مفتي الجمهورية: ما يحدث بغزة جرح مفتوح في قلب العدالة الإنسانية    إسقاط الجنسية المصرية عن 3 متورطين في الاعتداء على البعثة الدبلوماسية بنيويورك    محافظ الاسماعيلية يشارك في حفل تخرج طلاب الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري ببورسعيد    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في القمة العربية الإسلامية بالدوحة    الجيل الديمقراطى: الإساءات للرموز العربية كشفت ارتباكهم من عودة وحدة الصف العربى    آرسنال يسعى لفوزه السادس على الأندية الإسبانية أمام أتلتيك بلباو بأبطال أوروبا    أمادورا البرتغالي يمهل الزمالك 72 ساعة لسداد 200 ألف دولار بصفقة شيكو بانزا    «عاشور» يشترط المساواه ب«زيزو وتريزيجيه» لتمديد عقده.. والأهلي يغلق الملف    السيطرة على حريق 7 أحواش ومنازل في قرية الحريدية بسوهاج    مصرع شاب تحت عجلات قطار المنوفية    ضبط المتهم بسرقة أجهزة من داخل وحدة صحية في حدائق أكتوبر    توماس جورجيسيان يكتب: سيد درويش.. من عمَّر قلوبنا ببهجة مشعشعة    حمزة نمرة: أغنية وافتكر قريبة جدًا لقلبي لهذا السبب    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    صلاح عبد العاطى: الفلسطينيون يواجهون إبادة جماعية ومخطط التهجير لا يزال قائمًا    مي فاروق ولميس الحديدي.. نجوم الفن والإعلام في عزاء أرملة سيد مكاوي    ترامب يهدد واشنطن بإعلان الطوارئ حال عدم تعاون الشرطة المحلية مع سلطات الهجرة    احذر هذه المشروبات .. أضرار بالغة تصيب الجهاز الهضمى    جريمة تهز الوراق.. شقيقان ينهيان حياة شقيقتهما والسبب صادم    تسمم 3 شقيقات بسبب وجبة كشري في بني سويف    وزير الري: المياه عصب الحياة للمشروعات التنموية والعمرانية    المجلس الأعلى للنيابة الإدارية يعقد اجتماعه بتشكيله الجديد برئاسة المستشار محمد الشناوي    مونشنجلادباخ الألماني ينافس الأهلي على التعاقد مع مدير فني .. مالقصة؟    موفد مشيخة الأزهر ورئيس منطقة الإسماعيلية يتابعان برامج التدريب وتنمية مهارات شيوخ المعاهد    بإطلالة جريئة.. أحدث ظهور ل دينا الشربيني أمام البحر (صور)    حماس: شعبنا ومقاومته ماضون في الدفاع عن أرضهم    ما حكم أخذ قرض لتجهيز ابنتي للزواج؟.. أمين الفتوى يوضح رأي الشرع    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    أستاذ بالأزهر يحذر من ارتكاب الحرام بحجة توفير المال للأهل والأولاد    حزب الله يعلن استعداده لخوض الانتخابات النيابية في لبنان    القليوبية تدعم التأمين الصحي بعيادات ووحدات جديدة (صور)    أسامة السعيد: الجامعة المصرية اليابانية.. مكان من المستقبل يجسد شراكة مصر واليابان    «باطلة من أساسها».. خالد الجندي يرد على شبهة «فترة ال 183 سنة المفقودة» في نقل الحديث (فيديو)    أبوريدة نائبًا أول لرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم    د. أسامة أبوزيد يكتب: عودة الخطيب    تأجيل محاكمة 25 متهمًا بخلية القطامية لجلسة 12 نوفمبر    بكين تحقق مع نيفيديا وسط تصاعد التوتر التكنولوجي مع واشنطن    تقديم الخدمات الطبية ل1266 مواطناً ضمن القافلة المجانية بقرية طاهر في كفر الشيخ    الفجر بالإسكندرية 5.16.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الثلاثاء 16 سبتمبر 2025    خافيير بارديم بالكوفية الفلسطينية في حفل جوائز إيمي    البنك المركزى يستضيف الاجتماع الأول لمجموعة عمل "تقرير الاستقرار المالي الإفريقي"    أرباح شركة دومتي تتراجع بنسبة 94% خلال النصف الأول من عام 2025    طبيب نفسي في ندوة ب«القومي للمرأة»: «لو زوجك قالك عاوزك نانسي عجرم قوليله عاوزاك توم كروز»    رابط نتائج الثالث متوسط 2025 الدور الثاني في العراق    ترامب يهدد بإعلان «حالة طوارئ وطنية» في واشنطن لهذا السبب    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    إسماعيل يس.. من المونولوج إلى قمة السينما    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    نبيل الكوكي يعالج الأخطاء الدفاعية فى المصري بعد ثلاثية الزمالك    