتخبط العملي والسياسي الامريكي وبين ما يريدون فعله و يحلمون وبين ما يواجهونه على الواقع قدم تشاندر اسيركان قصة التحضير للحرب والتفكير وراءها. مدينة الزمرد قدمت الخلفية البصرية والصورة الاولية لما واجه الامريكيين من مشاكل تعبر عن غربتهم عن المكان ورؤاهم عن التغيير وكيف تحول العراق الى فرصة نهب للكثيرين منهم. فالكاتب مثلا يشير الى ان الكثير من العاملين لم يكونوا يعرفون كيف يخبئون اموالهم ولم يجدوا الا المراحيض مكانا لتخزين الدولارات. وعلى حكاية المراحيض فقد تحولت الى اماكن لتفريغ شهوة الجنس وارضاء شهوة المال. وعلى ذكر المال فالعديد ممن انتخبوا لاجراء سياسات التغيير انتخبوا وعينوا بسبب علاقاتهم في الحزب الجمهوري وولائهم وتبدو قصة منذر، وهو لبناني صوت للديمقراطيين، حيث استدعي لخمس مقابلات قبل التأكد من ولائه. وعندما اكتشف انه مسلم بدا الدين عائقا امام المهمة التي اوكلت اليه، كل هذا مع انه متزوج من مسيحية كاثوليكية وابنه يدرس في مدرسة كاثوليكية.
الصورة الحية التي رسمها الكاتب للمنطقة الخضراء حضرت في عدد من افلام العراق. ونجاح فيلم خزانة الامل الاخير في جوائز الاوسكار سيشجع المنتجين على انتاج افلام جديدة خاصة ان هناك العديد من الكتب والذكريات عن تلك الحرب متوفرة، كما ان التواجد الامريكي سينتهي على الاقل رسميا العام المقبل، وقد يكون دافعا الى افلام جديدة عن الحرب التي قامت على اكذوبة وخداع. وكانت كل الافلام التي انتجت عن الحرب في عزها لم تلق نجاحا كبيرا في دور العرض الامريكية ومن حقق منها حقق حضوره في مهرجانات مثل معركة حديثة الوثائقي الدرامي لنيك بلومفيلد وما عدا ذلك لم يستطع العراق جذب المشاهد الامريكي باستثناء خزانة الالم الذي نجح لعدد من الاسباب لان المخرجة اليزابيث بيغلو، اهتمت بتقديم رؤية تركز على الجنود ولم يكن العراق حاضرا سواء بسكانه وحضارته الا خلف الصورة المغبرة والشوارع المدمرة ووجوه المحرومين والشك وما الى ذلك.
مات دامون بورن في بغداد
في الفيلم الجديد المنطقة الخضراء** الذي بدأت عروضه البريطانية قبل اسبوعين، يستلهم المخرج بوب غرينغراس من الكتاب السابق قصة فيلمه مركزا على جهود جندي يدعى ميللر ( مات دامون) للكشف عن اكذوبة اسلحة الدمار الشامل وكيف ان مبرر الحرب كان كاذبا وقام على معلومات قدمها جنرال عراقي لمسؤول امريكي التقاه في الاردن وسربت المعلومات لصحافية اسمها لوري دايان، هل تذكرون جوديث ميللر واكاذيبها في نيويورك تايمز ( تقوم بدورها هنا آمي رايان) في وول ستريت جورنال المعروفة بوقوفها مع الحرب؟ واشير الى مصدر المعلومات العراقي ب ماجلان. فكرة جيدة للفيلم حيث يحاول المخرج من خلالها طرح خطل ذريعة الحرب وقرارها والدور الرسمي في فبركة الحرب وكذا الاحتراب داخل مؤسسة جورج بوش التي يحاول فيها كل طرف نيل المجد وتهميش الطرف الاخر عبر التآمر والدس والنميمة. وداخل هذه الفكرة يبدو العراق في المنطقة الخضراء كما صوره تقريبا راجيف شاندر اسريكان وحروب الشوارع والملاحقات وصرخات الجنود واضواء سياراتهم والحياة الصعبة في شوارع العراق وزحام السيارات، جنوداً شاكي السلاح مدججين جاهزين للرد السريع. وهي خلطة جميلة لفيلم حركة من تلك الافلام التي قدمها دامون بورن سوبرمسي لكنه يعاني من مشكلة من ناحية خيارات المخرج والكاتب بريان هيلغلاند، فشخصية فريد او فريدي ( خالد عبدالله) الذي يدخل على النص من خلال تحوله