❊❊ أمريكا ليست كأي إمبراطورية مرت بصفحة التاريخ. إنها الإمبراطورية التي فاقت سابقاتها في كل شيء سلبا وإيجابا.. فهي الأقوي، الأشرس، الأغني والأكثر: حرية وإبداعا وتقدما وإنتاجا وسفرا واستمتاعا وإنفاقا ونفاقا وكذبا ونهبا وظلما وبلطجة وانحطاطا وكيلا بمكيالين في حالة مصلحتها الشخصية أو مصلحة إسرائيل، وقناعتي أنهما مصلحة واحدة تجمعهما الصهيونية العالمية ومنظماتها العلنية والسرية وإن اختلفت الصورة الظاهرة لزوم المصداقية وادعاء أن إسرائيل كيان منفصل ومستقل.. فدور أمريكا ويهودها في خلق ونشأة إسرائيل من تحت السطح كان الأخطر وإن "لبست" بريطانيا التهمة كلها، لأن إمبراطوريتها كانت التي لا تغرب عنها الشمس وفي الواجهة ذلك الحين. وبحجم أمريكا تأتي مكاسبها وضخامة اقتصادها وثرواتها واستغلالها للآخرين.. وبقدر ضخامتها أيضا تأتي فضائحها وجرستها أمام الشاشات والعيون، وبالمناسبة فهي أكثر دولة تحب الفضائح ولا تخجل ولا تشعر بالحياء، وما تعلنه الآن كذبا بأنها "محرجة" إزاء فضائح "ويكيليكس" ما هو إلا ادعاء صهيوني أمريكي خبيث له هدف عكسي، هو إحراج الآخرين والضغط عليهم وابتزازهم علنا، باعتبار أن ذلك أحد الأسلحة الأخيرة التي يستخدمها من يقع ويحين أجله، فيما يسمي بانتفاضة أو "حلاوة الروح".. ولكن فترة انهيار أو "طلوع روح أمريكا" قد يستغرق في نظر البعض من عشرة إلي خمس وعشرين سنة وأنا من أنصار العشرة لكن الأمر يتوقف علي القدر أولا ونهوضنا من خيبتنا ثانيا وشطارة الصين ونمور آسيا ثالثا. ❊❊ البعض وأنا منهم يذهب إلي أن 11 سبتمبر هي أخطر مؤامرة في التاريخ، وجعلتها أمريكا أشهر "جريمة" علي الهواء، بغرض تضخيم رد فعلها وانتقامها من العالم العربي والإسلامي، الذي اختارته عدوا تاليا لعدوها الشيوعي السابق بعد أن نجحت في تفكيكه وانهياره، وقد استمرت بالفعل، فيما تدعي أنه رد فعل، تحتل وتضرب وتقتل وتفتك ببشر ودول إسلامية طوال عشر ستوات، دون رحمة أو شفقة، ولكن يبدو أن القدر أراد شيئا آخر، هو أن تكون خسائر تلك العملية ضدهم أكبر كثيرا مما قدوره، كما أن توابعها المستمرة حتي الآن في كل من أفغانستان وباكستان والعراق بالإضافة إلي الفساد الرهيب الذي انتشر في البنوك والبورصات وسوق العقارات قد أحدث ما يشبه الزلزال في الجسد الأمريكي برمته، وحتي الآن لايزال ذلك الاقتصاد جاثيا علي ركبتيه ولا يستطيع الوقوف بقوته المعروفة.. حتي إن أمريكا بجلالة قدرها تريد ضرب أو حتي تخويف إيران ولا تستطيع. لكن هل تستسلم الامبراطورية العظمي التي كانت وحيدة حتي زمن قريب جدا؟.. بالطبع لا، فالصهيونية العالمية وأذرعها العلنية والسرية ومافيا السلاح والطاقة والصندوق والبنك الدوليان والشركات متعددة الجنسيات ومراكز البحوث وصنع القرار " التانكس" لن تستسلم بسهولة.. ومن هنا فمن المرجح أن "ويكيليكس" هي محاولة صهيونية خبيثة لشيطنة المنطقة وإغراقها في الفتن والفوضي والحروب.. ولا تقولوا نظرية المؤامرة، لأنها فعلا سلسلة مؤامرات متصلة وان كانت طويلة النفس للغاية، منذ »سايكس بيكو«.. ولكن يبدو أن القدر له رأي آخر.. فيبدو أن خسائر »ويكيليكس« هي الأخري ستفوق الأهداف المرجوة منها، ولن يتحقق غرضها الرئيسي، وهو ابتزاز دول الخليج العربي لتمويل والمشاركة في حرب وضرب ايران، بادعاء أن إيران هي الخطر الرئيسي علي