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    «التضامن»: صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر بقيمة تزيد على 4 مليارات جنيه اليوم    بدء أعمال إزالة عقار حوض ال18 الآيل للسقوط فى الأقصر    ضبط ومصادرة 90 من المخالفات فى حملة لشرطة المرافق وحى غرب سوهاج    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بفرمان النحاس .. برنامج بدنى مكثف لتجهيز أحمد عبد القادر فى الأهلى    6 شهداء بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على خيمة نازحين بغزة    رياضة ½ الليل| سر إصابة زيزو.. الأهلي في الفخ.. شكوى جديدة لفيفا.. ودرجات مصر ب «تشيلي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموقع الإلكتروني «ويكيليكس» يفضح التستر الأمريكي علي فظائع الحرب القذرة في العراق
نشر في القاهرة يوم 02 - 11 - 2010

طرحت ثورة تكنولوجيا المعلومات المتقدمة أخطر ثمارها، وتمثل ذلك في موقع "ويكيليكس "الإلكتروني، المثير للجدل منذ إنشائه في ديسمبر 2006، والذي وصل إلي ذروته، بنشر أخطر وثائق الجيش الأمريكي حول عمليات القتل والتصفية والأعداد البالغة لضحايا الحرب في العراق، والمآسي اليومية المستمرة، والتي تسترت عليها الولايات المتحدة، بدءاً من الاحتلال الأمريكي للعراق في مارس 2003، والتي لايزال الكثير منها مستمرا حتي اليوم .
وجاء نشر موقع "ويكيليكس "للوثائق المثيرة للجدل حول العراق، في خضم أزمة صراع السلطة بين الفرقاء العراقيين، ليزداد خلط الأوراق وتبادل الاتهامات و ليثير ذلك أقاويل ذهبت إلي أن نشر الوثائق في الظروف الحالية، يعني لدي البعض أن الإدارة الأمريكية رفعت تأييدها لنوري المالكي، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، بعد أن أصبح مدعوما صراحة من جانب إيران، وبعد زيارته إلي طهران مؤخرا. كما طرحت تفسيرات أخري لنشر الوثائق حول العراق مؤداها أن الولايات المتحدة سحبت تغطيتها السابقة للممارسات التي تدخل في عداد الجرائم، والتي ارتكبتها حكومات عراقية، علي مدي سنوات .
علي الصعيد الأمريكي، أدان قائد الجيش الأمريكي مايك مولن نشر "ويكيليكس "لوثائق عسكرية سرية حول العراق، بدعوي أنها "تهدد حياة الكثيرين، وتوفر معلومات قيمة للخصوم "، خاصة أن الوثائق أكدت أن الولايات المتحدة كانت علي علم بأمر الممارسات المشينة، وأعمال التعذيب التي كانت، ولاتزال تحدث علي أرض العراق .
وفي المقابل، دعت منظمة "هيومان رايتس ووتش "لحقوق الإنسان، التي تتخذ نيويورك مقرا لها إلي فتح تحقيقات فيما تنشره "ويكيليكس " من حقائق خطيرة، وطالبت كلا من الولايات المتحدة والعراق بفتح تحقيقات لمعرفة ما إذا كانت القوات الأمريكية قد انتهكت الاتفاقيات الدولية في العراق، ودعت إلي قيام السلطات في العراق بالتحقيق لملاحقة مسئوليها الذين يثبت تورطهم في ممارسات التعذيب التي ارتكبت خلال الحرب .
يذكر أن موقع "ويكيليكس "سبق أن تعرض منذ ظهوره لعدة ملاحقات قضائية، بهدف إغلاقه .
"ويكيليكس "
في وقت سابق، قام موقع "ويكيليكس "بكشف ما أطلق عليه "فضائح الحكام والساسة "في عدة بلدان، منها الصين وكينيا، وفي أعقاب ذلك نال الموقع ومؤسسه "جوليان أسانج "إعجاب الدول الغربية الكبري، ووصف بالجرأة ونال الكثير من المديح إلي حد جعل البعض يطلقون عليه لقب "جيمس بوند الصحافة". غير أن الموقع الإلكتروني الشهير قرر المضي قدما في طريق كشف الأسرار وفضحها، أيا كان صاحبها، وتوالت اكتشافاته وعروضه المثيرة، فنشر منذ فترة معلومات سرية حول الحرب في أفغانستان،(77 ألف وثيقة )، ثم فتح الموقع جبهة جديدة للمصارحة الخطرة بنشره ما يقرب من 400 ألف وثيقة أمريكية سرية حول "الفظائع التي ارتكبت أثناء الحرب الأمريكية في العراق، وحينذاك، انقلبت الدنيا عليه، كونه تجاوز الخطوط الحمراء، وتجاسر علي كشف أسرار وفضائح تتعلق بالجيش الأمريكي، والجيوش الغربية التي عملت في العراق، الأمر الذي أغضب عليه الدول الكبري التي أدانتها وكشفت أسرارها الوثائق، وصار مؤسس الموقع "ويكيليكس"يوصف بالخائن، وأضحي مطلوبا من أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية .
