ظهرت الآن، نتيجة تنسيق المرحلة الثانية، لينك موقع التنسيق الرسمي    تعرف على ضوابط الإعلان عن الفائزين بانتخابات الشيوخ وهذه شروط الإعادة    الأعلى للإعلام: 20 ترخيصا جديدا لمواقع وتطبيقات إلكترونية    بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، "الحجر الزراعي" يطلق سلسلة تدريبات لتعزيز قدرات الفاحصين    يرتفع الآن.. سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 في البنوك    الماكريل ب220 جنيهًا.. أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم الثلاثاء    وزير الإنتاج الحربي وسفير الهند بالقاهرة يبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك    تفاصيل وقف العمل الميدانى لعمال النظافة أوقات الذروة بالموجة الحارة    يديعوت أحرونوت تكشف عن الشخص المرشح ليكون حاكم غزة    ترامب ينشر الحرس الوطني ل «إنقاذ» واشنطن.. وهيومن رايتس ووتش تنتقد (تفاصيل)    وزير التعليم العالي ينعى على المصيلحي: «كان قامة وطنية بارزة»    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أكاديمية الشرطة تنظم دورة تدريبية لطالبات كلية الشرطة للتدريب على فحص وثائق السفر    أكثر الفرق تتويجًا باللقب، أرقام بايرن ميونخ في السوبر الألماني    ضبط 3 أشخاص لقيامهم بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار ببولاق أبو العلا    «الداخلية»: ضبط 358 قضية مخدرات و258 سلاح ناري وتنفيذ 83 ألف حكم خلال 24 ساعة    ضبط (7) أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    معتز التوني يستضيف هشام ماجد في أحدث حلقات "فضفضت أوي"    استمرار مسلسل "Harry Potter" الجديد لمدة 10 سنوات    «جربت الجوع سنين».. عباس أبوالحسن يهاجم محمد رمضان بعد صورته مع لارا ترامب    تعرف على شخصيات أبطال فيلم درويش وطبيعة أدوارهم قبل طرحه فى السينمات    صحة الدقهلية تختتم الدورة الأولى لإعادة تدريب فرق مكافحة العدوى بالمستشفيات    تحرير (131) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    محمد الشناوي يوضح موقفه من الرحيل وحقيقة مفاوضات الزمالك وبيراميدز    وزير الري يستقبل سفراء مصر الجدد في جنوب السودان وكينيا ورواندا    ارتفاع التفاح.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    انخفاض أسعار 4 عملات عربية خلال تعاملات اليوم    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    الأرصاد: استمرار الأجواء شديدة الحرارة وتحذير من اضطراب الملاحة البحرية    غرق سيدة وصغير في نهر النيل بسوهاج    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    منتخب الناشئين يواجه الدنمارك في مباراة قوية ب مونديال اليد    26 من زعماء الاتحاد الأوروبي: أوكرانيا يجب أن تتمتع بالحرية في تقرير مستقبلها    3 شهداء و7 إصابات برصاص الاحتلال قرب نقطة توزيع المساعدات وسط القطاع    الأربعاء.. القومي لثقافة الطفل يقدم أوبريت وفاء النيل على مسرح معهد الموسيقى العربية    14 أغسطس.. تامر عاشور يحيي حفلًا غنائيًا في العلمين الجديدة    وزير الإسكان يعقد اجتماعا مع الشركات المنفذة لمشروع حدائق تلال الفسطاط    "لوفيجارو": الصين في مواجهة ترامب "العين بالعين والسن بالسن"    