حثت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومتين الأمريكية والعراقية العميلة لبدء تحقيقات بشأن تقارير تعذيب وانتهاكات ضد معتقلين عراقيين، على خلفية نشر مستندات عسكرية سرية عن حرب العراق، برر موقع "ويكيليكس" الإلكتروني نشرها بهدف كشف الحقيقة. وذكرت المنظمة أن الملفات السرية المنشورة تتضمن أدلة لتعرض معتقلين للقتل والتعذيب على يد قوات الأمن العراقية، داعية الحكومة العراقية العميلة لمحاكمة المسئولين عن هذه التجاوزات.
وكان موقع "ويكيليكس" قد بادر، ووفق التوقعات، إلى نشر قرابة 400 ألف وثيقة سرية تتعلق بالحرب الأمريكية في العراق، الجمعة، وذلك بعد عدة أشهر من نشر ملفات مماثلة بشأن الحرب في أفغانستان، في خطوة قوبلت بانتقادات حادة في واشنطن.
كما حثت "هيومان رايتس ووتش" الحكومة الأمريكية للنظر إذا ما انتهكت قواتها القانون الدولي بتسليم الآف المعتقلين في عهدتها إلى السلطات العراقية، رغم تحذير المنظمة المعنية بحقوق الإنسان من مخاطر واضحة بتعرضهم للتعذيب".
وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط بالمنظمة "هذه الإفصاحات الجديدة تظهر تفشي التعذيب على يد قوات الأمن العراقية التي تفلت دون عقاب على الإطلاق".
وأضاف "من الواضح أن السلطات الأمريكية كانت على علم بالانتهاكات المنهجية للقوات العراقية، ولكن رغم ذلك سلموا الآلاف من المعتقلين".
وعلى صعيد متصل، قال نشطاء مناهضون للحرب، في مؤتمر صحفي السبت، إن الوثائق السرية تضيف إلى إجمالي الحصيلة الرسمية لعدد القتلى المدنيين في حرب العراق، أكثر من 15 ألف ضحية جديدة لم تكن معروفة من قبل.
وقال جوليان آسانج، الرئيس التنفيذي لموقع "ويكيليكس": "رأينا بأن هناك قرابة 15 ألف حالة لم تكن موثقة أو معروفة لمدنيين قتلوا في عنف العراق".
وبذلك يصل إجمالي عدد القتلى المدنيين في الحرب التي شنتها الولاياتالمتحدة عام 2003، إلى 122 ألف قتيل، وفقاً ل"إحصاء قتلى العراق"، وهي منظمة مناهضة للحرب.
وبرر آسانج نشر وثائق حرب العراق، التي تعد أكبر تسريب لوثائق عسكرية في التاريخ، بهدف كشف الحقائق الخفية حيال حرب العراق، منوهاً بأن "الهجوم على الحقيقة بدأ قبل الحرب بفترة طويلة واستمر لمدة بعد نهايتها".
وأردف قائلا "بنشرنا 400 ألف وثيقة تتعلق بحرب العراق، نساهم بكشف التفاصيل الجوهرية للحرب من منظور أمريكي، ونأمل تصحيح جانب من ذلك الاعتداء على الحقيقة الذي وقع قبل الحرب، وخلالها، والذي استمر إلى أن انتهت الحرب رسمياً".
وتلقي الملفات السرية المسربة الضوء على جوانب مخفية لم يكشف عنها من قبل، مثل عدد المدنيين العراقيين الذين قتلوا، وكيف أن الغالبية العظمى من هؤلاء الضحايا قضوا على أيدي عراقيين آخرين.
وعلى الجانب الآخر، نشرت صحيفة "التايمز" أن الوثائق تكشف "الكثير من التقارير غير المنشورة سابقاً" عن حوادث قتلت فيها القوات الأمريكية مدنيين في نقاط تفتيش أو أثناء عمليات عسكرية، أو بمروحيات هجومية، منها على الأقل أربعة حوادث دموية باستخدام تلك الطائرات القتالية.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن القوات الأمريكية تغاضت عن تجاوزات للقوات العراقية، حيث تنص القوانين العسكرية على الإبلاغ عنها للسلطات (العراقية).