العرب، وذلك في محاولة لجعل المنطقة تدمر و»تخلص علي« نفسها بنفسها في ظل الضعف والتراجع والأزمات الأمريكية والإسرائيلية عسكريا واقتصاديا.. وتفسر وجهة النظر هذه نفسها في الآتي: رغم إتقان عملية التمويه في سيناريو وإخراج فضيحة ويكيليكس، التي كانت أمريكا تستطيع "وأدها في المهد" لسيطرتها علي شبكة "النت" تماما كما كانت قادرة في "11 سبتمبر" علي منع الانهيار علي الأقل للبرج الثاني الذي تم بعد عشرين دقيقة من ضرب البرج الأول، إذ كيف يتم التصوير علي الهواء ولا يتم تحريك الصواريخ أو الطائرات المضادة لمنع أعنف وأبشع مأساة أو فيلم يتطلب أعلي تكلفة من الدم والمال في التاريخ.. ومعروف أن الجريمة كلما كانت غامضة فإنها تتكشف للعقل والمنطق بالبحث عن المستفيد منها، وتقودنا المشاهد الأخيرة الذي تم فيها القبض علي الاسترالي " جوليان أسانج" مالك الموقع الأشهر علي النت وما تلاها، إلي أن أهم ما ركزت عليه فضائح ويكيليكس تخص أفغانستان والعراق وإيران ودول الخليج العربي ولبنان، والسعودية والخليج ومصر، وما عدا ذلك فيما يخص الدول والمناطق الأخري هو للتمويه أو التسلية والتشويق و"الهزار السخيف" مع بعض زعماء ودبلوماسيي العالم.. وبقياس المنطق هنا فصاحب المصلحة الأساسي في كل ذلك أولا هو إسرائيل والصهيونية العالمية، المرعوبون تماما من احتمال انهيار الإمبراطورية الأمريكية، ومعروف بوقائع التاريخ أن إسرائيل يمكن أن تفعل مالا يخطر علي بال، ودون اعتبار لأي شيء حتي لو كان الفضح والإضرار ولو جزئيا لحاضنتها ومرضعتها ذاتها أمريكا من أجل حثها أو إجبارها علي ضرب إيران والقضاء علي كل ما تعتقد أنه خطر عليها.. فرغم الصداقة والحلف الاستراتيجي الشبيه بالاندماج بينهما، فلم يجرؤ علي التجسس علي أمريكا وابتزازها وإساءة الاستغلال لحسن العلاقات معها سوي إسرائيل، ذلك بالرغم من أنها هي الكيان الوحيد في العالم الذي تقبل أمريكا أن تضحي وتؤذي نفسها من أجله.. فإسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي غاب جميع يهودها العاملين ببرجي" 11 سبتمبر" يوم الكارثة وهي أيضا الدولة الوحيدة التي تضحك ملء فيها حاليا وتوجه انتقاداتها لخصومها مما استفادت به من "ويكيليكس".. كما أن أمريكا ورغم خسائرها في عمليتي "11 سبتمبر وويكيليكس" ، فإنهما المبرر الوحيد القوي، والخادع والمخيف للجميع، لكي تتمكن ومعها الصهيونية العالمية من البلطجة والابتزاز للبقاء علي القمة والهيمنة علي العالم.. وهم يركزون في ذلك علي منطقتنا العربية والإسلامية، التي يتعاملون معها وكأنها خالية من السكان أو أنهم غير جديرين بإدارة ثروات بلادهم.. ومن الممكن عندئذ وقف الانهيار المنتظر لإسرائيل ومنع سقوط الإمبراطورية الأقوي في التاريخ والتي يحكمها جورج واشنطن وكينيدي وبوش وأوباما من أعلي السطح، لكن الصهيونية العالمية ورجالها من المخابرات ومافيا صناعات السلاح والمال والجريمة والفساد يحركونها من البدروم، تحت الأرض.. ❊❊ لكن مرة أخري.. يبدو أن القدر والصين ونمور آسيا سريعة القفز يرون أن لاشيء يمكنه وقف الانهيار.. وكل ما في الأمر أن القشة الوحيدة التي يمكن أن تستند إليها أمريكا وإسرائيل لوقف السقوط هي ذبح وتفتيت العالم العربي وتحويله إلي أشلاء جثة هامدة تقفان فوقها بعد امتصاص دمه نقطة نقطة.. فهل نقدم لهم ما يريدون؟!