ومنذ عام 2006، يقوم مؤسس "ويكيليكس "جوليان أسانج (39 سنة ) ، وزملاؤه، باستخدام القرصنة علي الكمبيوترات، وما يسميه الأصدقاء "اختبار ذكاء العباقرة "لتأسيس الموقع، تطبيقا لمفهوم "دق جرس الإنذار "وذلك عن طريق جمع أكبر عدد ممكن من الأسرار، وتخزينها بعيدا عن متناول يد الحكومات والأفراد المعنيين بها، ثم يقوم موقع "ويكيليكس"بالإفراج عن هذه الأسرار، والوثائق، دفعة واحدة، علي مستوي العالم.
أما بالنسبة لما يطلق عليه "المنظمة "والتي تقوم بإدارة موقع "ويكيليكس "فإنها تضم 40 متطوعا أساسيا، وحوالي 800 متطوع غالبيتهم لا يتقاضون مرتبات، ويقومون بتشغيل شبكة من خدمات الحواسب، وتأمين النظام وحمايته من الاختراقات التي استخدمها الموقع نفسه في الحصول علي المعلومات . ويعتبر موقع ويكيليكس نسخة غير خاضعة للرقابة من الموسوعة "ويكبيديا "وهي تكشف عن الوثائق والمستندات الحكومية السرية التي يتم تسريبها او سرقتها من المؤسسات والحكومات في مختلف أنحاء العالم، خاصة في الولايات المتحدة، والتي يري الموقع أنه يجب أن يطلع عليها الرأي العام، تحقيقا لمبدأ "الشفافية "، وبناء علي فلسفة يؤمن بها تقوم علي أن فضح الفساد وتصرفات الحكومات وسوء الإدارة هو هدف إنساني عظيم، ويمكن أن يؤدي إلي تغيير الواقع والتاريخ إلي الأفضل، كما حدث بعد فضح وكشف حقائق حرب فيتنام . ويؤكد موقع ويكيليكس أن معظم ناشطيه من علماء الرياضيات والتكنولوجيا من الولايات المتحدة وأوروبا واستراليا وتايوان وجنوب افريقيا . ويقول أحد المسئولين في ويكيليكس إن الموقع تلقي 2.1 مليون وثيقة سرية منفصلة حتي الآن، ويهدف بوجه عام إلي كشف الممارسات المشينة والسيئة بدون ترتيب مسئولية قانونية علي أي مبلغ عنها .
وتبدو هنا أهمية أنشطة "ويكيليكس "انطلاقا من رؤية مؤسسها أسانج الذي يصفه زملاؤه بأنه شخص طموح، ويتمتع بكاريزما خاصة، وقدرات ابتكارية، وثقة عارمة بالنفس، وهو مناهض للسياسة الأمريكية، ويري أن "الولايات المتحدة هي مجتمع معسكر علي نحو متزايد، وتشكل تهديدا للديمقراطية، وبما أن العالم يتعرض للهجوم من قبل أمريكا، فيتوجب علي الجميع اتخاذ موقف "الدفاع عن النفس ". ويؤكد أسانج الذي أصبح مطاردا في امريكا وأوروبا أن الهدف الذي يسعي إليه هو "الحقيقة "و "العدالة "ووقف الانتهاكات غير القانونية وغير الأخلاقية، ويؤكد أسانج أنه إذا لم يجد بلدا تمنحه حق الإقامة فسوف يتجه إما إلي موسكو أو كوبا.
(وعلي الغرب حينذاك أن يفسر معني تفضيل الصحفيين كوبا للجوء إليها ).
الوثائق والفضيحة الدولية
ليست هذه أول مرة يتم فيها نشر وثائق تتعلق بالحروب، ففي عام 1971، نشر دانيال إيلسبرج 100 وثيقة / دراسة سرية عن حرب فيتنام، كما أن الحكومات نفسها قد تقرر الكشف عن بعض وثائقها السرية بعد 30 أو 50 سنة، غير أن ما كشف عنه موقع ويكيليكس عن فظائع حرب العراق يعتبر التسريب الأكبر، لوثائق سرية عسكرية في التاريخ .
