جامعة أسيوط الأهلية تبدأ في استقبال الطلاب الجدد لإنهاء إجراءات القيد والتسجيل    الجريدة الرسمية تنشر 6 قرارات جديدة لوزارة الداخلية    وزيرا الكهرباء والبترول يبحثان العمل المشترك لتوطين الصناعة ونقل التكنولوجيا    صعود عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 19-8-2025 وعيار 21 الآن (تحديث لحظي)    لليوم الثالث.. محافظ القاهرة يقود حملة لإعادة الانضباط لمدينة معًا بحي السلام ثان    ترامب: على الأمريكيين انتخاب رئيس جيد في المستقبل لتفادي تكرار الأزمة الأوكرانية    احترامًا له.. ترامب: اتصلت ببوتين بعيدًا عن القادة الأوروبيين    الجيش الاردنى ينفذ إنزالا جويا جديدا للمساعدات فى غزة    الأزمات تحاصر القطبين.. حريق في الأهلي وسحب أرض الزمالك    الدوري الإسباني.. "ثغرات تأمينية" تهدد عودة برشلونة إلى كامب نو    تقارير: وفاة رزاق أوموتويوسي مهاجم نادي الزمالك السابق    بسبب سافينيو.. مانشستر سيتي ينسحب من سباق رودريجو    مصدر ليلا كورة: الأهلي يقترب من إنهاء إجراءات رحيل وسام أبو علي بعد وصول القسط الأول    محافظ الإسماعيلية يعتمد نتيجة الدور الثاني للشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 99.76%    شاهده 192 شخص فقط في 24 ساعة.. تعرف على الفيلم الأضعف في شباك التذاكر الإثنين    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الصلاة قبل الانتهاء من الأذان؟.. تعرف على رد أمين الفتوى    افتتاح مقر التأمين الصحي ب بلاط في الوادي الجديد    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    سماع أسرة الزوج وفحص هواتف.. تحقيقات موسعة فى مقتل لاعبة الجودو دينا علاء    النقل: خط "الرورو" يفتح آفاقًا جديدة أمام الصادرات المصرية إلى أوروبا    وسط أجواء فنية ساحرة.. "صوت مصر" يعيد أم كلثوم لواجهة المشهد الثقافي    "فلسطين 36" ل آن ماري جاسر ممثلًا لفلسطين بجوائز الأوسكار عام 2026    أسرة عبدالحليم حافظ تكشف حقيقة بيع منزله بمقابل خيالي لملياردير مصري    الأمم المتحدة: الوضع في غزة فاق الكارثة ولن نشارك في أي نزوح قسري (تقرير)    إجازة المولد النبوي الأقرب.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    داعية إسلامية عن التعدد: «انتبهوا للخطوة دي قبل ما تقدموا عليها»    وزير العدل يزف بشرى سارة لأبناء محافظة البحيرة    شاهد.. مدير «الرعاية الصحية» ببورسعيد: حملة «صحتك أولًا» تهدف لتعزيز الوعي الدوائي    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    "بدلة أنيقة".. دينا الشربيني تتألق في أحدث ظهور (صورة)    وزير الثقافة ينعى الدكتور يحيى عزمى أستاذ الإخراج بالمعهد العالى للسينما    كامل الوزير: تشغيل خطوط إنتاج الأسمنت المتوقفة وزيادة القدرات الإنتاجية    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    وزارة النقل تناشد المواطنين التوعية للحفاظ على مترو الانفاق والقطار الكهربائي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    بلتون للتمويل العقاري تصدر أول توريق بقيمة 1.32 مليار جنيه    الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء هجوم مميت آخر على مخيم أبو شوك بالسودان    كييزا يغلق باب الرحيل ويتمسك بالبقاء مع ليفربول    قرار جمهوري.. ماجد إسماعيل رئيسًا تنفيذيًا لوكالة الفضاء بدرجة وزير    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    هيئة التأمين الصحى: إشراك القطاع الخاص ركيزة أساسية للتوسع المستقبلى    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    بعد إلغاء تأشيرات دبلوماسييها.. أستراليا: حكومة نتنياهو تعزل إسرائيل    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    أبرزها 10 أطنان مخلل.. ضبط أغذية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر ببني سويف    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيتام فى مآدب اللئام
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 12 - 2010

خلاص يا حاج مش قادرة حد يلحقنى بالإسعاف.. يلحق مين يا حاجة.. أنا اللى عايز حد يلحقنى.. كانت الآهات وصيحات الألم تملأ المكان.. لحظات وطرق الباب.. يا فرج الله.
