كشفت وثائق "ويكيليكس" عن فضائح بعضها كانت ملامحها معروفة، وباتت اليوم أكثر وضوحا وتفصيلا، ونحن اليوم أمام جريمة متكاملة الأركان لا يصلح معها تصريحات ولا بروباجندا تنفى أو تبرر أو حتى تشغل العالم بقضايا فرعية للتمويه على القضية الرئيسية.. محاولات أمريكا وحلفائها الأخيرة للتغطية على فضائح "ويكيليكس" أشبه بوضع كريم بشرة على جلد مريض جربان، وكما كانت تقول أمى رحمة الله عليها "دهان على جرب ما ينفعش". الجرب الأمريكى المتستر بالديمقراطية والمغلف بالحرية واحترام حقوق الإنسان ها هو يظهر على حقيقته.. ويشكو منه كل من اقترب منه ولامس جلده الجلد الأمريكى المصاب بجرب حقيقى، فيما يتعلق بالشرق الأوسط والنفط والغاز والثروة، فلا حرية ولا إنسان ولا دياولو، المصلحة أولاً ولو على جثث المدنيين العزل فى الطرقات وفى المستشفيات وفى الشوارع والمدارس، عمليات اغتيال ممنهجة وقتل بدم بارد وسجون سرية وأخرى علنية مدعومة بالدولار الأمريكى، ووعود بالتنمية عادة ما تنتهى إلى تفتيت الأوطان، كما جرى فى العراق ويجرى على قدم وساق فى السودان. الوثائق تكشف تورط المالكى رئيس وزراء العراق المعلق بين سماء أمريكا وأرض إيران، الرجل الملتحى والمتعصب دينيا لديه فرق لقتل السنة تماما كما أن للقاعدة فرقا للموت.. لا فرق إذن؟ الفرق الوحيد إن وجد هو أن عصابات المالكى تعمل لصالح أمريكا ومن ورائها إيران، بينما القاعدة تعمل ضد مصالح أمريكا ظاهريا، وإن كانت تخدم تلك المصالح لأنه بغياب القاعدة عن المشهد فى العالم العربى والإسلامى يصبح وجود الأمريكان معدوماً.. وبعبارة أوضح "مافيش تعابين يبقى ما فيش ضابط"، ونقصد بالضباط هنا أمريكا وإيران. الوثائق لم تترك أحداً فى المنطقة إلا وكشفت عورته، خصوصاً موضوع السجون السرية التى كانت تؤجر لصالح المخابرات الأمريكية، واعترفت بها الإدارة الأمريكية, وأنكرت مصر والبلدان العربية وجودها حتى أن عضواً فى المجلس القومى لحقوق الإنسان زار بعض السجون المصرية مؤخراً، وصرح والابتسامة تعلو وجهه "السمح" وبيده رغيف عيش يذهب بعقل أى مصرى قائلا "لم نجد سجوناً سرية يا ولد!!". ومنذ متى تكون السجون السرية علنية؟ أم أن سيادته كان يريد من مصلحة السجون أن تعد له يافطة كبيرة مكتوب عليها (الطريق إلى السجون السرية إلى اليمين قليلا). السجون السرية "غيض من فيض"، فهناك تجارة السلاح والعملة والعمولات الاقتصادية، وتبادل المعلومات الخاصة بالمواطنين فى العالم العربى، وهناك اجتماعات موثقة لجرائم جرت فى عدة بلدان عربية متزامنة مع خطة أمريكية لتفخيخ المنطقة، ووضعها على شفا جرف هارٍ بعلم ومعرفة المسئولين فيها. ربما يكون الضوء الآن مسلطاً على العراق بصفته الدول (الأنموذج) لتطبيق التجربة الديمقراطية على الطريقة الأمريكية الدموية!! لكن من يدرى على من سيسلط الضوء غداً أو بعد غدٍ! الله أعلم آخر السطر: فجأة قامت الدنيا ولم تقعد فيما أسميه "هوجة الطرود"، فقد أعلن ساركوزى أنه استهدف بطرد ثم أعلنت ميركل – ألمانيا – أنها هى الأخرى استهدفت بطرد.. أخشى أن تعلن راقصة مغمورة فى شارع الهرم عن استهدافها بطرد ملغوم بهدف شل وسط مصر الفنى!!