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تكرم المشاركين في ملتقى القادة الأول    وزير الصحة يناقش فرص تدريب الكوادر الطبية المصرية في السويد وإمكانية تصدير الأدوية إلى لاتفيا    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    مؤشرات تنسيق المرحلة الثانية، الحدود الدنيا للشعبة الأدبية نظام قديم    حريق هائل بمصنع للأحذية في مؤسسة الزكاة بالمرج (صور)    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    «هلاعبك وحقك عليا!».. تعليق ناري من شوبير بشأن رسالة ريبيرو لنجم الأهلي    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    نتيجة تنسيق المرحلة الثانية علمي علوم.. رابط مباشر    وليد صلاح الدين: أرحب بعودة وسام أبوعلي للأهلي.. ومصلحة النادي فوق الجميع    4 أبراج «في الحب زي المغناطيس».. يجذبون المعجبين بسهولة وأحلامهم تتحول لواقع    مبلغ ضخم، كم سيدفع الهلال السعودي لمهاجمه ميتروفيتش لفسخ عقده؟    موعد مباراة سيراميكا كيلوباترا وزد بالدوري والقنوات الناقلة    قرار هام بشأن البلوجر لوشا لنشره محتوى منافي للآداب    د. آلاء برانية تكتب: الوعى الزائف.. مخاطر الشائعات على الثقة بين الدولة والمجتمع المصري    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي سيد علي: فصل من رواية “الشهير بأحمد سراييفو”
نشر في البديل يوم 13 - 12 - 2010

يرتعش تليفونك المحمول في جيبك، ثم تسمع نغمته ترتفع بصوت دعاء الشيخ محمد جبريل: “اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك”.
- ألو، أيوة يا حسن، خير؟
- خير يا شيخ، أنا بييجي مني إلا الخير؟ فيه مُزة طالعالك بعد نص ساعة وبعديها بخمس دقايق جوزها.
- جوزها برضو يا حسن، يا حسن البت اللي جات امبارح العصر كان شكلها شرموطة رسمي، قلت لك مش عايز فضايح، متبعتليش أي بت شكلها غلط.
- هيا مش طلعت لك بطرحة؟ أنا منبه عليها تلبس طرحة.
- يا عم طرحة أيه صلي على النبي، المشكلة مش في الطرحة، يا حسن منظرها غلط، متودينيش في داهية، الأشكال دي مطلعهاش عندي تاني إلا وهي لابسة إسدال ونقاب يداريها، الله يخرب بيت أهلك.
- ماشي يا شيخ أنت تأمر، البنت اللي طالعالك دي محترمة على الآخر، دي مجوزة عرفي وصاحب البيت طردها هي وجوزها من الشقة اللي كانوا مأجرينها.
يرن جرس الباب، تنهض لفتحه، فتجد أمامك وجهًا يليق بامرأة محترفة دعارة, وليست زوجة، كما أخبرك حسن، تتلعثم في نطق كلمة “اتفضلي”, ولكنها على أية حال، دخلت، حتى قبل أن تطلب منها ذلك، جلست مباشرة على أحد الكرسيين أمام مكتبك، وضعت ساقًا على الأخرى، فظهر بنطلونها الجينز وكأنه سيتمزق كاشفا عن فخذها، سألتها قبل أن تجلس أنت: “هو فين جوزك؟” ترد: جاي يا خويا جاي ورايا على طول، وبعدين أنت مستعجل على إيه، احسب الساعة من دلوقتي.. هيهيئ هئ هئ هيييييييييييييييي”.
دون أن تشعر، تجهر بلعن “حسن” قائلا: “الله يخرب بيت أمك يا حسن”، ثم تتوجه بحديثك إليها: “يا ست إنتي مش مجوزة، فين جوزك، عايزين نخلص بقى من أم الليلة دي”، قبل أن ترد عليك، ترتفع نغمة محمولها بموسيقى للرقص الشرقي، فتتخيلها تعمل بالليل راقصة “درجة تالتة”، ترد على الطرف الآخر قائلة: “أيوة يا حبيبي واحشني موووووووووووت، معلش يا روح قلبي عندي شغل هخلصه وهتصل بيك.. ماشي يا روحي”.