بالنسبة للشعب العراقي، المعني الأول بالأسرار والانتهاكات التي كشفتها الوثائق، فلم تحمل إليه هذه المستندات جديدا لم يخبره، فقد عاني العراقيون من المآسي والتخريب والقتل والتشريد والتعذيب وتدمير بلادهم ما يمكن أن يفوق ما تظهره الوثائق آلاف المرات، وإنما الجديد الذي يمكن أن يجنيه من واقعة موقع ويكيليكس هو إثبات الإدانات نحو مقترفي الجرائم التي ترقي إلي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهو ما لم يكن دليلا ماديا عليه، وبالتالي، فإن تحلت النخب العراقية بالشجاعة والمسئولية الوطنية، ونحت جانبا المصلحة الضيقة الأفق، وتولي محامو العراق ورجال القانون مسئولية جمع الشهود علي الجرائم والانتهاكات، فإن العراق يمكن، علي المستوي الدولي أن يثبت (الجريمة الدولية التي ارتكبتها الولايات المتحدة في تدمير بلد بأرضها وشعبها ومؤسساتها وحضارتها ) فضلا عن أن التحقيقات النزيهة، إذا ما تم إجراؤها في العراق، فإنها سوف تساهم في تنقية الساحة السياسية من أصحاب المصالح التي تشوه وجه الحياة في بلد، يتوخي تعديل مساره، والعودة إلي مسيرة البناء الوطني والإنساني، وبناء علي ذلك، يطالب البعض بمحكمة دولية خاصة، تتولي محاسبة المسئولين عن المأساة العراقية برمتها . لقد كشف موقع ويكيليكس عن حوالي 400 ألف وثيقة عن جرائم وفظائع لاتعد ولاتحصي، وقعت في العراق، منذ الاحتلال الأمريكي، ومن ذلك مقتل 66 ألف مدني عراقي علي يد الجنود الأمريكيين والبريطانيين، وأيضا العراقيين الذين انضموا إلي صفوف الحلفاء . ومما كشفته الوثائق عمليات حرق وبتر الأعضاء، والقتل البطيء، بما في ذلك إطلاق النار علي النساء والأطفال بطريقة عشوائية، وتعلقت أسرار هذه العمليات بتقارير كتبها جنود أمريكيون خلال حرب العراق بين عامي 2004 2009 . وتضمنت التقارير عمليات تعذيب ممنهجة، تمت علي أيدي قوات الاحتلال، وعمليات أخري قامت بها قوات عراقية . وأوردت الوثائق أن حوالي 109 آلاف شخص علي الأقل قتلوا، منهم 63 % من المدنيين، وأن القوات الأمريكية قتلت ما بين 600 700 عراقي مدني عند مناطق الحواجز في كل انحاء العراق، ومعظمهم قتل بطريق الخطأ . وأكدت منظمة "إحصاء قتلي العراق "أن الوثائق الجديدة التي عرضت كشفت عن مقتل 15 ألف مدني جدد ولم يكن معروفا عنهم شيئا من قبل، مما يرفع العدد الإجمالي للقتلي إلي 122 ألف شخص . أما عن أساليب التعذيب، فقد تراوحت بين الكهرباء، والجلد، والاعتداءات الجنسية .
الحرب الفوضي
استخدمت الولايات المتحدة في حرب العراق عددا كبيرا من المتعهدين الأمنيين وذلك لأنه لم يكن هناك العدد الكافي من الجنود الأمريكيين، وكان وجود هذا العدد الكبير من المتعهدين الأمنيين علامة واضحة علي مرحلة الفوضي الكبري في حرب العراق، وزيادة عدد الضحايا من المدنيين، خاصة أنه لم يكن ثمة أية عمليات تنسيق بين المتعهدين وقوات التحالف والقوات العراقية، وبالتالي تعددت حالات إطلاق النار العشوائي، مما جعل العراق ساحة للفوضي . بالإضافة إلي ذلك كشفت الوثائق دور الميلشيات المدعومة من إيران، ويبدو انها وميلشيات أخري كانت تمتلك سجونا تابعة لها تمارس أنواعا من التعذيب، فضلا عن "فرق الموت "التي نشرت الرعب بين العراقيين، ووجهت اتهامات صريحة بأن نور المالكي تورط في عمليات تعذيب وقتل ممنهجة ضد السنة وخصومه السياسيين . وهكذا، بدا واضحا من "الصورة العامة "لحرب العراق (وفقا للوثائق) ، كم كانت هذه الحرب مطية لتدمير العراق بالكامل، وجعله نهبا لنفوذ الأمريكيين، والإيرانيين، وفصائل عراقية فضلت التحالف مع الشيطان ضد بني وطنها، ونشرت الموت والرعب في ربوع الوطن العراقي .