وبدورها، قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن الملفات نشرت تفاصيل عمليات تعذيب وإعدامات وجرائم حرب، وأن السلطات الأمريكية فشلت في التحقيق في المئات من تقارير انتهاكات وتجاوزات جرائم قتل وتعذيب واغتصاب نفذتها قوات الأمن العراقي.
فقاعات إعلامية! وعلى الجانب العراقي، رد مكتب رئيس الوزراء، نوري المالكي، على الانتقادات التي طالته بسبب المعلومات المنشورة في الوثائق المسربة بموقع "ويكي ليكس،" واصفاً ما قيل حول دور الأجهزة الأمنية العراقية بعمليات قتل لمدنيين بأنها "ألاعيب وفقاعات إعلامية،" واتهم الموقع بالتنسيق مع وسائل إعلام تستغل المعلومات لشن حملة عليه، وفق زعمه.
واعتبر المالكي أن وسائل الإعلام قامت بنشر بعض الوثائق "بطبيعة انتقائية"، وأضاف أنها تنقسم إلى قسمين "يتحدث الأول عن تصرفات الجيش الأمريكي وشركات الحماية التابعة للجانب الأمريكي في العراق وهو القسم الذي يجب أخذه بالاعتبار نظرا لما يقدمه الجيش الأمريكي، مما يمكن وصفه باعترافات عن أعمال قام به بعض عناصره أو القطعات التابعة له أو شركات الحماية مثل بلاك ووتر".
وتابع بيان مكتب المالكي أن هذه القضايا كانت السبب في انتقاد الحكومة العراقية لقواعد الاشتباك التي طبقها الجيش الأمريكي، والتي "وصلت أحيانا حد حدوث أزمة بين الجانبين"، وفق زعمه.
واعتبر البيان أن القسم الثاني الذي يتناول أطرافا غير أمريكية "لا يدخل في دائرة الاعتراف بل يمكن اعتباره أحيانا اتهامات يجب النظر إليها بحذر وإحالتها إلى التحقيق"، مضيفاً أن الحكومة العراقية "ستأخذ مثل هذه الوثائق بنظر الاعتبار لترى من خلال التحقيق مدى مطابقتها للحقيقة ليتم متابعة ذلك قانونيا".
ورأى البيان أن "الضجة التي تقودها بعض الجهات الإعلامية تحت غطاء الوثائق المذكورة ضد جهات وقيادات وطنية وخصوصا دولة رئيس الوزراء تثير في أسلوبها وتوقيتها أكثر من علامة استفهام"، وعاد وشدد على "تأكيد الثقة بوعي المواطن نظرته الثاقبة لمثل هذه الألاعيب والفقاعات الإعلامية التي تقف خلفها أهداف سياسية معروفة لا تنطلي على شعبنا"، على حد زعمه.
وتحدث البيان عن "تواطؤ" بين موقع "ويكيليكس" وبين جهات إعلامية تشن الحملات على الحكومة العراقية.
وأضاف "أما الحديث عن فرق اغتيالات اعتقالات أو ضغوط أو غير ذلك فإننا نؤكد أن لدولة رئيس الوزراء باعتباره قائدا عاما للقوات المسلحة أجهزة كاملة تقوم بواجبها للاعتقال وإنزال العقوبة حينما يحكم القضاء والجهات المختصة بذلك كما أنها تعتقل من تصدر بحقه أوامر الاعتقال، لا على أساس طائفي أو حزبي".
وكان موقع "ويكيليكس" قد بدأ الجمعة ما وصف بأنه أكبر تسريب لمعلومات عسكرية في التاريخ، عبر نشر نحو 400 ألف وثيقة سرية عن العدوان على العراق، فيما قال القائمون على الموقع الإلكتروني أن الملفات تكشف عن "أدلة دامغة لجرائم حرب".