تحاملت أم مجاهد على نفسها وقامت لتفتح الباب.. دخلت أم إسماعيل وقد بدا على وجهها علامات الفزع.. فيه إيه يا حاجة.. ألحقينا يا أختى أطلبيلنا الإسعاف.. دقائق وكان صوت ولولة سيارة الإسعاف تملأ المكان..!!
فى أطراف البلدة.. توقفت سيارة الإسعاف أمام مبنى كئيب المنظر.. بسرعة يا عنايات.. خدى الحالتين دول وعلقيلهم محاليل فى غرفة الملاحظة.. اعملى لهم كمدات.. وخدى عينات تحليل لحالة التسمم.
تسمم!! شفت يا حاج أدى آخر اللى جالنا منك ومن اللحمة والمحشى.. دلوقتى بقى منى يا حاجة.. دنتى كنتى ناقص ترقصى لما دخلت عليكى بيهم.. أنت يا راجل أنت وهى.. بطلوا رغى.. خدوا الورقه دى.. ابعتوا حد يجيبلكوا الأدوية من صيدلية من برة.. بكام دى يا ختى الله يسترك؟ حوالى 250 جنيها.. يا نهار أسود يا حاج..!! شفت آخر الطفاسة والشورة السودة. أرسلوا جارهم أبو إسماعيل لإحضار المطلوب.. اتصرف.. لما أطلع بالسلامة هدبرهم.. عيب يا حاج.. الناس لبعضها.
مرت ساعتان بدأ أبو مجاهد يشعر ببعض التحسن، بينما أم مجاهد مازالت بين الحين والآخر تطلق بعض الصيحات المكتومة عندما تشتد عليها الآلام.. فجأة التفتت إليه أم مجاهد.. تصدق يا حاج إحنا نستاهل اللى جرالنا.. وقبل أن يرد استرسلت وكأنها تكلم نفسها.. طول عمرك ماشى جنب الحيطة، وبتقول يا حيطة دارينى.. وسلبى فى كل حاجة.. لا اتنصفت هنا ولا سافرت العراق زمان زى نص البلد ما عملت.. كان زمان حالنا غير الحال.
ألا لا لا.. أنت بتقولى أيه يا حاجة.. هو أنت لو عامل لنفسك أنت واللى زيك قيمة ماكانش عرفوا أن آخركم يرموا لكم كيس لحمة.. ألا لا لا لا.. هى السخونية أثرت على مخك ولا إيه.. التفت إليها سمع صوت حشرجة.. جاء الطبيب مسرعا.. وقاموا بنقل أم مجاهد لغرفة العناية المركزة .. فيه إيه يا دكتور.. مش عارف.. هى كانت بتاخد أدويه قبل كدة.. أيوة بتتعالج من الضغط.. بصوت ضعيف والدموع تملأ عينيه.. هتموت يا دكتور.. خلى عندك إيمان، إن شاء الله تتحسن.. ونعم بالله.. يا رب أنت عالم بالحال أنا ماليش غيرها.
جلس الرجل حزينا.. وجده يكلم نفسه.. أم مجاهد عندها حق.. اشتغلت خمسة وأربعين سنة قبل ما أطلع على المعاش.. نعيش عيشة الجفاف..!! الأسعار ترتفع يوما بعد يوم.. بالكاد يسد رمقه هو وزوجته.. باع نصف قيراط كان ورثه عن والده، وسافر ولده مجاهد عن طريق صديق له ليعمل فى اليابان.