قبل أن تعيد عليها سؤالك عن زوجها المنتظر، ترتفع نغمة محمولها مرة أخرى بموسيقى الرقص الشرقي، فتشعر أنك تجلس في “خمارة”، ترد هي على الطرف الآخر قائلة: “روح قلبي ازيك.. لا لا مقدرش يا جميل.. لأ مش هينفع عندي شغل دلوقتي.. هتصل بيك لما اخلص يا قمر.. سلام يا روحي”.
لم تكن تحتاج لسماع كلمة “شغل” لتدرك أن من دخلت المكتب حاصلة على درجة مومس مع مرتبة الدعارة الأولى، طبقة المكياج الذي تلطخ به وجهها، أخفت عنك ملامحها الحقيقية, ولكنك استطعت تمييز حَوَلٍ في عينها اليسرى، لم تكن جميلة على أية حال، حاولت أن تتخيل نفسك تضاجعها، فأنفت منها, وابتعدت بوجهك عنها. شعرت برغبة في سؤالها عن المتحدثين معها في المحمول، وكيف تواعدهم من وراء زوجها، كنت تريد سماع تبريرها، برغم تأكدك من كونها عاهرة.
تقول لها: “هما كل الناس حبايبك وروح قلبك، طيب وجوزك اللي انتي مستنياه، ملهوش نصيب؟”.
ترد: جوزي؟ هيهيئ هئ هئ هيييييييييييييي..
تنهض صارخا بصوت مكتوم: “يا ست هتفضحينا وطي صوتك ده المفروض مكتب محاماة مش شقة دعارة، هتوديني في داهية”.
تقول لك: “بص يا خويا، إبراهيم اللي جاي دلوقتي، ده بقى جوزي وحبيبي وصاحبي وكل حاجة في الدنيا، أنا مجوزاه عرفي من ورا جوزي، ووعدته إني هبطل شغل، ده لو عرف إني لسه بشتغل هيموتني يا خويا”.
تفتح فمك عن آخره محاولا النطق بكلمة فلا تستطيع. تستطرد هي: “والأمانة لله هوه مش مخليني عايزة حاجة خالص، وبيديني فلوس على طول”.
طريقتها في نطق كلمة “شغل” جعلتك تقتنع بأن الدعارة مهنة مثلها مثل المحاماة أو أية مهنة أخرى، فتبادرها: طب ليه بتشتغلي؟
ترد: “الزباين بياخدوا على خاطرهم مني، أعمل إيه بس.. مبحبش ازعل حد يا خويا”.
تتذكر زوجها الرسمي، فتسألها: “طب وجوزك؟” فترد على سؤالك بسؤال: “مين فيهم؟” تقول: “الأولاني، اللي انتي مجوزاه على سنة الله ورسوله”.
- ده راجل طيب وحنين ولولا أن العملية معصلجة معاه حبتين مكانش سابني أشتغل أبدا.
- هوه عارف إنتي بتشتغلي إيه؟
- أه طبعا، هو الشغل عيب.
- طب وجوزك التاني إبراهيم اللي جاي بعد شوية؟
- لأ لأ حاسب، إلا هيما ده روحي، بيخاف عليا من الهوا الطاير.
تشعر أنك أمام معادلة من معادلات الفيزياء التي كرهتها في الصف الأول الثانوي، وبسببها فضلت القسم الأدبي في الثانوية العامة، فأنت أمام امرأة قبيحة تعمل في الدعارة بعلم زوجها الرسمي، ووعدت زوجها الثاني العرفي بترك الدعارة من أجله، ولكنها أخلفت وعدها معه بسبب حرصها على عدم إغضاب زبائنها. تقول في نفسك: “ربما تكون تلك المرأة حنونًا وذات قلب كبير”.
ترتفع نغمة الرقص الشرقي مرة ثالثة، ترد المرأة الحنون: “أيوة يا روح قلبي إنت فين، اتأخرت.. ليه بس.. إنت فين دلوقتي.. بجد.. طب خلاص روحله بس متخلهوش يضحك عليك.. ماشي يا حبيبي ماشي.. باي.. خد بالك من نفسك يا هيمة.. يللا يا روحي لا إله إلا الله”.
