اهتم العالم كله بما نشره موقع "ويكيليكس" الالكتروني لوثائق سرية عن ممارسات الولاياتالمتحدةالأمريكية في العراق. لقد حولت الولاياتالمتحدةالأمريكية دولة العراق إلي دويلات متنازعة بل وأرجعت العراق سنوات طويلة إلي الخلف بعد أن شتتت شعبه ودمرت اقتصاده وكل البني التحتية التي أنجزها العراق خلال السنوات التي سبقت الغزو الأمريكي المدمر. كان العراق هو حصن العرب الذي يحمي حدودها الشرقية من أي مساس.. كان العراق هو القوة التي ترهبها إسرائيل وتعمل لها ألف حساب.. ولكن الوثائق التي نشرها موقع "ويكيليكس" كشفت حقيقة الوجه الأمريكي القبيح كما كشفت حقيقة نور المالكي وانحيازه الطائفي ودوره كقائد لفرق عسكرية سرية تنفذ أوامره للاغتيال والاعتقالات والتعذيب والقتل علي الهوية. لقد كشفت تلك الوثائق عن دور حكومة المالكي في تهيئة المناخ لتقسيم العراق وتفتيته إلي دويلات لا حول لها ولا قوة. نشر موقع "ويكيليكس" نحو 400 ألف وثيقة من الملفات الأمريكية السرية عن حرب العراق في أكبر تسريب من نوعه في تاريخ الجيش الأمريكي. في نفس الوقت أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" عن اعتقادها بأن هذا الموقع الإلكتروني لديه وثائق سرية لم تنشر حتي الآن. نافي بيلاوي.. المفوضة العليا للشئون الانسانية بالأممالمتحدة أكدت أن الوثائق التي نشرها الموقع توحي بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت تعلم تماما بالاستخدام الشامل للتعذيب وسوء معاملة المعتقلين العراقيين ولكنها رغم ذلك واصلت تسليم المعتقلات الموجودة لدي الجيش الأمريكي إلي القوات العراقية الميليشيات الشيعية. الملفات السرية التي نشرها موقع "ويكيليكس" تفصح عن الملفات السرية عن أهم القوات الأمريكية كانت تحتفظ بتوثيق للقتلي العراقيين والذين بلغ عددهم 285 ألف ضحية. ولكن الموقع الإلكتروني أكد ان العدد الحقيقي للضحايا المدنيين علي يد قوات الاحتلال الأمريكيين والميليشيات الشيعية أضعاف هذا العدد وأغلبهم من المناطق السنية. منظمة "هيومن رايتس ووتش" دعت العراق والولاياتالمتحدةالأمريكية إلي مقاضاة هؤلاء المسئولين عن التعذيب والجرائم غير الانسانية وأضافت أنه ينبغي علي العراق أن يقاضي أولئك المسئولين عن التعذيب والجرائم الأخري. وأضافت ان الحكومة الأمريكية يجب أن تحقق أيضا فيما قامت به قواتها من اختراق للقانون الدولي عندما قامت بتسليم أعداد كبيرة من المعتقلين للقوات العراقية رغم وجود مؤشرات عن عمليات التعذيب. "جو ستووك" نائب المدير العام لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أشار إلي أنه من الواضح ان واشنطن كانت تعلم بالتعذيب المنهجي من قبل القوات العراقية ورغم ذلك سلمت الولاياتالمتحدة آلاف المعتقلين للعراقيين. مانفرد نوال مقرر الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب حث الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي إصدار أمر بإجراء تحقيق في الوثائق المنشورة. كذلك صرح "جوليان سانج" مؤسس موقع "ويكيليكس" في مؤتمر صحفي في لندن بأن الوثائق أظهرت أدلة دامغة عن ارتكاب جرائم حرب في العراق وكشفت عن أن "15 ألف" حادث قتل تعرض لها مدنين بعد التعرف علي هويتهم. ويؤكد سانج في نفس الوقت ان الوثائق التي نشرها الموقع تشير إلي أن القيادة العسكرية الأمريكية بالعراق كانت علي علم بانتهاكات حقوق الإنسان وأعمال التعذيب التي كان المعتقلون يتعرضون لها في السجون العراقية ولكن رغم تلك المعرفة لم تحقق الجهات الأمريكية في الأمر. الجهة العربية الوحيدة التي اهتمت بالأمر هي دول مجلس التعاون الخليجي التي دعت الولاياتالمتحدة إلي فتح تحقيق في أعمال القتل والتعذيب التي كشفت عنها الوثائق السرية التي