الورطة الأمريكية
وفقا لما أوردته وثائق ويكيليكس من جرائم ارتكبتها (القوات ) التي حاربت في العراق، فإنها قدمت مادة تكفي لتقديم 40 دعوي قضائية عن جرائم قتل غير مشروع، وانتهاكات لحقوق الإنسان وقعت في العراق، هذا، علما بأن الموقع قام عمدا بإخفاء أسماء أكثر من 300 شخص، من المتورطين، خشية علي حياتهم . وفي سياق الغضب الذي ترتب علي كشف جرائم حرب العراق، دعت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة (نافي بيلاي) السلطات الأمريكية لإجراء تحقيقات عن جرائم التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في العراق . وإذا كان صحيحا أن الوثائق تدين إدارة أمريكية سابقة علي إدارة أوباما، فإنه مع ذلك وجد البنتاجون الأمريكي نفسه في موقف لايحسد عليه، ولايخلو من التناقض. فبينما يهاجم المسئولون الأمريكيون الموقع الكاشف للوثائق، فقد وصف البنتاجون هذه الوثائق بأنها تصنف تحت بند "عادية "ولاتتعلق بالأمن القومي الأمريكي . وقد علق (استيفن افتروود ) مدير مشروع أبحاث السرية الحكومية بأن الولايات المتحدة قد تتخذ سلسلة تدابير للحد من تدفق نشر الوثائق غير المسموح بها، ومن هذه التدابير خفض مستوي التصنيف للمعطيات الرسمية، غير أن خصوم الرئيس الأمريكي باراك أوباما باتوا يتساءلون إزاء نشر وثائق ويكيليكس السرية : كيف أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة علي الاحتفاظ بأسرارها، وفي الأجواء الأمريكية، أصبح هناك ما يعرف ب"فضيحة الوثائق العسكرية ".
وفي محاولة من الولايات المتحدة لاحتواء الموقف، وإنكار ما نسب إليها من جرائم تعذيب وانتهاكات للعراقيين علي أيدي قواتها او بإشرافهم، فإن واشنطن تسعي لتحميل الحكومة العراقية مسئولية هذه الانتهاكات بدعوي أن الأمريكيين كانوا يعلمون الجنود العراقيين كيف يحافظون علي حقوق الإنسان . وبالطبع يتغافل هذا الاتهام الأمريكي عن الحقائق التي يثبتها الواقع والشهود عن أن القوات الأمريكية في العراق أنشأت وحدة كوماندوز عراقية أطلقت عليها اسم "الكتيبة الذئب" بقيادة الجنرال الشيعي أبو وليد، وقد تم تدريب هذه الكتيبة علي أيدي القوات الأمريكية للإيقاع بالمسلحين، وقد أكد شهود كثر علي أن تلك الكتيبة كانت مسئولة عن عمليات تعذيب ممنهج، وعنف طائفي في أنحاء العراق .
ويبقي الاتهام الرئيسي الموجه للولايات المتحدة وفقا لما كشفته وثائق الموقع ويكيليكس هو أنها تسترت علي عدد الضحايا من المدنيين، وأنها قامت بالتغطية علي الميلشيات والفرق التي كانت تنشر الموت والتعذيب في العراق . ويقول محللون: إن المشكلة في ملاحقة المسئولين عن هذه الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية أن الولايات المتحدة لا تعترف أصلا بهذه المحكمة .
ووفقا لمصادر أمريكية، فإن هناك اتجاهات لمقاضاة موقع ويكيليكس بموجب قانون التجسس الأمريكي، ويؤكد المدعي العام الأمريكي أن المحاكمة ستكون قانونية، ويؤكد أسانج أنه تعرض لضغوط ضخمة لمنعه من نشر الوثائق، ويستهزئ مسئول ويكيليكس من رد فعل البنتاجون الأمريكي علي نشر الوثائق مؤكدا أن البنتاجون لا يكف عن الكذب الذي يضاف إلي كذب الإدارة الأمريكية، فقد سبق أن أكد الرئيس اوباما أنه سيتم منع التعذيب وإغلاق معتقل جوانتانامو، ولكن الإدارة الأمريكية لا تزال تسلم أشخاصا إلي جهات تتولي تعذيبهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.