تفهم من مكالمتها في الهاتف أن إبراهيم لن يأتي لظروف طارئة، تشرحها هي لك قائلة: “يا خويا شريكه في الميكروباص مطلع عين أهله، عايز يفض الشركة ويديله فلوسه، راجل مش محترم، تصدق يا خويا بيقول على هيما إنه بتاع نسوان وديله نجس”.
ترد عليها: لا معندوش حق.
- إبراهيم قالي أسيبلك عشرين جنيه، معلش مش هيقدر ييجي النهاردة، بكرة هييجي وهيدفعلك بقيت الفلوس.
تغمز لك بعينها “الحولة” ثم تستطرد: “ولو عايز مني أي حاجة احنا ممكن نخدموك”.
تضحك في سرك وتسأل نفسك: “هل من الممكن أن تنام مع تلك المرأة المومس؟” بغض النظر عن وجهها الشبيه بالبلياتشو، وحَوَل عينها، فتفاصيل جسدها غير متناسقة، نهداها الكبيران لا يتناسبان مع نحافة ذراعيها، وردفاها الممتلئان يتنافران مع قصر ساقيها وضآلتهما. تفاصيل تلك المرأة لا تغريك بممارسة الجنس معها، أو حتى لمسها، لا تستحق تلك المرأة، من وجهة نظرك، أن تتسبب في إثقال ميزان سيئاتك بسيئة، ولكن نغمة محمولها أوحت لك بفكرة طريفة.
تسألها: هتاخدي فلوس؟
- الشغل شغل يا خويا مفيش زعل.
- كام يعني؟
- أنا باخد 100 جنيه، وعشان خاطرك أنت وعشان أنت صاحب مكان هاخد منك 60 بس.
- مش كتير يا... معقولة لسة معرفتش اسمك لحد دلوقتي.
- اسمي منى يا خويا.
اسم منى لا يليق بامرأة مثل تلك، تعلم أنه ليس اسمها الحقيقي، ولكن كنت مضطرًّا لأن تناديها به. قلت: “عاشت الأسامي يا ست منى” ثم استطردت: “طيب يا منى إيه رأيك هدفعلك عشرة جنيه وترقصي لي بس”.
- انت بتهرج يا خويا، عايز تعمل ولا مش عايز، بلاش شغل التلامذة ده.
- خلاص خلاص مش عايز منك حاجة، اتكلي على الله، بس لما ييجي إبراهيم بكرة يا حلوة هقوله.
بالطبع، كنت تداعبها عندما هددتها بإفشاء سرها إلى حبيبها إبراهيم، توقعت أنها سترد على مزاحك بمزاح، فتقول مثلا: “مش هخليه ييجي عندك وهقوله أن المكان عفش ويُغم”، ولكنها فاجأتك عندما أخذت تهديدك على محمل الجد، فردت عليك قائلة: “قوله يا خويا قوله.. هيما حبيبي وواثئ فيا، مش هيصدقك، وهقوله أنك إنت اللي عينك زاغت عليا وأنا صديتك”.
أيقنتَ أنك لن تَسْلك مع تلك المومس، سألتها: “تشربي حاجة؟” في إشارة منك إلى رغبتك في إنهاء جلستها. استقبلت هي الإشارة فقالت: “أنا ماشية يا خويا بس بعد كده تبقى تتكلم على أدك”.
مواضيع ذات صلة
1. عبد الرحيم يوسف : حكايات الإزاز المِلَوِّن
2. بعد صفر مصر الشهير: قطر تفوز باستضافة كأس العالم 2022
3. محمد عبد النبي: حكاية الموز والقهوة فصل من رواية : رجوع الشيخ
4. الطبعة الخامسة ل “الجمهوركية”: رواية جديدة لخلفيات تعديل المادة 76.. وتوقع عودة جمال للندن
5. الطبعة الخامسة من رواية ” گولستان والليل” بالقاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.