نشرها موقع "ويكيليكس" علي الإنترنت. وبدلا من مسارعة الولاياتالمتحدةالأمريكية للتحقيق فيما جاء في هذه الوثائق فإن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أظهرت غضبها علي تسريب كل الوثائق من خلال موقع "ويكيليكس" وأدانت كلينتون عملية نشر تلك الوثائق بقوة لان تلك الوثائق حسب رأيها قد تعرض الجنود الأمريكيين والعاملين الأمريكيين خارج الولاياتالمتحدة للخطر كما أن ذلك النشر حسب رؤيتها يهدد الأمن القومي الأمريكي وأمن من تتعامل معهم الولاياتالمتحدةالأمريكية. تصريحات هيلاري كلينتون كشفت عن حقيقة التفكير الأمريكي. فوزيرة الخارجية الأمريكية تدين نشر الوثائق ولكنها لا تدين عمليات القتل علي الهوية وعمليات التعذيب البشعة وسقوط أكثر من 285 ألف ضحية عراقية إلي جانب تدمير الاقتصاد العراقي وكل البنية التحتية في العراق. وبدلاً من أن تعتذر كلينتون للشعب العراقي عن كل ما حدث له من دمار وموت بسبب استعمال القوات الأمريكية لليورانيوم المخصب.. فإنها لم تدن إلا الكشف عن تلك الجرائم. لم تأسف هيلاري كلينتون عن الأساليب الوحشية التي ارتكبت ضد الشعب العراقي تحت دعاوي الديمقراطية ولكنها دافعت عن استخدام المرتزقة.. ودافعت عن عدم المساس بهم أو محاكمتهم.. بل تعهدت بتوفير الحماية لهم. كذلك أظهرت كلينتون عن مخاوفها من ردود الأفعال علي ما ارتكبته الولاياتالمتحدة من جرائم في حق الانسانية. إلي جانب ما كشفته الوثائق عن التصرفات الأمريكية غير الانسانية فقد كشفت تلك الوثائق عن استخدام الولاياتالمتحدة للخلافات المذهبية بين الشيعة والسنة في العراق مع بداية الغزو الأمريكي منحت الولاياتالمتحدة الفرص أمام الهاربين من العراق من الشيعة لتعيدهم إلي العراق وتستخدمهم في ضرب العرب السنة. لقد ظلت العلاقات الأمريكية السرية مع إيران.. فكيف يمكن لنا أن نفسر موقف الشيعة من الغزو؟ وكذلك كيف يمكن أن تسمح الولاياتالمتحدةالأمريكيةلإيران في الأيام الأولي من الغزو للدفع بقواتها المتخفية في زِي مدني في كل مدن العراق مع تدفق الأسلحة الإيرانية والخبراء العسكريين علي العراق لتشكيل الميليشيات الشيعية والخاصة بالاحزاب والتنظيمات الشيعية التابعة لإيران وخصوصا جيش المهدي التابع لمقتدي الصدر ومنظمة بدر التي تمثل الجناح العسكري للمجلس الأعلي الإسلامي بقيادة عائلة الحكيم؟ التقارير السرية التي تم الكشف عنها تذكر أسماء ضباط إيرانيين يعملون بشكل منتظم في العراق تحت سمع وبصر القوات الأمريكية.. تقول التقارير المنشورة مؤخرا ان هناك ضباطاً إيرانيين يعملون بشكل منتظم في العراق قاموا بعمليات لإبادة عدد من السنة العرب كما قاموا أيضا بإقامة نقاط تفتيش مشتركة مع عناصر من الشيعة وقتل أي عراقي سني دون أن تتدخل القوات الأمريكية بل ان السلاح الإيراني كان يتدفق علي العراق مع وجود ضباط إيرانيين لتدريب الميليشيات الشيعية تحت بصر الجيش الأمريكي. ان تلك المواقف الأمريكية التي أعطت الفرصة للإيرانيين لكي ينظموا الجيوش والميليشيات ويسمحوا لهم بقتل العرب السنة علي الهوية تجعلنا في حيرة من الأمر بالنسبة للعلاقات الأمريكيةالإيرانية. إذا كانت إيران تعلن باستمرار أن عدوها الرئيسي الولاياتالمتحدةالأمريكية فكيف يمكن ان نفسر فتح الولاياتالمتحدة العراق أمام الميليشيات الشيعية بل ومساعدتها ضد العرب السنة. كذلك لا يمكن أن نفسر امتناع الشيعة العراقيين عن مقاومة الغزو الأمريكي.. والقيام بكل الأعمال بعد استبعاد كل القوي العربية السنية.. بل ان كل من حكموا العراق بعد الغزو الأمريكي هم من الشيعة.. أفيدونا أفادكم الله لأننا احترنا حيال إيران ومواقفها المتضاربة من بين ادعاء العداء للأمريكيين والتعاون معهم علي السيطرة الإيرانية علي العراق.