منذ عده أيام اتصل به ليخبره أنه حصل على عمل فى شركة نظافة.. زبال يا مجاهد.. أمال كان التعليم فايدته إيه! بس المرتب كويس وهبعتلكم تحويل الشهر الجارى.
أخذ يكلم نفسه.. شفنا المر على ما مجاهد خلص الكلية.. أخته ماتعبتناش.. أخدت الدبلوم وتجوزت بدرى.. أم مجاهد كان نفسها تشوفه محاسب فى بنك.. خمس سنين بيتنقل من شغلة لشغلة بيشتغل طول النهار والمرتب يا دوب بيكفيه.. طيب لما كان الموضوع هيرسى على الزبالة.. كنا وفرنا مصاريف الدراسة، وكانت البلد وفرت اللى صرفته عليه، وعلى اللى زيه مادام لا فيه وظايف ولا غيره.
يعنى يا ربى بلدنا عاجزة توظف ولادنا وتدينا معاش نعيش بيه زى البنى أدمين.. تذكر أنه ذهب قبل إحالته للمعاش لتوصيل طلبيات للتجمع الخامس ومدينة الرحاب.. تذكر وقتها الإعلانات التى كان يشاهدها فى الجريدة يوم الجمعة.. آلاف من القصور والفلل.
تذكر قراءته لتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات فى إحدى المقالات ومئات المليارات المهدرة.. تذكر قراءته لبيع مئات الآلاف من الأفدنة بجنيهات قليلة لشركات للقيام بمشروعات تعود على المواطنين.. فلا مشروعات أقيمت ولا خير جاء.
تذكر قيام علية القوم بعلاج ذويهم على نفقة الدولة، وهم يملكون الملايين.. تذكر قراءته أن البعض يصل راتبه للمليون شهرياً.. تذكر أحدهم وهو يستكثر ال400 جنيه راتبا للمواطن الغلبان، ويهدد باستقدام عمالة من بنجلاديش.. تذكر يوما عندما قام بتوصيل طلبية لأحد المشروعات، فوجد عمال شكلهم ولغتهم غريبة، وعندما سأل.. قالوا له دول من الصين.
تذكر أنه يواسى نفسه هو وأم مجاهد طول النهار.. هى تقول له يا حاج وهو يقول لها يا حاجة، وهم لم يحجوا ولا يملكون الحلم بالحج يوما.. بعد أن أصبح حج القرعة للفقير يكلف عشرات الآلاف.
قال لنفسه .. طول عمرنا ساكتين ومؤدبين وبنسمع الكلام وبنقول ربنا يوفقهم.. بدل ما يراعوا ربنا فينا.. يكون ده الحال.. العيب فين يا رب.. فينا ولا فيهم.. أخذ أبو مجاهد يردد.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. لم يحس بنفسه إلا عندما سمع طرقا على الباب.. أبو إسماعيل اتفضل.
أنا جيت أطمئن عليك يا حاج.. الحمد لله.. وكمان أم إسماعيل لسه جايه من زيارة أم مجاهد ما شاء الله متحسنة.. ربنا يكمل شفاها.. ما تأخذنيش يا أبو إسماعيل.. قريباً هدبر لك المبلغ.. يا راجل.. الناس لبعضها ماتحملش هم.
سمعت أصوات الطبل والزمر خافتة تأتى من بعيد.. ففى أطراف البلدة كانت الخيل ترقص أمام قصر الباشا احتفالا بفوزه فى الانتخابات.. وأمام باب جانبى للقصر كان يقف طابور طويل ينتظر أخذ نصيبه من الذبائح التى ذبحت بهذه المناسبة السعيدة.
دخل أبو إسماعيل على زوجته بكيس اللحمة.. يادى الهنا يادى الهنا.. أهو كده يا حاج.. كل انتخابات وأنت طيب.. يدوم عز الباشا.. ادعيله ادعيله.. يعمر بيت أبوه.. وكمان ادعيله.. يعمر بيت أبو اللى خلفوه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.