الى مخبر عن اجتماع لمجموعة من المسؤولين العراقيين يترؤسه الجنرال احمد الراوي ويناقشون فيه الخيارات الواجب اتخاذها تجاه دخول الامريكيين لبغداد، فبعضهم يدعو للمقاومة واخرون ومنهم الراوي يدعو لانتظار اوامر من القيادة التي يمثلها صدام والتي اختفت عن الانظار. لا يعرف عن دوافع فريدي وسبب تواجده في المكان ومحاولته اخبار الامريكيين عن مكان الاجتماع، فريدي من جهة معاق بسبب اصابة في الحرب ويتحدث الانكليزية بطلاقة ويواجه فريق ميللر بعد تفتيش مكان عن اسلحة الدمار الشامل دون العثور على اي دليل. ومن هنا فقصة فريدي التي لا تقنع احدا من ناحية دوافعها، فهو من جهة وطني ويتعاون مع المحتل ضد صدام واعوانه، مما يجعله مثل بقية المنفيين الذين جلبوا الامريكيين لبلادهم. والقصة اي الفيلم خيالية تبتعد كثيرا عن تصوير تشاندر اسريكان الذي قدمنا بعض ملامحه. وحبكة الفيلم هي عن صراع وشد عضلات بين روي ميللر ومسؤول امني كبير في البنتاغون كلارك باوندستون ( غريغ كينار) الذي يقف وراء المعلومات الكاذبة التي يعتقد ميللر انها سبب قاد للحرب. ونهاية المعركة التي تدور حول ملاحقة الراوي ( يغال ناؤر، هل تذكرون بيت صدام؟) وقتله من قبل فريدي ذلك ان ميللر كان يهدف للقبض عليه حيا والكشف عن تآمر البنتاغون في الغزو. رد ميللر على تدخل فريدي في حسم مصير الراوي لم يكن على طريقة الجندي الامريكي الذي يرش الارض والسماء ويقتل من لخبط عليه خططه ، هنا فريد، بل يترك الاخير ليفرض رؤيته على الفيلم ويخرج بطلا، حيث يحاضرعلى السلطة التي تمثل المحتل قائلا لست انت من تقرر. هكذا يحسم فريدي الاعرج بمسدس قديم والذي سبق قوات امريكا لاصطياد الراوي في المعركة. من هو فريدي؟ لا نعرف عنه شيئاً سوى انه عميل شريف لا يريد المال والشهرة ولكن خدمة الوطن، اي وطن؟
على العموم، يتركه ميللر يمضي بمسدسه وعرجه فيما يقوم بعد ذلك بنشر تقريره عن التحقيق وقصة الراوي وعلاقته بالمسؤول الامني من خلال ارساله الى سلسلة من الصحف العالمية، امريكية وبريطانية، واخر مشهد للفيلم ميللر في جيبه العسكري الذي ينهب الارض تاركا وراءه آبار النفط العراقية التي كانت سبب الحرب وليس اسلحة الدمار الشامل. وبعيدا عن اصالة الرواية واقناعية الممثل المخبر العراقي فنحن امام حكاية مختلقة مثل حكاية الحرب لا يهم من اختلقها، سواء كان المنفيون العراقيون في امريكا وبريطانيا او جنرالات صدام هم من فعل ذلك، فالفيلم يظل فيلم حركة سريعة مليئاً بالمعارك والملاحقات في الليل والنهار وفي خلفيته يبدو الجنود على مكاتبهم يصممون بيانات او يقطعون ملل العراق بمتابعة مباريات كرة السلة الامريكية او يشاهدون افلام البورنو. اما المسؤولون الامنيون فهم منشغلون باستقبال العائدين من المنفيين العراقيين ومشهدهم الكاريكاتيري وهم يسجدون شكرا لا نعرف ان كان لله ام للسيد الامريكي على سبب عودتهم. ويتركنا الفيلم ونحن نراقب الحرية التي تتحول الى فوضى كما اشار دونالد رمفسيلد في حينه ، حيث يظهر قادة العراق الجدد وهم يتقاتلون ويتشابكون بالايدي حول من سيكون له الامر والنهي. اعتقد انني شاهدت سياسيا منهم عاد من امريكا وكان من الرموز التي دفعت للحرب ، هل كان احمد الجلبي؟ ام احمد الزبيدي؟ يحاول ميللر تجسيد دور المقاتل الاخلاقي فقد جاء الى العراق كما يقول للعثور على الاسلحة وانقاذ حياة الناس ولكنه لم يعثر على السلاح وقتل الناس. فالفيلم قائم كما هي وصفة هوليوود المعتادة على الحرب بين الاخيار والاشرار، وميللر اختار ان يكون في صف من يعتقدون انه على الجانب المصيب ويسكنهم حسب الخيانة من قطاع من حكومته التي يقاتل من اجلها. وميللر يعكس مخرج فيلمه غرينغراس الذي قال انه اعتقد بصدق ما قاله بلير. والمعركة بهذا الاطار بين البنتاغون ورجاله الذين يستقبلون عودة المنفيين العراقيين بحس انتصاري وبين الاستخبارات الامريكية سي آي ايه التي يمثلها هنا مارتن براون ( برندون غليسون) الذي يحاول احباط محاولات باوندستون والعثور على الراوي، وكشف الحقيقة ومن هنا يعتمد على ميللر من اجل بناء خط مواز. لكن ميللر يواجه في الوقت نفسه قوة القوات الخاصة دلتا فورس التي تلاحقه وتحبط مهامه وتمحو كل اثر يدل على جريمة التواطؤ. ففي مشهد تبدو دايان وهي تسأل باوندستون ان يدلها على مكان ماجلان لكنه يقول انه اعطاها كل المعلومات المتعلقة وانه لن يكون قادرا على تأمين لقاء لها معه لانه تحت حراسة شديدة في اشارة اخرى لتواطؤ البنتاغون.
وعلى العموم يظل الفيلم محاولة لكشف تخبط الادارة الامريكية في مرحلة ما بعد الاطاحة وتهميش السنة حيث يخرج شيوخهم من اجتماع مع المنفيين العراقيين وعلى رأسهم الجلبي من خيمة الاجتماع، كما انه يعكس سياسة اجتثاث البعث التي ادت لتهميش اكبر للسنة وحل الجيش وبروز المقاومة.
بدأ العمل بتصوير الفيلم عام 2008 وصورت مشاهده الاولى في اسبانيا واكملت في المغرب. وعلى الرغم من الاحتفاء الجيد من الصحافة الليبرالية الا ان صحافة المحافظين الجدد فوكس نيوز وغيرها هاجمته واعتبرته يشكك في سياسات الجمهوريين.
رواية: محاولة عراقية
الزميل شاكر نوري، مراسل القدس العربي السابق من باريس كتب رواية المنطقة الخضراء*** ولاحق فيها حياة خمسة مترجمين عراقيين وتداخلها مع حيوات جنود امريكيين من اصول مختلفة سود ولاتينو وآسيويون وبيض. الرواية قراءة بانورامية وصحافية الطابع في واقع الاحتلال والمتعاونين معه، وجهد من الاخ شاكر للدخول في مشاعر ابطاله العراقيين والمحتلين ومساءلة ماضي الرئيس السابق. وفيها قراءة لتشكلات وعي الناس من المحتل وفهم او تفهم للمترجمين وخياراتهم وحبهم ومحاولة فهمهم للاخر الامريكي المحتل الذي يستخدم الموسيقى للتخفيف من توتره. نحن هنا نشير إلى الرواية باعتبارها محاولة لفهم الاحتلال ورمزية المنطقة الخضراء. ويظل حكمنا عليها قاصرا لان فهمنا لها يدخل ضمن فهم ثقافة ما بعد الاحتلال او التحرير كما يحلو للبعض تسميته، وهو ما لا ندعي المعرفة به. ومقارنة مع روايته الاولى نافذة العنكبوت بدت الشخصية على هلاميتها اعمق وكان الكاتب اقدر على فهم مأساة الجندي العراقي في الحرب الايرانية العراقية اكثر من محاولة فهمه لرمزية المنطقة الخضراء. هذا كل ما يمكن قوله في تجربة صديقنا شاكر نوري الاخيرة. وتظل مع ذلك جزءا من محاولة فهم المثقف العراقي للاحتلال وزمن ما بعد الاحتلال وصدام.
الاعمال التي تم تناولها في هذه المقالة:
*Imperial Life in Emerald City
Inside Baghdads Green Zone
By: Rajiv Chandarsekaran
Bloomsbury/ 2006
**Green Zone
Director :Paul Greengra
(114ms) / 2010
Article history
Cast: Amy Ryan, Brendan Gleeson, Greg Kinnear, Jason Isaacs, Khalid Abdalla, Ma Damon, Michael ONeill
المنطقة الخضراء ( رواية) ***
شاكر نوري
ثقافة للنشر والتوزيع/ دبي - بيروت - 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.