وتلقي الوثائق، التي نشرها الموقع الإلكتروني المثير للجدل، الضوء عن عدد العراقيين الذي قتلوا في الحرب، والدور الذي لعبته إيران في دعم المليشيات العراقية بالإضافة إلى العديد من التقارير عن تجاوزات لقوات الأمن العراقي، وفق ما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز".
ويشار إلى أن الصحيفة واحدة من قلة من المؤسسات الصحفية سمح لها مبكراً معاينة الملفات السرية.
وتكشف المستندات الجديدة عن أن الغالبية العظمى من القتلى المدنيين قتلوا بأيدي عراقيين آخرين.
وقال السكرتير الصحفي لوزارة الحرب الأمريكية، جيوف موريل، إنه تم إبلاغ عراقيين كشفت هوياتهم بنشر الوثائق السرية، مضيفاً "هناك أسماء 300 عراقي، نعتقد أنهم معرضون للخطر بهذا الكشف".
وأضاف "أبلغنا القوات الأمريكية في العراق، وهم يجرون الآن اتصالات مع أولئك العراقيين للحفاظ على سلامتهم".
ويشار إلى أن البنتاجون لم يبادر، وكإجراء تحوطي، بتحذير مدنيين عراقيين تعاونوا مع الجيش الأمريكي، من احتمالات نشر أسمائهم على الإنترنت.
وبرر العقيد ديفيد لابان، كبير المتحدثين باسم وزارة الحرب "لم نرد إخطار الناس مسبقاً ومن ثم لا تظهر أسمائهم في المستندات المنشورة.. رأينا بأنه ما من داع لإزعاجهم دون سبب".
وأدان البنتاجون نشر ملفات العراق السرية، التي قال الموقع الإلكتروني، الذي سبق وأن نشر ملفات الحرب الأفغانية، إنها بلغت 391،832 تقريراً.
وقال موريل "هذه معلومات مصنفة كسرية وليس للعرض على الجمهور.. أبرز مخاوفنا أنها قد تعرض قواتنا لخطر أكبر مما هي عليه في الأصل بأرض المعارك لأنها تكشف التكتيكات والتقنيات والإجراءات، وكيفية عملهم بساحة القتال وكيفية ردهم على هجمات، وقدرات أجهزتنا.. كيف ننمي المصادر (و) وكيف نعمل مع العراقيين".
وبحسب محللي صحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن المستندات تكشف تفاصيل تعذيب وإعدامات وجرائم حرب، حيث فشلت السلطات الأمريكية في التحقيق في مئات التقارير عن انتهاكات وتعذيب واغتصاب وجرائم قتل ارتكبتها قوات الأمن العراقية التابعة للحكومة العميلة، من جيش وشرطة، كما أظهرت المستندات، على ما أوردت الصحيفة.
وتقول منظمة "إحصاء قتلى العراق" إن الوثائق الجديدة تكشف عن مقتل 15 ألف مدني، وهي إحصائية لم تكن معروفة من قبل، مما يرفع إجمالي القتلى المدنيين إلى 122 ألف قتيل.
وقال جون سلوبودا، مؤسس المنظمة المناهض لحرب العراق "هذه أضخم إضافة مفردة لبياناتنا منذ بدايتنا".
وكشفت الملفات السرية عن 109 وفاة في العراق، منها 66،081 مدنياً، و23،984 من المسلحين، و15196 من قوات الأمن العراقية بجانب 3،771 من قوات التحالف.
ومن جانبه قال مؤسس الموقع الإلكتروني المثير للجدل، جوليان آسانج في مقابلة مع الشبكة، الجمعة، إن حزمة التقارير الميدانية الجديدة تكشف عن "أدل دامعة لجرائم حرب" ارتكبتها قوات التحالف التي تقودها الولاياتالمتحدة والحكومة العراقية.